قال: فقال النبي (ص): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه. ثم قال النبي (ص): انما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل (1). فعلى هذا يكون الزائد عما يحتاج إليه في العلوم الاسلامية من المنطق والحكمة والعلوم الرياضية والاديبة وغير ذلك كله فضلا لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه بنص الرسول والائمة عليهم السلام، بل يكون الاشتغال به في مثل زماننا هذا سفها ” حراما ” على من لم يتفقه في دينه لافضائه الى ترك الواجب كما لا يخفى على من يؤمن بالله واليوم الاخر. وان كانت هذه العلوم شريفة في أنفسها فيكون الساعي فيها لذلك التارك لما يهمه من أمر دينه من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (2). اللهم وفقنا لصرف أوقاتنا فيما يرضيك عنا، وتقبل ذلك بفضلك واحسانك منا، انك أنت الجواد الكريم. (الفصل الثالث) ولما روينا بأسانيدنا المتصلة الى محمد بن يعقوب (ره) عن الحسين بن محمد الاشعري عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن ابى نجران عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه السلام قال: من حفظ (3) من أحاديثنا
- الكافي 1 / 32. 2. سورة الكهف: 104. 3. قال الشيخ بهاء الدين في الاربعين: الظاهر أن المراد الحفظ عن ظهر القلب،
[ 38 ]
أربعين حديثا ” بعثه الله تعالى يوم القيامة عالما ” فقيها ” (1). وروينا من غير طريقه بسندنا المتصل الى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من حفظ على أمتي أربعين حديثا ” فيما ينفعهم من أمر دينهم بعث يوم القيامة من العلماء (2). وروينا أيضا ” عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من تعلم حديثين ينفع بهما نفسه ويعلمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا ” له من عبادة ستين عاما ” (3). وروينا أيضا ” بسندنا المتصل الى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من حفظ على أمتي حديثا ” واحدا ” كان له أجر سبعين نبيا ” صديقا “. ولا شبهة أن الحديث المعتبر عند أهل النقل كافة الذي يجب العمل به هو المتصل لا المنقطع عند جمهور العامة. وقد من الله تعالى علي فاستخرجت من الكافي ما يزيد عن أربعين حديثا “، وقد تلوت عليك منها جملة بعضها يتعلق بفضل التفقه في الدين وبعضها يتعلق
فانه هو المتعارف المهود في الصدر السائف، فان مدارهم كان على النقش في الخواطر لا على الرسم في الدفاتر، حتى منع بعضهم من الاحتجاج بما لم يحفظه الراوى عن ظهر القلب. وقال: ولا يبعد أن يراد بالحفظ الحراسة عن الاندراس بما يعم الحفظ عن ظهر القلب والكتابة والنقل بين الناس ولو من كتاب وأمثال ذلك. وقد يقال: المراد بحفظ الحديث تحمله على أحد الوجوه الستة المقررة في الاصول. الى آخر ما قال. 1. الكافي 1 / 49. 2. كنز العمال 10 / 224. 3. كنز العمال 10 / 163 وفيه (أو ويعلمهما) و (سنة) بدل (عاما). البحار 2 / 152.
[ 39 ]
بفضل رواية الاحاديث وبعضها يتعلق بفضل العلم بقول مطلق، واكثر يتعلق بفن أصول الحديث التي هي المقصود من هذه الرسالة، وسأتلوه عليك في أبوابه انشاء الله تعالى. (أردت أن أذكر طريقا واحدا “) من طرقي الى محمد بن يعقوب (ره) ليتصل اسنادها وليحص لتأليف رسالتي هذه ثواب من روى أربعين حديثا ” فضلا عن الحديث الواحد والحديثين: أخبرني بكتابه الكافي بتمامه الشيخان الامامان الفاضلان الورعان السيد الجليل المتأله حسن بن السيد جعفر الحسيني نور الله تربته اجازة والشيخ الجليل النبيل زين الدين علي بن احمد العاملي زين الله تعالى الوجود بوجوده وأفاض عليه من منه وجوده قراءة لبعضه وسماعا لبعضه واجازة لباقيه، كلاهما عن شيخنا الفاضل التقي الورع الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن والده السعيد الشهيد محمد بن مكي، عن رضي الدين المزيدي، عن محمد ابن صالح، عن السيد فخار. (1) (ح) (2) وعن الشيخ ضياء الدين بن مكي، عن السيد تاج الدين ابن معية الحسني عن الشيخ العلامة الجليل جمال الدين ابن المطهر، عن الشيخ المحقق نجم الدين بن سعيد، عن السيد فخار، عن شاذان بن جبرئيل، عن ابى القاسم محمد بن ابى القاسم الطبري، عن الشيخ الفقيه ابى علي الحسن، عن أبيه شيخ
- فخار مشتق من الفخر (منه). 2. علامة تحويل (منه).