بحوث قرآنية في التوحيد والشرك / الصفحات: ٤١ – ٦٠
ولكن المشرك يرى كلّ ذلك أو أكثره بيد آلهته وأربابه، كما يعرب عنه قوله سبحانه: (وَمِنَ النّاسِمَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْداداً يُحِبُونَهُمْ كَحُبِّ اللّه)(٣) ويقول تعالى حاكياً عن لسان المشركين يوم الحشر عند ندمهم عن عبادة الآلهة، (تاللّهِ إِنْ كُنّا لَفي ضَلالٍ مُبين * إِذْ نُسَويكُمْ بِرَبِّ الْعالَمين) .(٤)
٦. انّ الموحد يرى أمر التشريع والتحليل والتحريم بيده سبحانه، ويقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ للّهِ) .(٥)
ولكن المشرك يرى انّ التشريع بيد الاَحبار والرهبان، قال
٣ ـ البقره/١٦٥.
٤ ـ الشعراء/٩٧ـ ٩٨.
٥ ـ يوسف/٤٠.
نعم لم تكن عقيدتهم في ربوبيتهم على درجة واحدة، بل كانت تختلف حسب اختلاف الظروف والشرائط.
فطائفة منهم تعتقد بسعة ربوبية الاَرباب والآلهة كما كان عليه المشركون في عصر إبراهيم حيث كانوا يعتقدون بربوبية النجم والقمر والشمس للموجودات الاَرضية كما حكاه سبحانه عنهم في عدّة من الآيات، قال سبحانه: (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالاََرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنينَ* فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوكَباً قالَهذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَلا أُحِبُّ الآفِلين…) .(٢)
وطائفة أُخرى تعتقد بضيق ربوبية تلك الآلهة وتخصها
ونلفت نظر القارىَ إلى بعض النماذج ممّا أثر عن المشركين في مجال عقيدتهم.
قال زيد بن عمرو بن نوفل الذي ترك عبادة الاَصنام قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يحكي عن عقيدته في الجاهلية ويقول:
أرب واحد أم ألف ربّ | أدين إذا تُقسِّمت الاَُمور |
عزلت اللات والعزى جميعاً | كذلك يفصل الجلد الصبور |
للا عزّى أدين ولا ابنتيها | ولا صنم بني عمرو أزور |
ويقول أيضاً:
إلى الملك الاَعلى الّذي ليس فوقه | إله ولا ربّ يكون مدايناً(٢) |
١. (انَّ الَّذينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) .(١)
٢. (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاتَحويلاً) .(٢)
٣. (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) .(٣)
٤. (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) .(٤)
٥. (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمن إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ في غُرُور) .(٥)
٣ ـ يونس/١٠٦.
٤ ـ فاطر/١٤.
٥ ـ الملك/٢٠.
أخرج أئمّة المذاهب الاَربعة وحفاظها في الصحاح والمسانيد أحاديث جمّة في زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نذكر شطراً منها:
١. عن عبد اللّه بن عمر مرفوعاً: من زار قبري وجبت له شفاعتي.
٢. عن عبد اللّه بن عمر مرفوعاً: من جاءني زائراً لا تحمله إلاّ زيارتي كان حقاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة.
٣. عن عبد اللّه بن عمر مرفوعاً: من حجّ فزار قبري بعد وفاتي كمن زارني في حياتي.
٤. عن عبد اللّه بن عمر مرفوعاً: من حجّ البيت ولم يزرني فقد جفاني.
٥. عن عمر مرفوعاً: من زار قبري أو من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً.
٨. عن أنس بن مالك مرفوعاً: من زارني في المدينة محتسباً كنت له شفيعاً.
٩. عن أنس بن مالك: من زارني ميتاً فكأنّما زارني حيّاً، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما من أحد من أُمّتي له سعة ثمّ لم يزرني فليس له عذر.
١٠. عن ابن عباس مرفوعاً: من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي، ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً، أو قال شفيقاً.
فهذه أحاديث عشرة أخرجها الحفاظ من المحدّثين، وقد جمع أسانيدها وطرقها وصححها تقي الدين السبكي (المتوفّى سنة ٧٥٦هـ) في كتاب شفاء السقام في زيارةخير الاَنام فمن أراد التفصيل فليرجع إليه.(١)
https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk