الرئيسية / أخبار وتقارير / لن تنتهي الانقسامات الإسرائيلية الداخلية حتى بإستقالة “نتنياهو

لن تنتهي الانقسامات الإسرائيلية الداخلية حتى بإستقالة “نتنياهو

لن تنتهي الانقسامات الإسرائيلية الداخلية حتى بإستقالة 

لن تنتهي الانقسامات الإسرائيلية الداخلية حتى بإستقالة "نتنياهو"

مواضيع ذات صلة

كابوس المأزق الاقتصادي يأرق حكومة نتنياهو

الوقت- إن الوضع الداخلي للنظام الصهيوني ملتهب وعاصف منذ شهور وهناك مئات الآلاف من المواطنين الصهاينة تحت قيادة مسؤولين سابقين نزلوا إلى الشوارع منذ أكثر من ثلاثة أشهر لمعارضة خطة إصلاح النظام القضائي ولقد ضيقوا المجال أمام نتنياهو لدرجة أنه على الرغم من تساقط عشرات الصواريخ من لبنان وسوريا وغزة، ولكن حتى هو لم يجرؤ على الدخول في صراع مع الفلسطينيين. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أنه على الرغم من انسحاب نتنياهو من خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل، فإن المتظاهرين لم يتوقفوا عن تنظيم مسيرات خلال الايام الماضية وهم يصرون على استمرار الاحتجاجات في الشوارع حتى تتم تلبية مطالبهم. ولقد جعل هذا الوضع مسار التطورات الإسرائيلية غامضًا للغاية وجاهزًا للتغيير. وفي هذه الحالة، ومن أجل التحقيق في الأوضاع الأمنية والسياسية للأراضي المحتلة، قمنا بإجراء مقابلة صحفية مع “مجيد صفاتاج” الخبير في شؤون غرب آسيا.

“الوقت”: لماذا، على الرغم من انسحاب نتنياهو من قانون إصلاح النظام القضائي، يستمر المتظاهرون في الاحتجاجات؟. ما سبب استمرار الاحتجاجات في الاراضي المحتلة؟ ومن أين تأتي الجذور الرئيسية للاختلافات؟

“مجيد صفاتاج”: يجب رؤية جذور هذه الاختلافات، التي تم الكشف عنها للعالم اليوم، في تشكيل التاريخ الزائف للنظام الصهيوني، أي عندما هاجر اليهود من جميع أنحاء العالم إلى أرض الميعاد، تسببت مواجهة السكان المهاجرين مع السكان الأصليين في الأراضي المحتلة، التي يسمونها إسرائيل، وكذلك تنوع الثقافات المختلفة بين الصهاينة الذين هاجروا إلى الأراضي المحتلة، في انعدام الوحدة والتماسك بين السكان الصهاينة. وفي بداية تشكيل هذا النظام، ادعت السلطات الصهيونية أن هجرة اليهود إلى الأراضي المحتلة أشبه بضخ الدم في عروق النظام الجديد، وكلما زادت موجة الهجرة، زادت قوة جسد النظام الصهيوني، لكن الهجرة إلى إسرائيل بثقافات ولهجات مختلفة تسببت في تكوين انقسامات اجتماعية في المجتمع الصهيوني، وكانت النقطة المشتركة الوحيدة بين سكان إسرائيل هي هويتهم اليهودية.

في العقود الأولى من تأسيس الكيان الصهيوني، لم تكن الانقسامات واضحة للغاية، لكن مزيج المهاجرين مع السكان الأصليين لفلسطين المحتلة أدى إلى تعميق الانقسامات داخل الصهيونية يومًا بعد يوم، ودفعت هذه التحديات الاجتماعية البيئة السياسية للنظام الصهيوني نحو التعددية والتنوع في تشكيل الأحزاب السياسية، ومع تنوع الأحزاب السياسية ظهرت تحديات كبيرة وكانت هذه الانقسامات الاجتماعية عقبة خطيرة أمام تشكيل هوية واحدة في الكيان الصهيوني. ولقد نشأت هذه الانقسامات بين العرب واليهود، المتدينين والعلمانيين، اليساريين واليمينيين، الأشكناز والسفارديم، وكذلك بين الصهاينة. ولقد اعتقد الصهاينة أنه لا يزال يتعين عليهم التمسك بتعاليم وأفكار الصهيونية، ويعتقدون أنه بسبب المقاومة الفلسطينية، يجب أن يوافقون على إقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.

لذلك، تسببت هذه الفجوات في عدم وجود توافق بين الفئات الاجتماعية وتسببت في نهاية المطاف في أزمة في تشكيل الهوية الوطنية والسياسية وعملية بناء الأمة في المجتمع الصهيوني. وإذا وضعنا كل هذه الثغرات بجانب البيئة الأمنية للنظام الصهيوني، فإن ذلك يزيد من احتمالية انهيار هذا النظام.

في العقود الأخيرة ومع نشوء الانتفاضة الفلسطينية ضد الغزاة وتعزيز فصائل المقاومة، تحول الوضع إلى ما يضر الصهاينة، ومنذ ذلك الحين توصل بعض قادة تل أبيب إلى استنتاج مفاده بأنه يجب التفاوض مع الصهاينة والقادة الفلسطينيين، من أجل ضمان أمن الأراضي المحتلة، ويجب أن يتوصلوا إلى تشكيل حكومتين، ولقد بدأت المفاوضات حول هذه القضية قبل ثلاثة عقود بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. ومن جهة أخرى، على الساحة الإقليمية، انقلبت الأوضاع ضد النظام الصهيوني، واستطاعت فصائل المقاومة، بما فيها حزب الله اللبناني، تغيير التوازن ضد هذا النظام لصالحها بهزيمة الجيش الصهيوني عام 2006.

ويواجه الكيان الصهيوني حاليا ثلاثة انقسامات داخلية رئيسية. والفئة الأولى هم من يريدون حل “الأرض مقابل الأمن” ويقبلون بإقامة دولة فلسطينية بما يضمن الأمن والخروج من الأراضي المحتلة. والفئة الثانية تعتبر دول المنطقة تهديدًا خطيرًا لأمن هذا النظام، ويعتبرون استراتيجيات المقاومة بعيدة المدى التي تقودها إيران تهديدًا خطيرًا لهم. والمجموعة الثالثة من المتدينين الذين يعتبرون أي تراجع عن التعاليم الصهيونية خيانة لقضيتهم. ولقد أدت هذه التهديدات، إلى جانب الانقسامات الاجتماعية الداخلية، إلى حدوث أزمة سياسية في الأراضي المحتلة، يمكن أن نراها هذه الأيام.

“الوقت”: إذا انسحب نتنياهو من الإصلاحات القضائية بشكل عام فما هو المصير الذي ينتظره؟ ما هو تأثير استمرار الاحتجاجات الواسعة على التطورات الداخلية في الأراضي المحتلة؟

“مجيد صفاتاج”: نتنياهو من الصهاينة الذين يعتبرون محور المقاومة وإيران تهديدا خطيرا لأمن الكيان الصهيوني، وهو الآن في وضع حيث بسبب قضايا الفساد، إذا استقال أو أقيل، يجب محاكمته على أساس القانون. لذلك، ومن أجل التهرب من الحكم في قضايا الفساد الخاصة به، حاول الموافقة على خطة إصلاح الهيكل القضائي بمساعدة المتطرفين، لكنه تراجع عن هذه الخطة بعد تزايد المعارضة. وعلى الرغم من أن موجة المعارضة ظاهريًا ترجع إلى معارضة الموافقة على خطة إصلاح الهيكل القضائي، إلا أن هذا القرار لم يكن السبب الرئيسي لهذه الأزمة والاختلافات والتي تضرب بجذورها في التاريخ الزائف لهذا النظام ولقد تعمقت الفجوات السياسية والاجتماعية بمرور الوقت ووصلت إلى المرحلة الحالية.

وإذا افترضنا أن نتنياهو يريد التخلي بشكل كامل عن خطة إصلاح النظام القضائي، فإن هذه الفجوات والاختلافات لن تنتهي، ووجود نتنياهو هو ذريعة في الوقت الحالي، لأن هناك فجوات بين الفئات المختلفة في المجتمع الصهيوني، لذلك، مع رحيل نتنياهو والمتطرفين ستتواصل الاحتجاجات.

ولقد حاول نتنياهو المحاصر في دائرة المعارضة صرف الرأي العام عن الخلافات الداخلية والتركيز على الخارج من خلال تضخيم تهديد إيران للنظام الصهيوني وحتى مهاجمة أراضي سوريا ولبنان وغزة، لكنه لم ينجح. لأنه أدرك جيداً أن جبهة المقاومة هذه المرة لها اليد العليا. وكما حذر الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، من أنه إذا استمرت إسرائيل في اعتداءاتها فإن قوات المقاومة البرية ستدخل الأراضي المحتلة، وهذا ما يقلق المجتمع الصهيوني الذي يعتقد أن نصر الله رجل عمل. وكما حذرت إيران وجماعات المقاومة الفلسطينية بوضوح من عواقب مغامرة حكومة نتنياهو، وهذه التحذيرات دفعت نتنياهو إلى الانسحاب من مناصبه.

لذلك، ينتظر نتنياهو الآن مصيرًا سيئًا ويجب إغلاق ملفه، وأي خيار يختاره سيكون أسوأ سيناريو بالنسبة له. لكن مع خروج نتنياهو من السلطة، ستبقى التحديات الاجتماعية والسياسية في الأراضي المحتلة قائمة.

” الوقت”: هل يمكن لنتنياهو أن يسيطر على الاحتجاجات بمساعدة الحرس الوطني، أم إن هذا العمل سيزيد من حدة التوتر والخلافات بين الصهاينة؟

“مجيد صفاتاج”: أشك في أن يكون رئيس وزراء إسرائيل قادرًا على تقليص الاحتجاجات وإنقاذ حكومته باستخدام الحرس الوطني، حيث خطط للاشتباك مع فصائل المقاومة وإيران في الخارج، لكنه لم يستطع. إن قضية نتنياهو، مثل غيره من السياسيين السابقين في النظام الصهيوني، بمن فيهم إيهود أولمرت، رئيس الوزراء السابق لهذا النظام، سيتم إغلاقها، ولن يتمكن نتنياهو من الخروج من هذه الأزمة بأمان وسيدفع ثمن ما ارتكبه.

“الوقت”: بالنظر إلى الاحتجاجات الداخلية في إسرائيل والصراع بين الفلسطينيين وجنود النظام، فهل يؤدي ذلك إلى تراجع نتنياهو أمام الفلسطينيين؟

“مجيد صفاتاج”: السبيل الوحيد لنتنياهو لمنع الصراع مع الفلسطينيين هو الانسحاب من إثارة التوتر، وفي الأيام الأخيرة أصدر أمرًا بمنع المستوطنين من دخول المسجد الأقصى. وفي الوضع الحالي نتنياهو في وضع لا سبيل معه للعودة ولا سبيل له للمضي قدما وذلك لان نتنياهو يواجه إساءة استغلال سلطته وقضايا فساد، وقد فشل في مواجهة المقاومة الفلسطينية، والانسحاب من مواجهة الفصائل الفلسطينية سيزيد من حدة التحديات السياسية في الداخل. إن الوضع معقد للغاية بالنسبة لنتنياهو لدرجة أنه لا يستطيع إنقاذ نفسه حتى لو اضطر لتقديم تنازلات للفلسطينيين.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...