الرئيسية / من / الصحة والعافية / موسوعة الأحاديث الطبية – محمد الريشهري

موسوعة الأحاديث الطبية – محمد الريشهري

بالحياة توجه المجتمع إلى طرق ضمان السلامة:
(يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلم). (1) وهكذا يستطيع الإنسان من خلال ارتباطه بالله تعالى وما بينه للحياة من مناهج وسبل أن يظفر بأعظم النعم الإلهية، ولا يضمن سلامته وسعادته لا في الآخرة فحسب، بل يضمنهما في الدنيا أيضا:
(من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والأخرة). (2) وعلى هذا الأساس فإن ما يشكل ضررا وخطرا على سلامة الجسد أو الروح فهو حرام أو مكروه، وإن ما يكون لازما ومفيدا لسلامة الإنسان فهو واجب أو راجح، وإن ما ليس فيه نفع أو ضرر للجسد أو الروح فهو مباح، وهذا يعني: أن الطب الوقائي محبوك في متن الأحكام الإسلامية الخمسة، وأن التطبيق الدقيق للقوانين الربانية في الحياة يستتبع سلامة الجسد والروح. (3) يقول الإمام الرضا (عليه السلام) في الحكمة من الأحكام الإلهية التي أحلت للإنسان أو حرمت عليه:
” إنا وجدنا كل ما أحل الله – تبارك وتعالى – ففيه صلاح العباد وبقاؤهم، ولهم إليه الحاجة التي لا يستغنون عنها، ووجدنا المحرم من الأشياء لا حاجة بالعباد إليه ووجدناه مفسدا داعيا للفناء والهلاك “. (4) نلاحظ في هذا الكلام أن الإمام (عليه السلام) نص على أن ما أحل من شرائع كالأكل،
1. المائدة: 16.
2. النساء: 134.
3. باستثناء الحالات التي تقتضي فيها الحكمة الإلهية مرض الإنسان لأهداف تربوية. انظر: ص 86 (الحكمة من المرض).
4. علل الشرائع، ص 592، بحار الأنوار، ج 65، ص 166، ح 5. وانظر: التداوي بالمحرمات ص 60، ح 65.
(١٣)

والشرب، والزواج، وغيرها أمور يحتاج إليها الناس؛ لضمان سلامتهم ورفاهيتهم ورخائهم، وبها تتعلق مصالح حياتهم وبقائهم، وعلى العكس فإن ما حرم عليهم أمور لا يحتاجون إليها، بل هي مضرة لسلامتهم ورخائهم، وتؤدي إلى هلاكهم وفنائهم.
(١٤)
2 التقويم العام للأحاديث الطبية من الضروري الإجابة عن ثلاثة أسئلة أساسية قبل تقويم الأحاديث الطبية:
السؤال الأول: هل لعلم الطب مصدر إلهي؟ أي أنه مستند إلى الوحي أم إلى تجربة الإنسان؟
السؤال الثاني: أكان لأئمة الدين: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) معرفة بعلم الطب أم لا؟
السؤال الثالث: هب أن لهم معرفة بعلم الطب، فهل يقوم الدين على أساس مزاولة الشؤون الطبية، ومعالجة أنواع الأمراض الجسدية؟
1. مصدر علم الطب يرى بعض العلماء أن لعلم الطب مصدرا إلهيا، وأنه يستند على الوحي، قال المفكر والمحقق الكبير الشيخ المفيد (قدس سره) في هذا المجال:
” الطب صحيح، والعلم به ثابت، وطريقه الوحي، وإنما أخذ العلماء به عن الأنبياء؛ وذلك أنه لا طريق إلى علم حقيقة الداء إلا بالسمع، ولا سبيل إلى معرفة الدواء إلا بالتوقيف (1)، فثبت أن طريق ذلك هو السمع عن العالم بالخفيات تعالى “. (2)
1. في بحار الأنوار: ” بالتوفيق “.
2. تصحيح الاعتقاد، ص 144، بحار الأنوار، ج 62، ص 75.
(١٥)
يبدو أن حاجة الإنسان الأول كانت تستدعي قيام الوحي لرفده ببعض العلوم التجريبية الضرورية لحياته، ويدعم هذا الرأي ما نقله السيد رضي الدين علي بن طاووس (قدس سره) عن بعض الكتب:
” إن الله – تبارك وتعالى – أهبط آدم من الجنة، وعرفه علم كل شئ، فكان مما عرفه النجوم والطب “. (1) من هنا، يمكننا أن نقول: إن بداية علم الطب كانت عن طريق الوحي، ثم زادته تجربة العلماء فاتسع تدريجيا، ويتسع على تواتر الأيام، لكن من زعم أن الوحي هو الطريق الوحيد لهذا العلم، فإن كلامه لا يقوم على برهان عقلي أو شرعي، كما أثبتت التجربة بطلانه، وما نقل عن المرحوم الشيخ المفيد قوله إن طريقه: ” السمع عن العالم بالخفيات ” يصح إذا قصد أنه أحد طرقه، لا أنه الطريق الوحيد، وإلا فلا.
2. أهل البيت وعلم الطب تدل دراسة دقيقة للأحاديث المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) بشأن الخصائص العلمية، ومبادئ العلوم، وأنواعها (2)، على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لم يتصفوا بعلم الطب فحسب، بل بالعلوم جميعا، وليس ذلك عن طريق الاكتساب، بل عن طريق خارق للعادة، حتى أنهم أنى شاؤوا أن يعلموا شيئا علموه، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام):
” إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم “. (3)
١. انظر: ص ٣٤، ح ٦.
٢. انظر: أهل البيت في الكتاب والسنة، ص ١٨٣ (خصائصهم في العلم)، وص ١٩٩ (أبواب علومهم)، وص ٢١٧ (مبادئ علومهم).
وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ج ١٠ (علوم الإمام علي (عليه السلام)).
٣. انظر: أهل البيت في الكتاب والسنة، ص 233 (صفة علومهم).
(١٦)

شاهد أيضاً

نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة

نقاط على الحروف  16/06/2024 نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة ...