الرئيسية / الاسلام والحياة / الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)- ج01 / الصفحات: ٢٨١ – ٣٠٠

 

وقيل: أربعة وثلاثون(١).

وقيل: خمسة وثلاثون(٢).

وقيل: تسعة وثلاثون(٣).

ولعل سبب الإختلاف هو اختلاط الأسماء بالألقاب والكنى..

ومهما يكن من أمر، فإن أولاده “عليه السلام” من السيدة الزهراء “عليها السلام”، خمسة، هم:

١ ـ الإمام الحسن “عليه السلام”.

٢ ـ الإمام الحسين “عليه السلام”.

٣ ـ زينب “عليها السلام”.

٤ ـ أم كلثوم “رضوان الله تعالى عليها”.

٥ ـ المحسن(٤)، الذي قتل أو أسقط في الهجوم على بيت الزهراء

١- الطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٠ وتاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص١٨ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٦٣ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١١٥.

٢- ينابيع المودة للقندوزي ج٣ ص١٤٧ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٦٣.

٣- تهذيب الكمال ج٢٠ ص٤٧٩ والوافي بالوفيات للصفدي ج٢١ ص١٨٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١١٥.

٤- ضبط بالتشديد ـ كما ذكره ابن حجر في الإصابة ج٣ ص٤٧١ و (ط دار الكتب العلمية سنة ١٤١٥هـ) ج٦ ص١٩١ وفي بعض المصادر بالتخفيف.

٢٨١

“عليها السلام”، فور استشهاد أبيها رسول الله “صلى الله عليه وآله”.

وهناك أربعة أولاد من فاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين)، وهم:

١ ـ العباس.

٢ ـ عثمان.

٣ ـ عبد الله.

٤ ـ جعفر.

وهؤلاء الأربعة قد استشهدوا جميعاً في كربلاء..

وهناك أبو بكر وعبيد الله. أمهما ليلى بنت مسعود الدارمية، استشهدوا أيضاً في كربلاء مع الإمام الحسين “عليه السلام”.

ومحمد الأصغر، أمه أم ولد، واسمها زرقاء(١)، استشهد أيضاً مع الإمام الحسين “عليه السلام” في كربلاء.

ويحيى وعون، أمهما أسماء، بنت عميس.

ومحمد بن الحنفية، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس.

ومحمد الأوسط، وأمه أمامة.

١- كما في أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج٢ ص١٠٢. وراجع: مقاتل الطالبيين ص٥٦ وبحار الأنوار ج٤٥ ص٣٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٠ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج٢ ص٤٩ والإرشاد للمفيد ج٢ ص١٥٥ وذخائر العقبى ص١١٧.

٢٨٢

وعمر، وأمه الصهباء التغلبية (أم حبيب) ولعل هناك ولداً آخر، اسمه عمر استشهد بالطف مع الإمام الحسين “عليه السلام”(١).

ويلاحظ كثرة ابناء علي “عليه السلام” الذين استشهدوا مع الإمام الحسين “عليه السلام” في كربلاء.

وأما البنات.. فهن:

رقية، وأم الحسن، وأم هاني، وفاطمة، وزينب الصغرى، وميمونة، ونفيسة، وخديجة، وأمامة، ورملة الكبرى، وجمانة، وأم سلمة، ورقية الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، ورملة الصغرى، وأم الكرام، وأم جعفر، ويمكن إضافة سكينة(٢) إلى بناته “عليه السلام”.

١- راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج٢ ص٢٨ و ٢٩ وذخائر العقبى ص١١٧ وراجع: أنساب الأشراف ج٢ ص١٠٣ والمجدي في أنساب الطالبين ص٨ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١١٧ والهداية الكبرى ص٩٥ وسر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ص٩٥ ومستدركات علم رجال الحديث ج٦ ص١٠١.

٢- راجع: وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٠ ص٢٢٧ و (ط دار الإسلامية) ج١٤ ص١٦٨ ومستدرك الوسائل ج٢ ص٣٧ وجامع أحاديث الشيعة ج٢ ص٤٧٣ وج٢٠ ص٢٩٤ والأمالي للطوسي ص٣٦٧ وبحار الأنوار ج٤٣ ص١٧٩ وج١٠١ ص٤٥ وراجع: دلائل الامامة ص١٤٦ والدر النظيم ص٤٥٧ والأنوار البهية ص٦٢ ومستدرك سفينة البحار ج٧ ص٣٨٧ وج٨ = = ص٢١٣ ومستدركات علم رجال الحديث ج٨ ص٥٩٦ واللمعة البيضاء للتبريزي ص٨٦٠ وبيت الأحزان ص١٨٢.

٢٨٣

وهناك خصوصيات كثيرة ترتبط بهؤلاء الذكور والأناث منهم على حد سواء، كما أن هناك اختلافات بالنسبة لبعضهم. أضربنا عن ذكرها لتوفير الفرصة لما هو أهم، ونفعه أعم..

غير أننا نشير هنا إلى الأمور التالية:

علي (عليه السلام) يسمي أولاده باسم مناوئيه:

قد يقال: إذا كان أبو بكر وعمر وعثمان قد هاجموا بيت الزهراء “عليها السلام”، وارتكبوا في حق علي “عليه السلام” والزهراء “عليها السلام” ما هو معلوم، وسيأتي شطر منه.. فكيف يسمي علي “عليه السلام” أولاده بأسمائهم؟!

ألا يدل ذلك على حبه لهم، وعلى عدم صحة ما يدعى من هجومهم على بيت الزهراء “عليها السلام”، وضربها وإسقاط جنينها، وما إلى ذلك؟!

ويجاب بما يلي:

أولاً: إن تسمية إنسان ولده باسم شخص مع العلم بأنه قاصد لذلك، لا تكشف عن محبته لذلك الشخص إلا إذا ثبت بالتصريح منه، أو بأن يطلع الله تعالى أنبيائه على أن سبب تسميته باسمه هو حبه له، ولا شيء غير ذلك.. مثل تحاشي التعرض لبعض المشكلات، أو الطمع في الحصول على بعض الإمتيازات.. أو نحو ذلك.

٢٨٤

ثانياً: قد يكون السبب في التسمية باسم بعينه هو استلطاف ذلك الاسم، وإن كان لا يُستَلْطَفُ بعض من سمي به، فنحن مثلاً لا نحب الظالمين والمنحرفين، حتى لو كان اسمهم محمد، وعلي، وياسر.. ولكننا نسمي أولادنا بهذه الأسماء، لأنها تدغدغ مشاعرنا، من جهات أخرى..

ثالثاً: من الذي قال: إن علياً “عليه السلام” قد سمى ولده عمر، حباً بالخليفة عمر بن الخطاب؟! فلعله سماه بهذا الاسم حباً بعمر بن أبي سلمة، ربيب الرسول “صلى الله عليه وآله”، الذي شهد حرب الجمل مع علي “عليه السلام”، وكان عامله على البحرين، وعلى فارس. وكان من ثقاته وكان يحبه(١)..

بل ما أكثر اسم عمر بين الصحابة، وكذلك الحال في سائر الأسماء(٢).

رابعاً: قال ابن شبة النميري: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب “عليه السلام” قال: ولد لي غلام يوم قام عمر، فغدوت عليه فقلت

١- راجع ترجمته في: الإستيعاب ج٣ ص١١٥٩ وأسد الغابة ج٤ ص٧٩ وتهذيب الكمال ج٢١ ص٣٧٤ والإصابة ج٤ ص٤٨٧ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٦ ص١٧٣ والإكمال في أسماء الرجال ص١٢٦ وراجع: جامع الرواة للأردبيلي ج١ ص٦٣٠ والدرجات الرفيعة ص١٩٧ ومستدركات علم رجال الحديث ج٦ ص٧٣ ومعجم رجال الحديث ج١٤ ص١٧ وتاريخ بغداد ج١ ص٢٠٧.

٢- راجع الإصابة، وأسد الغابة، والإستيعاب.. وغير ذلك.

٢٨٥

له: ولد لي غلام هذه الليلة.

قال: ممن؟!

قلت: من التغلبية.

قال: فهب لي اسمه.

قلت: نعم.

قال: فقد سميته باسمي، ونحلته غلامي موركاً.

قال: وكان نوبياً.

قال: فأعتقه عمر بن علي بعد ذلك. فولده اليوم مواليه(١).

خامساً: ورد: أن علياً “عليه السلام” قال عن سبب تسميته لولده بعثمان: إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون(٢).

سادساً: بالنسبة لأبي بكر ابن أمير المؤمنين نقول:

قيل: هذه كنية لمحمد الأصغر(٣)، ابن أمير المؤمنين “عليه السلام”.

١- تاريخ المدينة لابن شيبة ج٢ ص٧٥٥. وراجع: كتاب الأغاني.

٢- مقاتل الطالبيين ص٨٤ و (ط المكتبة الحيدرية سنة ١٣٨٥هـ) ص٥٥ وقاموس الرجال ج٦ ص٢٨٧ عنه، وبحار الأنوار ج٣١ ص٣٠٧ وج٤٥ ص٣٨ وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص٢٩٤ وإبصار العين في أنصار الحسين “عليه السلام” ص٦٨.

٣- الإرشاد ج١ ص٣٥٤ والعمدة لابن البطريق ص٣٠ وتاج المواليد (المجموعة) = = ج١ ص٩٥ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص١٣٩ وبحار الأنوار ج٤٢ ص٨٩ والتنبيه والإشراف ص٢٥٨ وإعلام الورى ج١ ص٣٩٦ وكشف الغمة للإربلي ج٢ ص٦٧ والفصول المهمة ج١ ص٦٤٣ والأنوار العلوية ص٤٤٧.

٢٨٦

وقيل: هو كنية لعبد الله [أو عبيد الله] بن أمير المؤمنين(١).

وقال أبو الفرج: أبو بكر بن علي بن أبي طالب، لم يعرف اسمه(٢).

وليس ثمة ما يدل على: أن علياً “عليه السلام” هو الذي كنى ولده بها.. فلعل ذلك الولد هو الذي تكنَّى بهذه الكنية، ولعل غيره كناه بها لسبب، أو لآخر..

وقد أشرنا سابقاً: إلى أن هناك نصوصاً تؤكد على: أن الأمهات كنَّ يسمين أولادهن، ويخترن الأسماء التي تروق لهن، كأسماء الآباء أو الإخوة، أو غير ذلك، وتقدمت طائفة من شواهد ذلك في فقرة: تسمية علي “عليه السلام”، فراجع.

١- راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج٢ ص٢٨ وإبصار العين في أنصار الحسين “عليه السلام” ص٧٠.

٢- مقاتل الطالبيين ص٨٦ و (ط المكتبة الحيدرية سنة ١٣٨٥هـ) ص٥٦ وقاموس الرجال للتستري ج١١ ص٢٣٦ وأعيان الشيعة ج٢ ص٣٠٢ و ٣٠٣.

٢٨٧

نتيجة ما سبق:

وبذلك كله يعلم: أنه لا مجال للقول على سبيل الحتم والجزم، بأن الإمام علياً “عليه السلام”، هو الذي سمى أبناءه من غير الزهراء “عليها السلام”، بهذا الاسم أو ذاك..

أما أبناء السيدة الزهراء “عليها السلام”، فقد سماهم رسول الله “صلى الله عليه وآله”، كما يعلم بالمراجعة.

وبذلك يعلم أيضاً: أن قول بعضهم: إن الإمام علياً “عليه السلام” أراد بتسميته أولاده بهذه الأسماء أن يؤكد على الوحدة بين المسلمين، لأنها موافقة لأسماء الخلفاء الثلاثة غير ظاهر الوجه.. ولا سيما مع النصوص التي حددت أسباب تلك التسميات.

بالإضافة إلى أنه يمكن أن تثار احتمالات أخرى حول سبب ذلك مما قدمناه وسواه، كأن يقال:

إنه “عليه السلام” أراد أن يفهم الناس: أن الأسماء ليست حكراً على أحد، وأنه إذا كان ثمة من اعتراض، فإنما هو على الأفعال، بالدرجة الأولى.

فإذا ما اضطر أحد إلى التسمية بهذا الاسم أو بذاك. فلا حرج عليه في ذلك..

وفي غير هذه الصورة، فإن الإقتصار على الأسماء التي سمّى بها رسول الله “صلى الله عليه وآله” هو الأولى، والأجدر.

٢٨٨

إهانة للعباس بن علي (عليه السلام):

تقدم: أن أبناء علي “عليه السلام” من أم البنين فاطمة بنت حزام قد استشهدوا في كربلاء، وكان العباس ـ وهو أكبرهم ـ آخر من استشهد منهم، فذكر أبو الفرج: أن العباس قال لأخيه عبد الله: تقدم بين يديَّ حتى أراك، وأحتسبك، فإنه لا ولد لك. فتقدم، فاستشهد..

ثم إن العباس قدم أخاه جعفر بين يديه، لأنه لم يكن له ولد، ليحوز ولد العباس بن علي من ميراثه. فتقدم، فاستشهد(١).

ثم قال أبو الفرج عن عباس: “وهو آخر من قتل من إخوته لأمه وأبيه، لأنه كان له عقب، ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه، فقتلوا جميعاً؛ فحاز مواريثهم، ثم تقدم فقتل، فورثهم وإياه عبيد الله، ونازعه في ذلك عمه عمر بن علي، فصولح على شيء رضي به”(٢).

ونقول:

أولاً: إذا كان لواء الإمام الحسين “عليه السلام” بيد العباس كما صرح به أبو الفرج نفسه(٣)، وصرح به الإمام الحسين “عليه السلام” أيضاً، وهو

١- راجع: مقاتل الطالبيين ص٨٢ و ٨٣ و (ط المكتبة الحيدرية سنة ١٣٨٥هـ) ص٥٤ وبحار الأنوار ج٤٥ ص٣٨ والعوالم (الإمام الحسين “عليه السلام”) للشيخ عبد الله البحراني ص٢٨٢ وإبصار العين في أنصار الحسين “عليه السلام” ص٦٧.

٢- مقاتل الطالبيين ص٨٤ و (ط المكتبة الحيدرية ـ سنة ١٣٨٥هـ) ص٥٥.

٣- مقاتل الطالبيين ص٨٥ و (ط المكتبة الحيدرية ـ سنة ١٣٨٥هـ) ص٥٦.

٢٨٩

المعهود من أصحاب الألوية وحامليها وقادتهم، فلماذا لا يكون السبب في تقديمه إخوته هو: أن يبقي لواء الحسين “عليه السلام” مرفوعاً إلى آخر برهة يمكنه فيها ذلك؟!

ثانياً: من أين علم أبو الفرج: أنه “عليه السلام” قد رغب بحيازة أولاده ميراث إخوته، فإن ذلك من النوايا التي لا يطَّلع عليها إلا الله تعالى؟! ولم يعش العباس بعدهم فترة يمكن أن يلتقي بها بأحد من الناس، ويخبرهم بنواياه هذه.

ثالثاً: قول العباس لعبد الله: “فإنه لا ولد لك” ـ لو صح ـ فهو لا يدل على ما زعمه، إذ لعل مقصوده: أن إقدام أخيه على الإستشهاد لن يكون في صعوبته بمستوى من له أولاد، كما أن الفاجعة به تكون أهون من الفاجعة بغيره..

رابعاً: ألا يعد قول العباس لأخيه: “فإنه لا ولد لك” من موجبات الأذى لأخيه، حيث إنه سوف يشعره ذلك بأنه باستشهاده ينقطع أثره، ويزول ذكره؟!

وهل يصدر هذا الأذى من خصوص أخيه العباس في مثل هذه الساعة، وهذا الموقف؟!

خامساً: هل صحيح أن العباس يفكر بهذه الطريقة في هذه اللحظات بالذات؟! وألا يشعر الإنسان بعدم الإنسجام بين هذا الطمع، أو فقل هذا التفكير بالدنيا وبين قوله لأخيه: أراك، واحتسبك؟!.

سادساً: لماذا ينازع عمر بن علي ورثة العباس فيما وصل إليهم من

٢٩٠

أبيهم، فإن عمر لا يرث من إخوة العباس لأبيه وأمه شيئاً..

سابعاً: لماذا نازعهم عمر بن علي فقط ذلك، ولم ينازعهم أيضاً محمد بن الحنفية، بالإضافة إلى سائر بنات علي وأبنائه الذين كانوا بعد كربلاء على قيد الحياة؟!

سكينة بنت علي (عليه السلام):

ويمكن عدَّ سكينة في جملة بنات أمير المؤمنين “عليه السلام”.

ويدل على وجودها ما يلي:

١ ـ روى الشيخ الطوسي “رحمه الله” في كتابه الأمالي، عن أبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر، عن أبي القاسم إسماعيل بن علي، عن أبيه علي بن علي بن رزين، أخي دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي “صلوات الله عليهم”، قال:

“أُدخِل على أختي سكينة بنت علي “عليه السلام” خادم، فغطت رأسها منه.

فقيل لها: إنه خادم.

قالت: هو رجل ومنع شهوتَه(١).

١- وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٠ ص٢٢٧ و (ط دار الإسلامية) ج١٤ ص١٦٨ والأمالي للطوسي ص٣٣٦ و ٣٦٧ وبحار الأنوار ج١٠١ ص٤٥ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٠ ص٢٩٤ ومستدرك سفينة البحار ج٧ ص٣٨٧.

٢٩١

وضعف سند الرواية بهلال الحفار لا يعني كذب مضمونها.. لا سيما وأننا لا نرى مصلحة ولا داعياً لأحد في اختلاق بنت لأمير المؤمنين “عليه السلام”، لا من ناحية مذهبية، ولا قبلية، ولا سياسية، ولا غير ذلك..

وأما نقل الإمام الحسين “عليه السلام” هذا الحديث عن أخته، فلعله لإظهار فضلها، وشدة إحتياطها لدينها، لا لأجل أنه “عليه السلام” قد تعلّم منها هذا الحكم..

٢ ـ عن محمد بن جرير الطبري، عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم (ابن الخياط)، عن أبي الحسن علي بن محمد بن جعفر العسكري، عن صعصعة بن سياب بن ناجية أبي محمد، عن زيد بن موسى، عن أبيه “عليه السلام”، عن أبيه جعفر بن محمد “عليه السلام”، عن أبيه “عليه السلام”، عن عمه (أي عن عم جعفر “عليه السلام”) زيد بن علي، عن أبيه “عليه السلام”، عن سكينة وزينب ابنتي علي، عن علي “عليه السلام” قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وآله”: إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية، وإن بنات الأنبياء لا يحضن(١).

وضعف سند الرواية أيضاً لا يعني كذب مضمونها، لا سيما وأن

١- دلائل الإمامة للطبري ص١٤٥ ـ ١٤٦ وبحار الأنوار ج٧٨ ص١١٢ ومستدرك الوسائل ج٢ ص٣٧ ومستدرك سفينة البحار ج٧ ص٣٨٧ والدر النظيم ص٤٥٧ وجامع أحاديث الشيعة ج٢ ص٤٧٣.

٢٩٢

المضمون مروي بروايات كثيرة أخرى.

ورواية الإمام الباقر “عليه السلام” عن زيد، ثم رواية الإمام السجاد “عليه السلام” عن عمته زينب وسكينة، قد يكون المقصود منه الإعلان بفضل زيد، وبمقام وفضل زينب وسكينة.

٣ ـ نقل العلامة المجلسي “رحمه الله” من بعض الكتب خبراً قال: إنه لم يأخذه من أصل يعول عليه، وهو:

أن ورقة بن عبد الله الأزدي طلب من فضة خادمة السيدة الزهراء “عليها السلام” أن تحدثه بحديث وفاة فاطمة الزهراء “عليها السلام”، فحدثته به..

إلى أن قالت: إن علياً “عليه السلام” قال: “وكفنتها، وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء، ناديت: يا أم كلثوم، يا زينب، يا سكينة، يا فضة، يا حسن، يا حسين، هلموا، تزودوا من أمكم، فهذا الفراق، واللقاء في الجنة الخ..”(١).

ويمكن أن يعترض على هذه الرواية:

أولاً: بأن المجلسي “رحمه الله” قد صرح بأنه لم ينقلها من الكتب

١- بحار الأنوار ج٤٣ ص١٧٩ والأنوار البهية ص٦٢ ومستدرك سفينة البحار ج٨ ص٢١٣ ومستدركات علم رجال الحديث ج٨ ص٥٩٦ واللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري ص٨٦٠ وبيت الأحزان ص١٨٢.

٢٩٣

المعتمدة(١).

ثانياً: ذكر سكينة هنا لا يدل على أنها من بنات علي “عليه السلام”، بدليل ذكر فضه أيضاً، فلعل سكينة خادمة مثل فضة، أو لعلها كانت ضيفة عليهم، أو ربيبة. وقد ناداها “عليه السلام” لإظهار مزيد اهتمامه بها..

ونجيب:

ألف: إن عدم نقل الرواية من الكتب المعتمدة لا يعني فقد الرواية للإعتبار، فهناك روايات كثيرة لم تنقل من الكتب، وقد اعتمد عليها علماؤنا. وليكن هذا الخبر بمثابة خبر مرسل، فإن إرساله لا يعني أنه مكذوب ومختلق.

ب: إن ذكر فضة لا يضر، لمعلومية كون فضة خادمة عند الخاص والعام، وقد ذكرت مع الأبناء لشدة اختلاطها بهم، واعتبارها كأحدهم.

ج: إحتمال أن تكون سكينة ضيفاً، ثم يناديها “عليه السلام” في جملة من ناداه من أبناء الزهراء “عليها السلام”.. بعيد، فإن الضيف يحتاج لكي ينادى للتزود من الزهراء،باعتبارها أماً، إلى مزيد من الخلطة ورفع الكلفة، حتى تصبح الزهراء “عليها السلام” بمثابة الأم لها..

واحتمال كونها ربيبة، يحتاج إلى شاهد يشير إلى وجود ربائب لدى الزهراء “عليها السلام” قبل وفاتها، وهو مفقود.

وكذلك الحال بالنسبة لاحتمال كونها خادمة.. فإن النصوص قد ذكرت فضة وسواها بهذه الصفة.. فلماذا لم نعثر على ذكر لخادمة للزهراء

١- بحار الأنوار ج٤٣ ص١٧٤.

٢٩٤

“عليها السلام” بهذا الإسم؟!

على أن جميع هذه الإحتمالات تقضي أن يصرح الراوي بهذه الخصوصية التي سوغت مناداتها.

٤ ـ قد أورد إبرهيم بن محمد الأسفراييني الشافعي، في كتابه المسمى بـ: “نور العين في مشهد الحسين” اسم سكينة في عدد من المواضع، وهي تكلم أخاها، أو يكلمها أخوها الإمام الحسين “عليه السلام”، أو أنها تتصرف وتساهم في صنع الأحداث(١).

فإنه حتى لو كان الأسفراييني قد أطلق العنان لخياله، للمبالغة في تصوير واقعة كربلاء، فإنه يتقيد عادة بذكر الشخصيات الرئيسية، ولا يحاول الإبتداع لها، والتزوير فيها، لأن من الطبيعي أن يقتصر المزور على الشخصيات الحقيقية، ثم يحاول التزوير والتمرير في جهات خفية.. تحت طوفان من الكلمات الرنانة، والتصويرات الخادعة..

٥ ـ أشار علماء الرجال إلى وجود سكينة بنت علي أيضاً، فقد قال أبو حاتم والبخاري: “سالم أبو العلاء مولى إبراهيم الطائي، سمع أبا صالح، سمع سكينة بنت علي، عن النبي “صلى الله عليه وآله” مرسل. سمع منه عبد الصمد”(٢).

وهذا يعطي: أن الحديث عن سكينة بنت علي موجود عند السنة

١- نور العين في مشهد الحسين “عليه السلام” راجع: ص٧ إلى ١٥.

٢- التاريخ الكبير للبخاري ج٤ ص١١٠ والجرح والتعديل ج٤ ص١٩١.

٢٩٥

والشيعة على حد سواء..

إلا أن يُدَّعى: أن المقصود هو سكينة بنت علي آخر غير الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام”.. وهذا يحتاج إلى شاهد، ولو أخذنا بهذا الاحتمال لكان على من يذكرها أن يذكر ما يميزها، ويمنع من الإشتباه.

متى ولد ابن الحنفية؟!:

وزعموا: أن محمد بن علي “عليه السلام” (ابن الحنفية) ولد في خلافة أبي بكر، وبالذات “في العام الذي مات فيه أبو بكر”(١).

غير أننا نشك في صحة ذلك، فقد ذكروا: أنه “رحمه الله” قد حمل اللواء يوم الجمل وهو ابن تسع عشرة سنة(٢).

١- راجع: سير أعلام النبلاء ج٤ ص١١١ وتاريخ مدينة دمشق ج٥٤ ص٣٢٣.

٢- الجمل للمفيد ص٣٥٦ و ٣٥٩ و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص١٩٠ و ١٨٢ و ١٨٦ و ١٨٩ و ١٩٢ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص٤٣ و ٢٤١ و ٢٤٣ و ٢٤٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٥ ص٩٣ وتاريخ الأمم والملوك ج٤ ص٥١٤ والمناقب للخوارزمي ص١٨٦ وكتاب الفتوح لابن أعثم ج٢ ص٤٧٣ وفضائل أمير المؤمنين “عليه السلام” لابن عقدة ص٨٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٤٨٥ وتاريخ خليفة بن خياط ص١٣٨ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١٢٨ ورسائل المرتضى ج٣ ص٢٦٤ والسرائر لابن إدريس الحلي ج٣ ص٢٣٨ ومستدرك الوسائل ج١١ ص٥٣ و ٨٦ والأمالي للمفيد ص٢٤ ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج٣ ص١٨٥ وبحار الأنوار ج٣٢ ص١٨٧ و ١٩٥ و ٢٦٨ وج٩٧ ص٣٩ وشجرة طوبى ج٢ ص٣٢٠ وجامع أحاديث الشيعة ج١٣ ص٩٨ و ١١٥ و ١١٦ و ١٢٧ وقاموس الرجال للتستري ج٩ ص٢٤٤ والتاريخ الكبير للبخاري ج٥ ص٥٦ وج٨ ص٣٤٣ وأنساب الأشراف ص٢٤١.

٢٩٦

وحرب الجمل كانت في سنة خمس وثلاثين للهجرة، فإذا أنقصنا منها تسع عشرة سنة، فإن ولادة ابن الحنفية تكون في السنة السادسة عشرة من الهجرة..

وأبو بكر توفي في السنة الثالثة عشرة، في جمادى الآخرة..

ابن الحنفية لم يشهد كربلاء:

ثم إن من المعروف: أن محمد بن الحنفية لم يشهد كربلاء(١). وقد حاول بعضهم الطعن فيه استناداً إلى ذلك.

ونقول:

إن ذلك لا يعد طعناً على ابن الحنفية، وذلك لما يلي:

ألف: روى أبو العباس المبرد: أنه قد جيء بدرع لأمير المؤمنين “عليه السلام”، فطلب منه أن يقصرها، فأخذها وجمعها بكلتا يديه، وجذبها فقطع الزائد من الموضع الذي حدّه له أبوه(٢).

١- سير أعلام النبلاء ج٤ ص١١٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٥ ص١٠٠ وأنساب الأشراف ج٥ ص٣١٧ وتاريخ مدينة دمشق ج٥٤ ص٣٣٨.

٢- الكامل في الأدب لأبي العباس المبرد ج٣ ص٢٦٦ والوافي بالوفيات للصفدي ج٤ ص٧٦ والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص٥٩ والدر النظيم ص٤٣٩ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١٣٠ وربيع الأبرار ج٣ ص٣٢٥.

٢٩٧

قالوا: فأصابته عين بسبب ذلك. فخرج بيده خرّاج، وعطل يده(١).

وقال ابن نما: أصابته قروح من عين نظرت إليه، فلم يتمكن من الخروج مع الحسين “عليه السلام”(٢).

وقال العلامة الحلي في أجوبة المسائل المهنائية: نقل أنه كان مريضاً(٣).

ب: قيل إن الإمام الحسين “عليه السلام” أمره بأن يبقى في المدينة ليكون له عيناً، ويخبره بكل ما يكون منهم، حيث قال له: وأما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عيناً عليهم، لا تخفي عني شيئاً من أمورهم(٤).

وهذه الرواية لا تنافي سابقتها، فإن من تعطلت يده يستطيع أن يكون عينا للإمام الحسين “عليه السلام” في المدينة.

هذا..وقد روي عن علي “عليه السلام” قوله: إن المحامدة تأبى أن

١- زهر الربيع (ط دار العماد) ص٤٨٩.

٢- أخذ الثأر لابن نما ص٨١.

٣- أجوبة المسائل المنهائية ص٣٨ بحار الأنوار ج٤٢ ص١١٠ والأنوار العلوية ص٤٣٨.

٤- الفتوح لابن أعثم ج٥ ص٣٢ وبحار الأنوار ج٤٤ ص٣٢٩ والعوالم (الإمام الحسين “عليه السلام”) للشيخ عبد الله البحراني ص١٧٨.

٢٩٨

يعصى الله عز وجل.

قلت: ومن المحامدة؟!

قال: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين “عليه السلام”(١).

وهذا يدل على أنه لو كان محمد يستطيع نصر أخيه لم يتأخر عن ذلك.

١- إختيار معرفة الرجال للطوسي ص٧٠ و (ط مؤسسة آل البيت “عليهم السلام” لإحياء التراث سنة ١٤٠٤هـ) ج١ ص٢٨٦ (١٢٥) ومنتهى المقال ج٥ ص٢٩٣ ونقد الرجال للتفرشي ج٤ ص٩٧ وجامع الرواة للأردبيلي ج٢ ص٤٥ ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج٦ ص٣٧٤ ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج١٥ ص٢٤٧ وقاموس الرجال للتستري ج٩ ص١٩ وج٩ ص١٥٨ و ٢٤٣ وبحار الأنوار ج٣٣ ص٢٤٢ وج٣٤ ص٢٨٢ والغارات للثقفي ج٢ ص٧٥٢.

 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...