الوقت – بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن جولته الإقليمية بهدف تقارب أكبر بين الدول الخليجية والکيان الصهيوني.
ولكن إضافة إلى موقف الدول العربية في المنطقة ضد تطبيع العلاقات، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أمس، بعد اجتماع جدة، أن قضية الناتو الشرق أوسطي أو تعزيز التعاون بين الدول الخليجية والکيان الصهيوني، لم تُطرح في هذا الاجتماع.
وفي هذا الصدد أيضًا، أصدرت 28 منظمة مجتمع مدني كويتية رسميًا بيانًا لدعم الشعب الفلسطيني، وأعلنت معارضتها لأي تطبيع للعلاقات مع الکيان الصهيوني.
الخطوات المهتزة في الأراضي المحتلة
لكن بصرف النظر عن هذه المواقف، في تطورات الأيام الأخيرة خلال زيارة بايدن الإقليمية، كانت هناك بعض الأحداث التي يؤدي التدقيق فيها إلى إجابات محددة.
بدأت زيارة بايدن من الأراضي المحتلة، ولم يكن لهذه الزيارة هدف سوى إعطاء جرعة دعم للكيان الصهيوني الذي يواجه مشاكل كبيرة من الداخل.
في الأشهر الأخيرة، واجه الصهاينة أزمات حادة في القضايا الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والمعيشية، وزيارة الرئيس الأمريكي وحدها لا يمكن أن تعالج هذه المشاكل البنيوية.
الصفعات المتتالية
بعد زيارة الأراضي المحتلة، وصل بايدن إلی السعودية. وعلى عكس الحالات السابقة أثناء زيارة الرؤساء الأمريكيين الآخرين، لم يكن الملك ولا ولي عهد السعودية حاضرين في حفل الاستقبال.
تلقى بايدن أول صفعة في هذه الزيارة من الرياض. وكان ذلك فيما أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية بعد زيارة بايدن، أن الرئيس الأمريكي لن يصافح ولي العهد السعودي خلال حفل الاستقبال.
في المقابل، من خلال إرسال أمير مكة المکرمة لاستقبلال جو بايدن، أظهرت السلطات السعودية أن من يحتاج إلى المساعدة هو الولايات المتحدة، التي لا تتمتع بشروط مواتية هذه الأيام، لا في الداخل ولا في الخارج ولا في المنطقة.
طبعاً، جدير بالذكر أن بايدن التقى ولي العهد السعودي أثناء حضوره قصر السلام في جدة، وصافحه أيضًا باتباع البروتوكولات المتعلقة بكورونا.
تحالف لم يتشكل
بالتزامن مع هذا الحادث، أكد وزير الخارجية الإماراتي، وهو أيضًا مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، أن الإمارات لن تشارك في أي تحالف يتم تشكيله ضد إيران.
هذا في حين أن المسؤولين الأمريكيين کانوا يأملون في أن تحقق جولة بايدن الإقليمية إنجازات مثل زيادة الضغط الإقليمي على إيران، وتطوير العلاقات بين الدول العربية والکيان الصهيوني.
والنقطة المهمة الأخرى التي لا ينبغي إغفالها، هي الموقف اللين وغير المثير للتوتر لقادة السعودية والدول الأخرى في اجتماع جدة. فعلى عكس الاجتماعات السابقة لقادة الدول الخليجية، والتي رأينا في معظمها مواقف معادية لإيران، فإن هذا المستوى من المواقف لم يظهر في اجتماع جدة.
انتقاد سياسات واشنطن
خلال اجتماع جدة وفي کلمة محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، والذي كان أيضًا المتحدث الأول في الاجتماع، أثيرت نقطة لا ينبغي إغفالها.
حول الالتهاب في الأسواق العالمية، قال محمد بن سلمان: “إن تبني سياسات غير واقعية من خلال إقصاء مصادر طاقة رئيسة دون مراعاة الأثر الناتج عن هذه السياسات، سيؤدي في السنوات القادمة إلى تضخم غير معهود وارتفاع في أسعار الطاقة”.
إن تحليل هذه العبارة ليس بالأمر الصعب؛ حيث انتقد ولي العهد السعودي سياسات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في سياق مقاطعة النفط والغاز الروسي، الأمر الذي أدى إلى التضخم الحالي في سوق الوقود العالمية.
كان معروفًا من قبل أنه في هذه الظروف، يبدو أن الهدف الأول لجو بايدن من هذه الجولة الإقليمية، هو تنظيم وضعه الداخلي في أمريكا. وفي هذا الصدد، يحاول رئيس الولايات المتحدة الحصول على مزيد من الدعم من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، من خلال زيارة الأراضي المحتلة.
ومن زيارته إلى السعودية أيضًا، يتابع بايدن الاستقرار في سوق النفط العالمي، الذي يعاني من مشاكل بسبب عواقب الحرب في أوكرانيا. کما أن صفقات الأسلحة الضخمة مع السعودية، هي أيضًا قضية يمكن أن تساعد الاقتصاد الأمريكي المضطرب.
بصرف النظر عن هذه القضايا، والتي هي من الأولويات الرئيسية في زيارة بايدن إلى المنطقة، ربما تكون لديه أهداف أخرى أيضًا، مثل تشكيل حلف الناتو الإقليمي بهدف زيادة الضغط على إيران. لكن كثافة الأزمات التي يواجهها بايدن، قد لا تمنحه الفرصة للتفكير في هذه الأهداف الثانوية.
لکن الآن، ومع انتهاء هذه الزيارة ومراجعة المؤشرات أعلاه خلال زيارة بايدن وبعدها، هناك استنتاج واحد فقط أمامنا، وهو أن هذه الزيارة لم تحقق هدفًا محددًا من حيث النتائج، على الأقل حتى الآن.
حتی يمكن القول إن جولة جو بايدن الإقليمية، بدلاً من إظهار القوة الزائفة والمنهارة لأمريكا في المنطقة، أظهرت عدم قدرة واشنطن على التأثير على التطورات في المنطقة.