الكيان الاسرائيلي يسير نحو العنصرية.. دبلوماسيون أجانب يؤكدون ذلك ولكن لمن فصل الخطاب؟
تصريحات عنصرية لوزير إسرائيلي ضد العرب والفلسطينيين
الوقت- ضجت المواقع الإخبارية العربية بتفاصيل خطّة وزير المالية التابع للاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس لإنهاء الصراع على الفلسطينيين, ووضعهم في الاختيار بين البقاء دون حُقوق والهجرة أو القتل، في مشروع زعم أنه سينهي الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وبالتالي إما العيش ضمن “دولة يهودية” طائفية واحتلالية، وبحقوق منقوصة رغم أنهم أصحاب الأرض أو الهجرة أو القتل لمن أصر على المقاومة المسلحة، رغم أن ذلك حق تكفله كل الشرائع الدينية والدولية والإنسانية، وجاء ذلك الخطاب العنصريّ في دراسة نشرها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس، وهو أحد رموز اليمين المتطرف، بمجلة “هاشيولوش” وحملت عنوان “خطة إسرائيل الحاسمة”، معتبرا أن خيار “حل الدولتين” وصل إلى طريق مسدود حسب رأيه، وقد حان الوقت “لكسر النموذج” وإيجاد الطريقة المناسبة للخروج مما وصفها “الحلقة التي لا تنتهي”.
منهجٌ عنصريّ
على خطا كمودي كهلون، وزير المالية الإسرائيلي، يسير وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس، حيث أثار كهلون الجدل عدة مرات بتصريحاته التي تحمل العناصر العنصرية والمسيئة للفلسطينيين والعرب عموماً، ففي عام 2018، أثار كهلون غضبًا واسعًا بعدما أدلى بتصريحات تقول إن “اليهود، بشكل عام، يعملون بجد ويدفعون الضرائب، بينما العرب غير متحضرين ولا يدفعون الضرائب بشكل كافٍ”، وفي عام 2019، قال خلال مقابلة تلفزيونية “إن الفلسطينيين يجب أن يكونوا ممتنين لإسرائيل على العملة التي نستخدمها في أراضيهم المحتلة”، وفي عام 2020، علق كهلون على مسألة الهجرة غير الشرعية من إفريقيا، قائلاً “إن السمر يدخلون إلى إسرائيل ويتمددون، ويجب علينا وضع حد لذلك”، تلك التصريحات وغيرها الكثير من التصريحات المماثلة لاقت انتقادات واسعة من الناشطين الحقوقيين والمجتمع الدولي، وتمت إدانتها باعتبارها تحريضًا على الكراهية والعنصرية.
واليوم، يحاول سموتريتس تطبيق اهداف عنصرية ومسيئة للفلسطينيين والعرب عموماً، لا لمنظمات حقوق الإنسان التعامل معها بجدية، حيث قال إن تحقيق الهدف الإسرائيلي يتطلب “الفعل في المقام الأول”، على نحو تطبيق السيادة الاحتلالية الكاملة للكيان على مناطق الضفة الغربية التي تعيش أصعب الظروف نتيجة الممارسات الصهيونية المقيتة، وإنهاء النزاع بالاستيطان -الذي يعتب دوليّا غير شرعي- على شكل إنشاء مدن ومستوطنات جديدة في عمق المنطقة وجلب مئات الآلاف من المستوطنين المهاجرين الإضافيين للعيش هناك، وتسلئيل سموتريتش هو سياسي إسرائيلي يشتهر بتصريحاته العنصرية والمسيئة للفلسطينيين والعرب، وقد أثارت تصريحاته جدلاً واسعًا وتلقى انتقادات حادة منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
ولا يعتبر سموتريتش بأن الفلسطينيين شركاء في السلام، وقال أيضاً إن السلام لن يتحقق معهم، ويعتقد أنه يجب على “إسرائيل” أن تعمل على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول أخرى، وأنه يجب قتل جميع المسلحين الفلسطينيين الذين يحاولون تهديد حدود فلسطين المحتلة، ووصف الفلسطينيين بأنهم “وحوش”، وتعد تلك التصريحات عنصرية ومسيئة للفلسطينيين والعرب، وتعزز من التوترات بين الأطراف المختلفة في المنطقة، وتؤكد على أهمية محاربة التمييز والعنصرية في جميع أشكالها والعمل على تعزيز المساواة والتعايش السلمي الذي يرفضه كيان غاصب قائم على القتل والتشريد، واعتبر مؤخراً أنّ هذا “سيوضح للجميع أن الواقع في الضفة الغربية المحتلة لا رجوع فيه، وأن تل أبيب وكيانها باقيان، وأن الحلم العربي والفلسطيني بدولة في الضفة لم يعد موجودا، أما عن الفلسطينيين فيرى سموتريتش أن أمامهم بديلين أساسيين: الذين يقبلون بالتخلي عن تطلعاتهم القومية يمكنهم البقاء والعيش كأفراد في ما أسماها “الدولة اليهودية” والتمتع بكل الفوائد التي جلبها الاحتلال إلى فلسطين، والذين يختارون عدم التخلي عن طموحاتهم الوطنية سيحصلون على مساعدات للتهجير إلى إحدى الدول العديدة التي يدرك فيها العرب ما أسماها “طموحاتهم الوطنية”، أو إلى أي وجهة أخرى في العالم، مضيفاً: “ومن لم يتبنَ أحد هذين الخيارين، سيكون هناك من سيواصل اختيار خيار آخر”، في إشارة إلى مقاومة الاحتلال بأي طريقة كانت، وبالتالي التعامل معهم من قبل قوات الأمن والآلة العسكرية بيد قوية وفي ظل ظروف أكثر سهولة للقيام بذلك.
خطة بعدالة إسرائيليّة
لا يمكن وصف تصريحات أغلب المسؤولين الصهاينة سوى أنها مليئة بالعنصرية ومسيئة للشعب الفلسطيني والعرب بشكل عام، ومثل هذه التصريحات تنم عن انعدام الوعي السياسي والثقافي وتعزز التمييز والعنصرية، بعد أن جعل المحتلون الفلسطينيين والعرب يعانون منذ فترة طويلة من التمييز والعنصرية في الأراضي المسلوبة وخارجها، وتلك التصريحات تزيد من حدة هذه المشكلة وتعزز من التوترات والأوضاع الأمنية.
وفي الوقت الذي زعم فيه سموتريتش أن هذه الخطة هي “الأكثر عدالة وأخلاقية بكل المقاييس” التاريخية والصهيونية واليهودية على حد وصفه، وهي الخيار الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى الهدوء والسلام والتعايش الحقيقي، الذي ينشده الإسرائيليون عبر آلتهم العسكرية، يؤكد سموتريتش وجود برنامج من مرحلتين لتنفيذ هذه الخطة الإبادية والتهجيرية، وتبدا المرحلة الأولى و”الأكثر أهمية” بالنسبة لهم، بالنصر من خلال التسوية حيث يتعين على تل أبيب أن تثبت فيها أهم حقيقة أساسية لليهود الصهاينة وهي: “نحن في فلسطين لنبقى”، و “إن طموحنا القومي لدولة يهودية عبرية من النهر إلى البحر هو حقيقة واقعة، حقيقة غير قابلة للنقاش أو التفاوض”، في ظل الحديث عن أن هذه المرحلة ستتحقق من خلال عمل سياسي قانونيّ لفرض السيادة على كل الضفة الغربية المحتلة، ومع تكثيف عملية الاستيطان الإرهابيّة.
أما المرحلة الثانية من الخطة الإبادية، فهي وضع الفلسطينيين أصحاب الأرض والمقدسات أمام الخيارين المذكورين و”النصر العسكري” على من سيختارون مواصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال في بلادهم، وبالتالي “قتل من يحتاج إلى القتل” وفقا لوجهة النظر الإسرائيلية، ومصادرة الأسلحة حتى آخر طلقة من المقاومين، وإعادة الأمن للمستوطنين الذي جلبتهم الحركة الصهيونية من شتى دول العالم، ويضيف الوزير العنصري: “يمكننا تقدير أن هذه الخطة ستستغرق عدة سنوات، وأعتقد أن الجزء الأكبر من العمليات يمكن تحقيقه بنجاح في السنوات الأولى من التسوية الحاسمة مع الفلسطينيين”، وخاصة أن الموقف العربي المستمر يثبت أن “حل الدولتين”، غير واقعي تماما حسب وصفه، ما يعني أن الحد الأقصى الذي يرغب به اليسار الإسرائيلي هو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يرغب فيه (العرب) الأكثر اعتدالا، مع تناقض متلازم بين وجود دولة الاحتلال اليهودية والتطلعات الوطنية الفلسطينية، لأن الخطة الإسرائيلية التي أطلق عليها اسم “أمل واحد”، هي “عدم إدارة الصراع المستمر بدرجات متفاوتة من الشدة، بل محاولة الفوز به وإنهائه”.
عنصرية مقيتة
يعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نتيجة الاحتلال، قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، وتتضمن هذه القضية عناصر عديدة للعنصرية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ومن بين هذه العناصر، سياسة الاستيطان التي تتجلى في بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الفلسطينيين، وهو ما يعتبر تشريعاً للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، ويتمتع المستوطنون الإسرائيليون بحقوق أكبر من الفلسطينيين في الوصول إلى المياه والأراضي والخدمات، وهو ما يعد تمييزاً عنصرياً واضحاً.
أيضاً، سياسة الفصل العنصري التي يتم تطبيقها في مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويتمثل ذلك في فصل الفلسطينيين عن اليهود في الحياة اليومية، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي والخدمات التي تقع في مناطق الاستيطان الإسرائيلية، ناهيك عن ملف الأسرى الفلسطينيين، حيث يتعرض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، ويتم احتجازهم في ظروف قاسية وسيئة الصحة، ويتم منعهم من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة، ومن ينسى الحصار على غزة، حيث يفرض الحصار الإسرائيلي على غزة منذ سنوات كويلة، ويحرم الفلسطينيين في القطاع من الحصول على السلع الأساسية والخدمات الضرورية، ويؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، وهناك العديد من العناصر الأخرى التي تشكل عنصرية “إسرائيل” تجاه الفلسطينيين، ويظهر ذلك من خلال القيود التي تفرض على الحركة والتنقل والحصول على تصاريح للبناء، وغيرها من القيود التي تؤثر على حياة الفلسطينيين بشكل كبير.
النتيجة، إن هذه الخطة عنصرية وتمييزية للغاية، والفلسطينيون الآن لديهم قوة عسكرية لا يستهان بها، مثل حماس والجهاد الإسلامي، إلى جانب الجيل الثالث من المقاومين الجدد والأشد خطرا على الاحتلال، وقد اختار الفلسطينيون لأنفسهم البقاء في فلسطين والدفاع عنها وتحريرها مهما طال الزمن.