الرئيسية / بحوث اسلامية / دراسات عقائدية – كيفيّة العرض السليم لمسألة التوحيد

دراسات عقائدية – كيفيّة العرض السليم لمسألة التوحيد

إذا أردنا البحث في إثبات وجود الله أو عدمه، فلا بدّ من الالتفات إلى عدّة أمورٍ تؤثّر في تكوين عرضٍ سليمٍ لهذه المسألة:

 

أوّلاً: الأشياء المراد إثباتها تنقسم إلى قسمين:

 

الأوّل: يشمل الأشياء التي يُراد إثبات وجودها كموجود مستقل يضاف إلى بقية الموجودات، كماإذا أريد إثبات وجود كوكبٍ سيّارٍ جديدٍ نضيفه إلى مجموعة الكواكب السيّارة، حيث نثبت وجودَ شيءٍ إلى جانب الأشياء.

 

الثاني: يشمل الأشياء التي يُبحث فيها عن موجودٍ، إنّما هو موجودٌ في الموجودات ومعها غير خارجٍ عنها، بل يمثّل امتداداً وجوديّاً لها.

 

وهذا النوع الثاني من قبيل الزمان5، فلو أراد الباحث إثبات وجود الزمان

5- احتدم الجدل حول مسألة الزمان منذ أمد بعيد بين العلماء والفلاسفة، فنفى كثير وجوده، فيما أثبته كوجود خارجيّ أكثرهم.


كعنصر إلى جانب العناصر الأخرى في مكانٍ ما من هذا العالم- أي بالطريقة نفسها التي يبحث فيها الفلكيّ عن كوكبٍ سيّارٍ جديدٍ، فإنّه لن يفلح أبداً في إثبات وجوده أو العثور عليه. ويختلف الحال فيما لو كوّن تصوّراً صحيحاً للزمان، وأنّه يمثّل بعداً للأشياء ومعها يضاف إلى أبعادها الثلاثة- الطول والعرض والعمق.وليس جزءاً من أجزاء عالم الطبيعة يقع إلى جنبها، فيتمحور بحثه عنه في دائرة وجود بُعدٍ وامتدادٍ آخر لموجودات عالم الطبيعة يسمّى (الزمان).

 

ومسألة التوحيد هي من قبيل النوع الثاني. ومثال الزمان يقرّب الفكرة في نوعيّة التوحيد الذي يُراد إثباته، إلا أنّه لا ينطبق عليه بالكامل، فإنّ الله عزّ وجلّ ليس بعداً وامتداداً في الأشياء، ولكنّه ينبّه إلى أنّنا حينما نبحث في التوحيد، فنحن لا نبحث عن وجودٍ محدودٍ يحتلّ مكاناً معيّناً وسط بقية الموجودات، بل عن موجودٍ: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾6، وموجود قد أحاطت ذاته بكل الأشياء: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله﴾7، وموجود صدرت منه الموجودات جميعاً، وإليه تعود، فهو أوّلها وآخرها: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾8.

شاهد أيضاً

في رحاب عيد الغير الاغر – شعراء الغدير في القرن التاسع

الحافظ البرسي الحلي هو الشمس؟ أم نور الضريح يلوح؟ * هو المسك؟ أم طيب الوصي ...