الرئيسية / من / الشعر والادب / أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام

الشيخ محمد علي قسّام

المتوفى ١٣٧٣ ه‍

يا راكبا هيماء اجهدها السرى
تطوي مناسمها ربى ووهادا
عرج على وادي البقيع معزيا
أسد العرين السادة الامجادا
اسد فرائسها الاسود اذا سطت
ولرب اسد تفرس الآسادا
ماذا القعود وجسم سيدكم لقى
في كربلا تخذ الرمال وسادا
تعدو عليه العاديات ضوابحا
جريا فتوسع جانبيه طرادا
وتساق نسوتكم على عجف المطي
أسرى تكابد في السرى الاصفادا
قوموا فقد ظفرت علوج أمية
بزعيمكم وشفت به الاحقادا
رامت ودون مرامها بيض الضبا
مشحوذة لم تألف الاغمادا
رامت تقود الليث طوع قيادها
وأبى أبو الاشبال ان ينقادا
فسطاعليهم كالعفرني مفردا
وأبادهم وهم الرمال عدادا
يسطو فيختطف النفوس بعضبه
الماضي الشبا ويوزع الاجسادا
فتراه يخطب والسنان لسانه
فيهم وظهر جواده أعوادا
فجلا عجاجتها ولف خيولها
وطوى الرجال وفرق الاجنادا
وأباد فيلقها ابن حيدر بالظبى
والسمر طعنا مخلسا وجلادا
حتى اذا شاء القضا انجازه
العهد القديم فأنجز الميعادا
ومضى نقي الثوب تكسوه العلى
فخرا طرائف عزة وتلادا
سهم أصابك يا ابن بنت محمد
قلبا أصاب لفاطم وفؤادا
وأمض داء اي داء معضل
أوهى القلوب وزعزع الاطوادا
سبي الفواطم للشام حواسرا
أسرى تجوب فدافدا ووهادا
ولرب زاكية لاحمد ابرزت
حسرى فجلببها الحيا أبرادا
٦٢
تدعو أباها الندب نادبة له
والطرف منها بالمدامع جادا
أتغض طرفا والحرائر أبردت
من كربلا نحو الشام تهادى
الشيخ محمد علي قسام خطيب شهير ، فارس المنابر شارك في الثورة العراقية وجلجل صوته الجهوري وكنا نستمد من براعته واساليبه ونتعلم منه أساليب الخطابة ويظهر من أسلوبه الخطابي أنه درس المبادئ وأتقن النحو والصرف والمنطق والبلاغة والفقه والاصول وأضاف الى ذلك مطالعة الكتب الحديثة فأكسبته مرونة وعذوبة فكان يمتاز بتجسيد القصة وتجسيم الوقعة التي يتحدث عنها كواقعة كربلاء أو غيرها حتى كأنك تشاهدها وهو أقدر الخطباء على التأثير في النفوس.

كتب كثيرا والف ولا زلنا نحتفظ بمجاميع من خطه الجيد الذي يفوق ببراعته على الخطاطين وكل مؤلفاته في التاريخ والاخلاق والسيرة وقد طبع له بعد وفاته ( الدروس المنبرية ) ونظم الشعر في شبابه وراسل اخوانه وأخدانه وقد وقفت على مجموع له فيه عدة قصائد في آل الجواهر وآل القزويني وآل السيد صافي وال الكيشوان وفي قصاصات بخطه احتفظ بقصيدة له قالها في زواج السيد محمد الكيشوان مادحا بها عمه السيد كاظم الكيشوان ومطلعها :

قد قلب الصب في لحظ وقد
ريم صقيل العارضين ذو غيد
وأخرى في زفاف الشيخ محمد حسين نجل المرحوم الشيخ علي آل الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وأولها :

برزت لنا من خدرها تتهادى
بيضاء تعطف اسمرا ميادا
ورنت بمقلة جؤذر متذعر
في مسقط الوادي رأى صيادا
نار الجمال توقدت في خدها
شعلا فشبت بالحشى ايقادا
٦٣
وله في زفافه أيضا مهنيا بها ابن عمه الشيخ محمد حسن مطلعها :

أهاج قلبي بارق على أضم
ألم في جنح من الليل ادلهم
وقد أثبت في مؤلفي سوانح الافكار في منتخب الاشعار ، الجزء الثالث صفحة ٧٣ قصيدته التي يرثي بها الامام الحسين عليه‌السلام ، ومنها :

قلبي تصدع من وجد ومن ألم
ومهجتي لم تزل مشبوبة الضرم
وها فؤادي بعد الظاعنين وها
انسان عيني بعد البين لم ينم
كم لي وقد صوت الحادي بركبهم
مدامع قد جرت ممزوجة بدم
يا راكبا حرة هيماء قد طبعت
على المسير وقطع البيد والاكم
تشق قلب الفيافي في مناسمها
فلا تكاد ترى من خفة القدم
عج بالمدينة واندب اسد غابتها
من طبق الكون في باس وفي كرم
والضاربين بيوت العز فوق ذرى
العلياء مثبتة الاطناب والدعم
هبو بني مضر الحمراء وانبعثوا
كالاسد تحت شبا الهندية الخذم
لا صبر حتى تقودوا الخيل مسرجة
جردا عليها من الفرسان كل كمي
لا صبر حتى تهزوا السمر مشرعة
من كل أسمر في اللبات منحطم
فما لكم قد قعدتم والحسين لقى
في كربلا قد قضى صادي الفؤاد ظمي
ورأسه فوق رأس الرمح مرتفع
كالبدر اشرق في داج من الظلم
ما بال هاشم قد قرت ونسوتها
بين العدى لم تجد من كافل وحمي
تغض طرفا وقدما كنت أعهدها
على المذلة لم تهجع ولم تنم
وفي آخرها خطاب للامام الحسين عليه‌السلام :

ان تمس منعفرا فوق الصعيد لقى
دامي الوريد برغم المجد والكرم
فقد قتلت نقي الثوب من دنس
مهذبا من مسيس العار والوصم
والخطيب قسام يستحق أن يكتب عنه أكثر من هذا لان هناك جوانب من حياته مليئة بالعبقرية وما ظنك بخطيب جال أكثر المدن وملأها يقظة وكمالا ، ولد سنة ١٢٩٩ بالنجف الاشرف في اسرة شريفة معروفة في الاوساط ولاشتهاره بالخطابة فقد حبب الى ابني

٦٤
اخيه الشيخ جعفر والشيخ جواد ان يسلكا مسلكه فكانا خطيبين ناجحين مرموقين. عاش الخطيب قسام ٧٤ عاما فقد وافاه الاجل ببغداد في المستشفى الملكي ليلة الجمعة ٢٤ جمادي الاولى ١٣٧٣هـ ٢٩ كانون الثاني ١٩٥٤ م وكان يوم مجيء جثمانه للنجف من الايام المشهودة فقد اقيمت على روحه عدة فواتح كما تبارى الخطباء والشعراء يوم أربعينه في مسجد الهندي بالنجف وكنت ممن شارك بقصيدة مطلعها :

سند الشريعة في جميع الاعصر
هذي الروائع من خطيب المنبر
ذاك الذي يمسي ويصبح ناشرا
علم الجهاد كقائد في عسكر
أمعلم الاجيال تنثر جوهرا
فكأن صدرك معدن من جوهر
يا منبر الاسلام دمت متوجا
بالانجبين وكل ليث قسور
يا منبر الاسلام دمت منورا
طول الزمان بكل عقل انور
يا منبر الاسلام دمت مضمخا
بالرائعات من الفم المتعطر
ومجالس هي كالمدارس روعة
أم لكل مهذب متنور
المنبر العالي حكيم مبصر
يصف الدواء بحكمة المتبصر
يا فارس الميدان عز علي أن
تهوي وحولك سابغات الضمر
يا من اذا أرسلت لفظك لؤلؤا
جرت العيون بلؤلؤ متحدر
أو قمت في أعلى المنابر خاطبا
فكأن قولك ريشة لمصور
والقصيدة بكاملها نشرتها مجلة العرفان اللبنانية م ٤١ / ١١٦٤ وكانت رائعة الاستاذ حسن الجواهري ـ أمين مكتبة النجف يومذاك هي من أفخر الشعر ويحضرني مطلعها :

قالوا نعيت فقلت المنبر اضطربا
غاض البيان ومصباح الندي خبا
٦٥

شاهد أيضاً

الطاعة كسبيل لتحقيق النصر

التربية الجهادية تُعتبر الطاعة ركيزة أساس في أي تنظيم. فكل تنظيم، مهما كان نوعه، يجب ...