القدس المحتلة– تحقق الشرطة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي في ملابسات سرقة كميات كبيرة من الرصاص والذخيرة لبنادق من طراز “إم-16” (M-16)، من القاعدة العسكرية تسيئيليم في صحراء النقب جنوبي البلاد.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، أنه تمت سرقة كمية كبيرة من الذخيرة تقدر بنحو 30 ألف رصاصة من مخزن تسيئيليم، علما أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض مخازن القاعدة العسكرية لسرقة الذخيرة والأسلحة والعتاد العسكري.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية النقاب عن إخفاق في القاعدة العسكرية المذكورة وخلل في نظام الحراسة، حيث تم الكشف عن ثغرات في سياج القاعدة، الأمر الذي مكّن اللصوص من التسلل والدخول إلى مخزن محصن وسرقة عشرات آلاف الذخائر والرصاص.
إخفاقات وثغرات
وخلال الجولة الصباحية في القاعدة العسكرية أمس الثلاثاء، تم اكتشاف ثغرة في السياج الأمني، ومن ثم تم تفقد مخازن وملاجئ حفظ العتاد العسكري التي تحظى بحراسة مشددة ومراقبة إلكترونية، وحينها تم اكتشاف سرقة كبيرة لصناديق الذخيرة.
ووفقا لموقع “والا” الإخباري، فإن الضباط بالقاعدة العسكرية اكتشفوا سرقة كميات كبيرة من الذخيرة من المخازن عن طريق الصدفة، وعقب الكشف عن ثغرات في السياج الأمني، إذ لم يتضح بعد إذا ما نفذت السرقة في اليوم نفسه الذي كسف فيه عن الثغرة بالسياج أم تمت منذ عدة أيام.
ونقل الموقع الإلكتروني عن مصدر عسكري بالجيش الإسرائيلي قوله إن “عددا من المشتبه بهم دخلوا القاعدة، ووصلوا إلى أحد المخابئ التي توجد بها ذخائر بأنواعها المختلفة، وسرقوا عشرات الآلاف من الذخائر من عيارات 5.56 ملم، لبنادق أتوماتيكية من طراز إم-16”.
تحقيق وتعليق
بدوره، أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت بأنه في أعقاب الإبلاغ عن السرقة، فتحت الشرطة الإسرائيلية والشرطة العسكرية تحقيقا مشتركا، إلى جانب التحقيق الداخلي الذي تجريه قاعدة تسيئيليم.
وفي أعقاب اختراق السياج الأمني والتسلل للقاعدة العسكرية والتبليغ عن سرقة الذخيرة، أعلن قادة وضباط المعسكر عن تعليق المناورات والتدريبات في المعسكر التي تشمل التمرن على إطلاق النار الحي في مناطق مفتوحة وغير محاطة بالسياج، لحين الانتهاء من التحقيق الداخلي، بحسب ما أفادت صحيفة “إسرائيل اليوم”.
وحيال التسلل لقاعدة تسيئيليم، يقدر مراسل الشؤون العسكرية في موقع “والا”، أمير بوخبوط، أن هناك عصابات من تجار الذخيرة والأسلحة التي تراقب القواعد العسكرية بشكل منتظم، وتبحث عن الفرص للتسلل وسرقة الذخيرة والعتاد العسكري.
ردع وتحديات
وأوضح مراسل الشؤون العسكرية أن الجيش الإسرائيلي بات في جل اهتمام العصابات التي وضعت مخازن القواعد العسكرية كهدف دائم، لسرقة الذخيرة والبنادق والعتاد العسكري الذي يباع في جميع أنحاء البلاد، في حين تصل كميات كبيره منه إلى التنظيمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية.
وعزا بوخبوط تكرار حوادث سرقة العتاد العسكري من معسكرات الجيش، وخاصة في قاعدة تسيئيليم في النقب، إلى فقدان قوة الردع.
وأشار إلى أن الجيش يواجه تحديات معقدة من حيث تصاعد وتيرة التسلل للقواعد العسكرية وسرقة الذخيرة والوسائل القتالية ليس فقط من المخازن والمخابئ، بل حتى خلال المناورات والتدريبات بالذخيرة الحية، حيث يراقب أفراد العصابات التدريبات العسكرية، وينتظرون اللحظة المناسبة لسرقة الذخيرة والأسلحة.
عصابات وتنظيمات
بدوره، أوضح مراسل الشؤون العسكرية والأمنية للموقع الإلكتروني “مكور ريشون”، نوعام أمير، أن التحقيق يتمحور حول مجموعة من الأسئلة، مثل “متى تم الاقتحام؟ وكيف تم ذلك؟”، على الرغم من التكاليف الهائلة للحراسة والمراقبة الإلكترونية.
ولفت إلى أن التحقيق حيال ما حصل في تسيئيليم سيبحث كيف تمكن عناصر العصابات من اقتحام المعسكر مرة أخرى، وسيركز على مستويين، الأول هل قام شخص من داخل القاعدة بمساعدة العصابة على تنفيذ السرقة، والثاني إذا ما كانت الذخيرة قد بيعت لجهات فلسطينية مسلحة.
وعقب تكرار عمليات التسلل والسرقة من تسيئيليم، لا يستبعد مراسل الشؤون العسكرية والأمنية إمكانية الاستعانة بجهاز الأمن العام “الشاباك” في التحقيقات، خصوصا إذا ما تعززت الشبهات أن عشرات آلاف من الذخيرة التي سرقت من القاعدة العسكرية في طريقها للتنظيمات المسلحة بالضفة الغربية.
دعم ومساعدات
وتكررت سرقات الذخيرة والأسلحة من قواعد الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، إذ يرجح بأن عصابات تجار الذخيرة والأسلحة تقف وراء عمليات السرقة، وتقوم ببيع الذخيرة والوسائل القتالية والعتاد العسكري إلى عصابات الجريمة المنظمة في إسرائيل.
ووفقا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن العصابات تحصل على دعم ومساعدات من داخل القواعد العسكرية ومن بعض الجنود والحراس، حيث تباع الذخيرة والأسلحة إلى عصابات الجريمة المنظمة بإسرائيل، كما أن كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة يتم بيعها للفصائل الفلسطينية بالضفة الغربية.
واستعرض مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يؤاف زيتون، أبرز حوادث التسلل للقواعد العسكرية وسرقة السلاح والذخيرة والعتاد العسكري من مخازن ومستودعات الجيش الإسرائيلي.
وأوضح مراسل الشؤون العسكرية أن تكرار عمليات التسلل والسرقة من القواعد العسكرية، خاصة تلك التي تقع في النقب، يأتي على الرغم من عشرات ملايين الدولارات للحراسة والتحصين والمراقبة الإلكترونية لمخازن الأسلحة والذخيرة.
اقتحامات وسرقات
في يناير/كانون الثاني 2021، سرقت أكثر من 93 ألف رصاصة عيار 5.56 ملم من مخبأ مركز التدريب الوطني للجيش الإسرائيلي، قرب كيبوتس تسيئيليم في النقب، حيث أظهرت تحقيقات الجيش أن عملية السرقة تمت بمساعدة جنود وجهات من داخل القاعدة العسكرية للصوص.
واعتبرت هذه العلمية أكبر سرقة من مخازن ومستودعات في تاريخ الجيش الإسرائيلي، خاصة في المعسكر البعيد عن المناطق السكنية، الذي شهد عشرات السرقات للأسلحة والمعدات العسكرية في العقد الماضي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، سرق نحو 30 ألف رصاصة لبنادق ومدافع من القاعدة العسكرية سديه تيمان في النقب، التابعة للواء غفعاتي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تم اختراق قاعدة الصنوبر العسكرية في الجولان السوري المحتل، وسرقة عشرات البنادق، و70 ألف رصاصة و70 قنبلة يدوية.