الرئيسية / الاسلام والحياة / في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

50 بن الاشعث ، فقال : لك الامان ، فقال : آمن انا ؟ قال : نعم ، وقال القوم : انت آمن غير عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمى فانه قال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل وتنحى . وقال ابن عقيل : اما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في ايديكم ، واتى ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه ،

فكانه عند ذلك آيس من نفسه ، فدمعت عيناه ، ثم قال هذا اول الغدر ، قال محمد بن الاشعث : ارجوالا (  لا )  يكون عليك بأس ، قال : ما هو الا الرجاء اين امانكم ؟ انا لله وانا اليه راجعون وبكى . فقال له عمرو بن عبيدالله بن عباس : ان من يطلب مثل الذي تطلب اذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك قال : اني والله ما لنفسي ابكى ولا لها من القتل ارثى وان كنت لم احب لها طرفة عين تلفا ولكن ابكى لاهلى المقبلين إلى ، ابكى لحسين وآل حسين ،

ثم اقبل على محمد بن الاشعث فقال : يا عبدالله اني اراك والله ستعجز عن اماني فهل عندك خير تستطيع ان تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ حسينا فاني لا اراه الا قد خرج اليكم اليوم مقبلا او هو خرج غدا هو واهل بيته وان ما ترى من جزعى لذلك .

فيقول : ان ابن عقيل بعثني اليك وهو في ايدي القوم اسير لا يرى ان تمشى حتى تقتل ، وهويقول : ارجع باهل بيتك ولا يغرك اهل الكوفة فانهم اصحاب ابيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت او القتل ، ان اهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لمكذوب رأى ، فقال ابن الاشعث : والله لافعلن ولاعلمن ابن زياد اني قد امنتك .

51

قال ابومخنف : فحدثني جعفر بن (  1 )  حذيفة الطائي وقد عرف سعيد بن شيبان الحديث قال : دعا محمد بن الاشعث اياس بن العثل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة ، وكان شاعرا وكان لمحمد زوارا ، فقال له : الق حسينا فابلغه هذا الكتاب ، وكتب فيه الذي امره ابن عقيل وقال له : هذا زادك وجهازك ومتعة لعيالك ، فقال : من أين لي براحلة فان راحلتي قد انضيتها ، قال : هذه راحلة فاركبها برحلها . ثم خرج فاستقبله بزبالة لاربع ليال فاخبره الخبر وبلغه الرسالة ،

فقال له حسين : كل ما حم نازل ، وعندالله نحتسب انفسنا وفساد امتنا ، وقد كان مسلم بن عقيل حيث تحول إلى دار هاني بن عروة وبايعه ثمانية عشر الفا قدم كتابا إلى حسين مع عابس بن ابي شبيب الشاكري . اما بعد : فان الرائد لا يكذب اهله ، وقد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عشر الفا ، فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأى ولا هوى والسلام واقبل محمد بن الاشعث بابن عقيل إلى باب القصر فاستأذن ، فاذن له ، فأخبر عبيدالله خبر ابن عقيل وضرب بكير اياه ، فقال : بعدا

*  (  هامش )  *  (  1 )  جعفر بن حذيفة . عن علي ، وعنه أبومخنف وفي كتاب ابن أبي حاتم جعفر بن حذيفة من آل عامر بن جوين بن عامر بن قبس

الجرمي كان مع علي يوم صفين ، وروى عنه أبومخنف ، وذكره ابن حبان في الثقات ميزان الاعتدال (  ج 1 ص 405 )  المغنى (  ج 1 ص 132 )  لسان الميزان (  ج 2 ص 113 )  .

52

له ، فأخبره محمد بن الاشعث بما كان منه وما كان من أمانه اياه ، فقال عبيدالله : ما انت والامان ، كانا ارسلناك تومنه ؟ انما ارسلناك تأتينا به فسكت ، وانتهى ابن عقيل إلى باب القصر وهو عطشان وعلى باب القصر ناس جلوس ينتظرون الاذن منهم عمارة بن عقبة بن ابي معيط ، وعمرو بن حريث ، ومسلم بن عمرو ، وكثير بن شهاب . قال ابومخنف –  فحدثني قدامة بن سعد : ان مسلم بن عقيل حين انتهى إلى باب القصر فاذا قلة باردة موضوعة على الباب ،

فقال ابن عقيل: اسقوني من هذا الماء ، فقال له مسلم بن عمرو اتراها ما ابردها ، لا والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم ، قال له ابن عقيل : ويحك من أنت ؟ قال : انا بن من عرف الحق اذا انكرته ، ونصح لامامه اذ غششته ، وسمع واطاع اذ عصيته وخالفت ، انا مسلم بن عمرو الباهلي ، فقال ابن عقيل : لامك الثكل ما اجفاك وما افظك واقسى قلبك واغلظك ؟ انت يابن باهلة اولى

بالحميم والخلود في نار جهنم مني ، ثم جلس متساندا إلى حائط . قال ابومخنف –  وحدثني سعيد بن مدرك بن عمارة : ان عمارة بن عقبة بعث غلاما له يدعى قيسا فجاء‌ه بقلة عليها منديل ومعه قدح فصب فيه ماء‌ا ثم سقاه ، فاخذ كلما شرب امتلاء القدح دما ، فلما ملاء القدح المرة الثالثة ذهب ليشرب فسقطت ثنيتاه فيه ،

فقال : الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم شربته . وادخل مسلم علي ابن زياد فلم يسلم عليه بالامرة ، فقال له الحرسى : الا تسلم على الامير ؟ فقال له : ان كان يريد قتلى فما سلامى عليه وان كان لا يريد قتلى فلعمرى ليكثرن

 

53

سلامى عليه .

فقال له ابن زياد : لعمرى لتقتلن ، قال كذالك ، قال : نعم ، قال : فدعنى اوصى إلى بعض قومي ، فنظر إلى جلساء عبيدالله وفيهم عمر بن سعد ، فقال يا عمر : ان بيني وبينك قرابة ولي اليك حاجة وقد يجب لى عليك نجح حاجتي وهو سر فأبى ان يمكنه من ذكرها ، فقال له عبيدالله : لا تمتنع ان تنظر في حاجة ابن عمك ، فقام معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد ،

فقال له : ان على بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمأة درهم فاقضها عني ، وانظر جثتي فاستوهبها من ابن زياد فوارها ، وابعث إلى حسين من يرده ، فاني قد كتبت اليه اعلمه ان الناس معه ولا اراه الا مقبلا . فقال عمر لابن زياد : اتدري ما قال لي ؟ انه ذكر كذا وكذا ، قال له ابن زياد : انه لا يخونك الامين ولكن قد يؤتمن الخائن ، اما ما لك فهو لك ولسنا نمنعك ان تصنع فيه ما احببت ، واما حسين فانه ان لم

يردنا لم نرده ، وان ارادنا لم نكف عنه ، واما جثته فانا لن نشفعك فيها انه ليس باهل منا لذلك ، قد جاهدنا وخالفنا وجهد على هلاكنا ، وزعموا انه قال : اما جئته فانا لا نبالى اذا قتلناه ما صنع بها . ثم ان ابن زياد قال : ايه يابن عقيل اتيت الناس وامرهم جميع وكلمتهم واحدة لتشتتهم وتفرق كلمتهم وتحمل بعضهم على بعض ، قال : كلا لست اتيت ، ولكن اهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم وسفك دمائهم ، وعمل فيهم اعمال كسرى وقيصر ، فاتيناهم لنأمر بالعدل

وندعو إلى حكم الكتاب .

54

قال : وما أنت وذاك يا فاسق اولم نكن نعمل بذاك فيهم اذ انت بالمدينة تشرب الخمر ؟ قال : أنا اشرب الخمر ، والله ان الله ليعلم انك غير صادق ، وانك قلت بغير علم ، واني لست كما ذكرت ، وان احق بشرب الخمر مني واولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا ، فيقتل النفس التي حرم الله قتلها ، ويقتل النفس ، بغير النفس ويسفك الدم الحرام ، ويقتل على الغضب والعداوة وسوء الظن وهو

يلهو ويلعب كان لم يصنع شيئا . فقال له ابن زياد : يا فاسق ان نفسك تمنيك ما حال الله دونه ولم يرك اهله ، قال فمن اهله يابن زياد ؟ قال : امير المؤمنين يزيد ، فقال : الحمد لله على كل حال رضينا بالله حكما بيننا وبينكم ، قال : كأنك

تظن ان لكم في الامر شيئا ، قال : والله ما هو بالظن ولكنه اليقين ، قال : قتلني ان لم اقتلك قتلة لم يقتلها احد في الاسلام . قال : اما انك احق من احدث في الاسلام ما لم يكن فيه ، اما انك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة ، ولا احد من الناس احق بها منك . واقبل ابن سمية يشتمه ويشتم حسينا وعليا وعقيلا واخذ مسلم لا يكلمه . وزعم اهل العلم ان عبيدالله امرله بماء فسقى بخزفة .

ثم قال له : انه لم يمنعنا نسقيك فيها الا كراهة ان تحرم بالشرب فيها ثم نقتلك ولذلك سقيناك في هذا . ثم قال : اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ، ثم اتبعوا جسده رأسه ، فقال : يا ابن الاشعث اما والله لولا انك آمنتنى ما استسلمت ، قم بسيفك دوني فقد اخفرت ذمتك . ثم قال : يابن زياد اما والله

55

لو كانت بيني وبينك قرابة ما قتلتني . ثم قال ابن زياد : اين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف وعاتقه ؟ فدعى فقال : اصعد فكن انت الذي تضرب عنقه، فصعد به وهو يكبر ويستغفر ويصلى على ملائكة الله ورسله وهو يقول : اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا واذ لونا واشرف به على موضع الجرارين اليوم ، فضربت عنقه واتبع جسده رأسه . قال ابومخنف –  حدثني الصقعب بن زهير عن (  1 )  عوف

*  (  هامش )  *  (  1 )  الظاهر كونه عوف بن أبي جميلة لا أبي حجيفة ، فان ابن أبي حجيفة اسمه عون ، وستأتي ترجمته وعلى فرض كونه أبي جميلة هو عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري ابوسهل البصري المعروف بالاعرابي ، واسم ابيه جميلة بندويه ، ويقال : بل بندويه اسم امه واسم أبيه رزينة . روى عن ابي رجاء العطاردي ،

وأبي عثمان النهدي ، وأبي العالية ، وأبي المنهال سيار بن سلامة ، وخلاس الهجري والحسن بن أبي الحسن البصري ، وأخيه سعيد بن أبي الحسن ، وأنس ومحمد ابني سيرين ، وزرارة بن أوفى ، وعلقمة بن وائل ، وقسامة بن زهير ، ويزيد الفارسي ، وأبي نضرة العبدي ، وخالد الاشجع ، وزياد

بن مخراق وعبدالله بن عمرو بن هند وجماعة . وعنه شعبة ، والثوري ، وابن المبارك والقطان ، وهشيم وعيسى بن يونس وغندر ومروان بن معاوية ومعتمر بن سليمان وروح بن عبادة وعدة كثيرة . 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...