الرئيسية / زاد الاخرة / أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات

أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات

استحباب سجدة الشكر عند تجدد النعم

قال المحقق الحلي رحمه الله تعالى في شرائع الإسلام : ج ١ ص ٧٠ : سجدتا الشكر مستحبتان عند تجدد النعم ، ودفع النقم ، وعقيب الصلوات ، ويستحب بينهما التعفير.

قال السيد الخوئي رحمه‌الله في منهاج الصالحين : ج ١ ص ١٧٨ : (مسألة ٦٥٧) يستحب السجود ـ شكراً لله تعالى ـ

٢٥١
عند تجدد كل نعمة ، ودفع كل نقمة ، وعند تذكر ذلك ، والتوفيق لأداء كل فريضة ونافلة ، بل كل فعل خير ، ومنه إصلاح ذات البين ، ويكفي سجدة واحدة ، والأفضل سجدتان ، فيفصل بينهما بتعفير الخدين ، أو الجبينين أو الجميع ، مقدماً الأيمن على الأيسر ، ثم وضع الجبهة ثانياً ….

وجاء في علل الشرائع : ج ١ ص ٢٢٢ ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : إن أبي علي بن الحسين عليهما‌السلام ما ذكر لله عزوجل نعمة عليه إلّا سجد ، ولا قرأ آية من كتاب الله عزوجل فيها سجود إلّا سجد ، ولا دفع الله عزوجل عنه سوءً يخشاه أو كيد كائد إلّا سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلّا سجد ، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلّا سجد ، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده ، فسمي السجاد لذلك.

وفي كتاب ثواب الأعمال : ص ٣٢ ، عن ذريح المحاربي قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام : أيما مؤمن سجد لله سجدة لشكر نعمة في غير صلاة ، كتب الله له بها عشر حسنات ،

٢٥٢
ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات في الجنان.

وفي بحار الأنوار : ج ٨٣ ص ٢١٩ ح ٣٨ ، عن كتاب مشكاة الأنوار : نقلاً من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من سجد سجدة ليشكر نعمة ، وهو متوضئ كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر خطيئات عظام.

وفي بصائر الدرجات : ص ٤٩٥ ، عن معاوية بن وهب قال : كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلامبالمدينة وهو راكب حماره ، فنزل وقد كنا صرنا إلى السوق أو قريباً من السوق ، قال : فنزل وسجد وأطال السجود ، وأنا أنتظره ، ثم رفع رأسه. قال : قلت : جعلت فداك ، رأيتك نزلت فسجدت ، قال : إني ذكرت نعمة الله عليّ ، قال : قلت : قرب السوق والناس يجيئون ويذهبون؟ قال : إنه لم يرني أحد.

وروى الشيخ الصدوق رحمه الله تعالى في الأمالي : ص ٣٠٤ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلامقال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسير مع بعض أصحابه في بعض طرق المدينة ، إذ ثنى رجله عن دابته ثم خر ساجداً ، فأطال في

٢٥٣
سجوده ثم رفع رأسه فعاد ثم ركب ، فقال له أصحابه : يا رسول الله رأيناك ثنيت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن جبرئيل عليه‌السلام أتاني فأقرأني السلام من ربي وبشرني أنه لن يخزيني في أمتي ، فلم يكن لي مال فأتصدق به ، ولا مملوك فأعتقه ، فأحببت أن أشكر ربي عزوجل.

قال العلامة المجلسي رحمه الله تعالى معقباً على الحديث الشريف في بحار الأنوار : ج ٨٣ ص ١٩٦ ـ ١٩٧ : (بيان) يدل على استحباب سجدة الشكر عند تجدد النعم مطلقاً ، ولا خلاف فيه بين الأصحاب ، قال الشيخ البهائي رحمه الله تعالى : أطبق علماؤنا رضي‌الله‌عنهم على ندبية سجود الشكر عند تجدد النعم ، ودفع النقم ، وكما يستحب لشكر النعمة المتجددة فالظاهر كما قاله شيخنا في الذكرى : أنه يستحب عند تذكر النعم ، وإن لم تكن متجددة ، وقد أجمع علماؤنا على استحباب السجود أيضاً عقيب الصلاة شكراً على التوفيق لأدائها.

٢٥٤
وفي علل الشرايع : ج ١ ص ٢٣ ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لِمَ اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال : لكثرة سجوده على الأرض.

آداب السجود

قال السيد الخوئي رحمه الله تعالى في (منهاج الصالحين : ج ١ ص ١٧٩) : (مسألة ٦٥٧) … ويستحب فيه افتراش الذراعين ، وإلصاق الصدر والبطن بالأرض ، وأن يمسح موضع سجوده بيده ، ثم يمرها على وجهه ، ومقاديم بدنه ، وأن يقول فيه : شكراً لله ، شكراً لله ، أو مائة مرة : شكراً شكراً ، أو مائة مرة : عفواً عفواً ، أو مائة مرة : الحمد لله شكراً ، وكلما قاله عشر مرات قال : شكراً للمجيب ، ثم يقول : يَا ذَا الْمَنِّ الَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ أبَدَاً ، وَلاَيُحْصِيْهِ غَيْرُهُ عَدَداً ، وَيَا ذَا المَعْرُوفِ الَّذِي لاَ يَنْفَذُ أبَدَاً ، يَا كَرِيْمُ يَا كَرِيْمُ يَا كَرِيْمُ ، ثم يدعو ويتضرع ويذكر حاجته ، وقد ورد في بعض الروايات غير ذلك ، والأحوط فيه السجود على ما يصح السجود عليه ، والسجود على المساجد السبعة.

٢٥٥
تعفير الخدين في السجود

قال العلامة الحلي رحمه الله تعالى في (منتهى المطلب : ج ١ ص ٣٠٢) : يستحب التعفير في السجود للشكر ، وهو أن يضع خده الأيمن على الأرض عقيب السجود ثم خده الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، ولم يعتبره الجمهور.

لنا : أنه موضع استكانة وتذلل ، وما ذكرناه أبلغ فيه ، فيكون مطلوباً ، ويؤيده ما رواه الشيخ في الموثق ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان موسى بن عمران عليه‌السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض ، وخده الأيسر بالأرض ، وقال هو إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي : رأيت من آبائي من يفعل ذلك.

وفي مكارم الأخلاق ص ٢٨٦ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال موسى عليه‌السلام : لا يا رب ، قال تعالى : يا موسى إني قلّبت عبادي ظهراً لبطن فلم أجد فيهم أحداً أذل لي نفساً منك ، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب.

٢٥٦
التذلل والخشوع في السجود

قال السيد الخوئي رحمه الله تعالى في (منهاج الصالحين : ج ١ ص ١٧٩) : (مسألة ٦٥٨) يستحب السجود بقصد التذلل لله تعالى ، بل هو من أعظم العبادات ، وقد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد ، ويستحب إطالته.

وقال السيد رضي الدين ابن طاووس قدس الله سرّه وشرف قدره : في (فلاح السائل : ص ٣٣٠ ـ ٣٣٢) : فإذا فرغت من ذلك فاسجد سجدة الشكر ، سجدة من يعرف أنه يريد زيادة القرب من المالك المعبود بالخضوع والسجود ، وكن متأهباً كما يتأهب العبد الحقير إذا أراد التقرب من مولاه العظيم الكبير ، فكن على أقل المراتب حاضر القلب مجتمع الخواطر ، وإلاّ فأنت متى سجدت على الغفلة كالهالك أو المخاطر.

وانظر كيف كان سجود مولانا الكاظم عليه‌السلام ، وما تضمن من الذل والعبودية كما نرويه لك ، وهو قدوة يدعو إلى الله

٢٥٧
جل جلاله ويهدي إليه ، ولا تقل ما أقدر على سلوك ذلك السبيل ، وقل لنفسك : ويحكِ كيف تقولين ما أقدر ولو وقفتِ بين يدي سلطان جليل كنتِ على صفة عبد ذليل ، فمثل ما تذلين للملوك من مماليك مولاكِ كذا يكون تذللكِ له ، فإنكِ إن كنتِ ما ترينه فإنه يراكِ ، فلو كنتِ ما تقدرين ما عملتِ ذلك التذلل مع المملوك من مماليك سلطان العالمين ، ولو قالوا لكِ : ما عليكِ منا خوف وأنتِ من الآمنين ما زادكِ ذلك إلّا تذللاً لهم ، وخضوعاً في حضرتهم لتتقربي إليهم وإلى محبتهم.

فلا تعذر نفسك إذا كانت منزلة الملوك من العباد أرفع عندها من حرمة سلطان الدنيا والمعاد ، وإذا الخواص يكون سجودهم على ما سيأتي ذكره من الخضوع فينبغي أن تكون أنت أي صاحب الجنايات على أضعاف ذلك من الخوف والخشوع.

٢٥٨
من الدعوات الواردة في السجود

من أدعية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السجود وبعده

عن اختيار ابن الباقي كما في (بحار الأنوار ، المجلسي : ج ٨٣ ص ٢٣٩ ح ٦٣) : كانت ليلتي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا أنا به ساجد كالثوب الطريح فسمعته يقول :

سَجَدَ لَكَ سَوَادِي ، وَآمَنَ بِهِ فُؤَادِي ، رَبِّ هَذِهِ يَدَايَ وَمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي ، يَا عَظِيْمَاً يُرْجَى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ العَظِيْمَةَ.

ثم قال : إن جبرئيل عليه‌السلام علمني ذلك وأمرني أن أقول هذه الكلمات التي سمعتها ، فقوليها في سجودكِ ، فمن قالها في سجوده لم يرفع رأسه حتى يغفر له.

وفي الكافي : ج ٣ ص ٣٢٤ ح ١٢ ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال وهو ساجدٌ باكٍ :

٢٥٩
سَجَدَ لَكَ سَوَادِي ، وَخَيَالِي ، وَآمَنَ بِكَ فُؤَادِي ، أبُوءُ إلَيْكَ بِالنِّعَمِ ، وَأعْتَرِفُ لَكَ بِالذَّنْبِ العَظِيْمِ ، عَمِلْتُ سُوْءَاً وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيْمَ إلّا أنْتَ ، أعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ نَقِمَتِكَ ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أبْلُغُ مَدْحَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ، أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ.

وفي (بحار الأنوار ج ٨٣ ص ٢١٧) عن عبد الله بن سنان في سياقة أحاديثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول إذا وضع وجهه للسجود :

اللَّهُمَّ مَغْفِرَتُكَ أوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي ، وَرَحْمَتُكَ أرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي ، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي يَا حَيُّ لاَ يَمُوتُ.

وفي (فلاح السائل : ص ٣٣٣) : فإذا رفعت رأسك من السجود ، فقل ما ذكره كردين بن مسمع في كتابه المعروف بإسناده فيه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان إذا أراد الانصراف من الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثم يقول :

لَكَ الْحَمْدُ لاَ إلَهَ إلّا أنْتَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، الرَّحْمَنُ

٢٦٠
الرَّحِيْمُ ، أذْهِبْ عَنِّي الْغَمَّ وَالْحُزْنَ وَالْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

وقال : ما أحد من أمتي يقول ذلك إلّا أعطاه الله ما سأل.

قال : وروي لنا في حديث آخر أنك إذا أردت أن تقول هذه الكلمات ، فامسح يدك اليمنى على موضع سجودك ثلاث مرات ، وامسح في كل مرة وجهك ، وأنت تقول في كل مرة هذه الكلمات المذكورة.

من أدعية أمير المؤمنين عليه‌السلام

في الكافي : ج ٣ ص ٣٢٥ ، روي أنه كان عليه‌السلام يقول وهو ساجد :

ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَتَضَرُّعِي إلَيْكَ ، وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ ، وَآنِسْنِي بِكَ يَا كَرِيمُ.

وكان يقول عليه‌السلام أيضاً كما روي :

وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ ، وَزَجَرْتَنِي عَنْ مَحَارِمِكَ فَلَمْ أنْزَجِرْ ، وَغَمَرَتْنِي أيادِيْكَ فَمَا شَكَرْتُ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ يا كَرِيمُ أسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المَوتِ ، وَأسْأَلُكَ العَفْوَ عِنْدَ الحِسَابِ.

٢٦١
وعن فقه الرضا عليه‌السلام : ص ١٤١ : قال عليه‌السلام وكان أمير المؤمنين عليه‌السلاميقول في سجوده :

اللَّهُمَّ ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَتَضَرُّعِي إلَيْكَ ، وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ ، وأُنْسِي إلَيْكَ يَا كَرِيْمُ فَإنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، أتَقَلَّبُ في قَبْضَتِكَ ، يَا ذَا المَنِّ وَالْفَضْلِ وَالجُودِ وَالغِنَى وَالكَرَمِ ارْحَمْ ضَعْفِي وَشَيْبَتِي مِنَ النَّارِ يَا كَرِيمُ.

قال العلامة المجلسي رحمه‌الله في بحار الأنوار : ج ٨٣ ص ٢١٧ ح ٣٣ : نقل من خط الشهيد رحمه‌الله قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أحب الكلام إلى الله تعالى أن يقول العبد وهو ساجد :

إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْلِي. ثلاثاً.

وعن قرب الإسناد الحميري : ص ١ ح ١ ، عن مسعدة بن صدقة ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام يقول في دعائه وهو ساجد :

اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلِيَّةٍ تَدْعُونِي ضَرُورَتُهَا عَلَى أنْ أتَغَوَّثَ بِشَيءٍ مِنْ مَعَاصِيْكَ ، اللَّهُمَّ وَلاَ تَجْعَلْ بِي حَاجَةً

٢٦٢
إلَى أحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَلِئَامِهِمْ ، فَإنْ جَعَلْتَ بِي حَاجَةً إلى أحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَاجْعَلْهَا إلَى أحْسَنِهِمْ وَجْهَاً وَخَلْقَاً وَخُلُقَاً ، وَأسْخَاهُمْ بِهَا نَفْسَاً ، وَأطْلَقِهِمْ بِهَا لِسَانَاً ، وَأسْمَحِهِمْ بِهَا كَفَّاً ، وَأَقَلِّهِمْ بِهَا عَلَيَّ امْتِنَانَاً.

من أدعية الإمام زين العابدين عليه‌السلام

روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله في (الأمالي : ص ٣٨٩ ح ١٢) عن الثمالي قال : دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الاسطوانة السابعة قائماً يصلي يحسن ركوعه وسجوده ، فجئت لأنظر إليه فسبقني إلى السجود فسمعته يقول في سجوده :

اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ فَقَدْ أطَعْتُكَ في أحَبِّ الأشْيَاءِ إلَيْكَ وَهُوَ الإيْمَانُ بِكَ ، مَنَّاً مِنْكَ بِهِ عَلَيَّ لاَ مَنٌّ بِهِ مِنِّي عَلَيْكَ ، وَلَمْ أعْصِكَ في أبْغَضِ الأشْيَاءِ إلَيْكَ : لَمْ أدَّعِ لَكَ وَلَداً ، وَلَمْ أتَّخِذْ لَكَ شَرِيكاً ، مَنَّاً مِنْكَ عَلَيَّ لاَ مَنٌّ مِنِّي عَلَيْكَ ، وَعَصَيْتُكَ في أشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ مُكَاثَرَةٍ وَلاَ مُكَابَرَةٍ ، وَلاَ اسْتِكْبَارٍ عَنْ عِبَادَتِكَ ، وَلاَ جُحُودٍ لِرُبُوبِيَّتِكَ ، وَلَكِنِ اتَّبَعْتُ هَوَايَ وَأضَلَّنِي الشَّيْطَانُ بَعْدَ الحُجَّةِ وَالْبَيَانِ ، فَإنْ تُعَذِّبْنِي غَيْرَ ظَالِمٍ لِي ، وَإنْ

٢٦٣
تَرْحَمْنِي فَبِجَودِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.

ثم انفتل وخرج من باب كندة ، فتبعته حتى أتى مناخ الكلبيين ، فمر بأسود فأمره بشيء لم أفهمه ، فقلت : من هذا؟ فقال : هذا علي بن الحسين عليهما‌السلام ، فقلت : جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال : هذا الذي رأيت.

قال السيد ابن طاووس رحمه‌الله تعالى في (فلاح السائل : ص ٣٦٥) في تعقيب صلاة العصر : ثم اسجد وقل ما ذكر جدي السعيد أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه أن مولانا علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يقول صلوات الله عليه إذا سجد ، يقول مائة مرة : الْحَمْدُ للهِ شُكْرَاً ، وكلما قال عشر مرات قال : شُكْرَاً لِلْمُجِيبِ ، ثم يقول :

يَا ذَا الْمَنِّ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ أبَداً ، وَلاَ يُحصِيهِ غَيْرُهُ ، وَيَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذي لاَ يَنْفَدُ أبَداً ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ.

ثم يدعو ويتضرع ويذكر حاجته ثم يقول :

لَكَ الْحَمْدُ إنْ أطَعْتُكَ ، وَلَكَ الحُجَّةُ إنْ عَصَيْتُكَ ، لاَصُنْعَ لِي وَلاَ لِغَيْري في إحْسَانٍ مِنْكَ في حَالِ الحَسَنَةِ ، يَا كَرِيمُ يَا

٢٦٤
كَرِيمُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ ، وَصِلْ بِجَمِيْعِ مَا سَألْتُكَ وَسْألَكَ مَنْ في مَشَارِقِ الأرْضِ وَمَغَارِبِهَا مِنَ المُؤمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَابْدَأْ بِهِمْ وَثَنِّ بِي بِرَحْمَتِكَ.

ثم يضع خده الأيمن على الأرض ويقول :

اللَّهُمَّ لاَ تَسْلُبْنِي مَا أنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ وِلاَيَتِكَ وَوِلايَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.

ثم يضع خده الأيسر على الأرض ويقول مثل ذلك هذه آخر الرواية.

قال : ثم ادع بما أحببت ، وإن شئت قلت وأنت ساجد :

اللَّهُمَّ لَكَ قَصَدْتُ ، وَإلَيْكَ اعْتَمَدْتُ وَأرَدْتُ ، وَبِكَ وَثِقْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَأنْتَ عَالِمٌ بِمَا أرَدْتُ.

فقد روي أن من قال ذلك لم يرفع رأسه حتى تقضى حاجته إن شاء الله تعالى.

وفي (الكافي : ج ٣ ص ٣٢١) من دعاء الإمام الباقر عليه‌السلام وهو ساجد وقد سمع حنينه :

٢٦٥
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي حَقَّاً حَقَّاً ، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّدَاً وَرِقَّاً ، اللَّهُمَّ إنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي ، اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ، وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيْمُ.

قال : وكان أبو جعفر عليه‌السلام يقول وهو ساجد :

لاَ إلَهَ إلّا أنْتَ حَقَّاً حَقَّاً ، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّدَاً وَرِقَّاً ، يَا عَظِيمُ إنَّ عَمَلِي ضَعِيْفٌ فَضَاعِفْهُ لِي ، يَا كَرِيمُ يَا حَنَّانُ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَجُرْمِي ، وَتَقَّبَّلْ عَمَلِي يَا كَرِيمُ يَا جَبَّارُ ، أعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ أخِيْبَ أوْ أحْمِلَ ظُلْمَاً ، اللَّهُمَّ مِنْكَ النِّعْمَةُ وَأنْتَ تَرْزُقُ شُكْرَهَا ، وَعَلَيْكَ يَكُونُ ثَوَابُ مَا تَفَضَّلْتَ بِهِ مِنْ ثَوَابِهَا بِفَضْلِ طَوْلِكَ وَبِكَرِيْمِ عَائِدَتِكَ.

شاهد أيضاً

نبذة عن الشهيد القائد فضيلة الشيخ نبيل قاووق “الشيخ نبيل”

نبذة عن الشهيد القائد فضيلة الشيخ نبيل قاووق “الشيخ نبيل” • محل وتاريخ الولادة: عبّا ...