وكذلك روى هذين الحديثين في الجع بين الصحيحين، وروى في الجمع بين الصحاح الست أن رسول الله (ص) قال: فاطمة سيدة نساء العالمين (1). وروى بطريق آخر أنه قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة المؤمنين أو سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء هذه الامة. وكذلك رواه البخاري في صحيحه (2)، وكذلك رواه الثعلبي في تفسيره عند قوله تعالى (واني سميتها مريم) (3). وهذه الاخبار الصحيحة عندهم تدل على أن من آذى فاطمة أو أغضبها فقد آذى اباها وأغضبه، وقد قال الله تعالى (ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة) (4). وقد صححوا أن أبا بكر وعمر قد أغضباها وآذياها وهجرتهما الى أن ماتت فاعتبروا يا أولى الابصار. (فصل) ومنهم من خالف النبي صلى الله عليه وآله بل خالف الله لانه لا ينطق عن الهوى، في احضار الدواة والقرطاس ليكتب للمسلمين كتابا ” لن يضلوا بعده أبدا “، وشتم النبي (ص) حينئذ فقال: دعوه فانه يهجر. وهذا لا يجوز أن يواجه به المثل لمثله فكيف هذا النبي الكريم ذوا الخلق العظيم. فقد روى ذلك مسلم
- صحيح البخاري 1 / 532. 2. صحيح البخاري 1 / 512 وليس فيه (سيدة نساء هذه الامة). كنز العمال 13 / 107. 4. سورة الاحزاب: 37.
[ 73 ]
في صحيحه، ورواه غيره من أهل النقل، وكان ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب نبينا (1). ومن أوجب بيعة ابى بكر وخاصم عليا ” بغير دليل وقصد بيت النبوة وذرية الرسول الذين فرض الله طاعتهم ومودتهم واكد النبي صلى الله عليه وآله في الوصية بهم بالاحراق بالنار (2). وكيف يوجب عليهم شيئا ” لم يوجبه الله ولا رسوله عليهم، فهل كان أعلم من الله ورسوله ومن أهل البيت بالاحكام ومصالح العباد، والنبى (ص) قد قنع من اليهود والنصارى بالجزية ولم يوجب عليهم متابعته قهرا ” ولا عاقبهم بالاحراق بالنار، فكيف استجاز احراق أهل بيت نبيه. ومن أمر برجم حامل (3) ورجم مجنونة (4) فنهاه علي عليه السلام فقال: لو لا علي لهلك عمر (5). ومن منع من المغالاة في المهر ونبهته امرأة، فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت (6). ومن أعطى حفصة وعائشة من بيت المال مالا يجوز (7).
- صحيح البخاري 2 / 638، 846. 2. الامامة والسياسة 1 / 12. 3. الايضاح لابن شاذان ص 192. 4. الايضاح ص 193. 5. قال هذا وما يشبهه مرارا ” كثيرة. 6. شرح ابن ابى الحديد 12 / 208 وفيه (كل النساء أفقه من عمر). 7. شرح ابن ابى الحديد 12 / 210.
[ 74 ]
ومن عطل حد الله في المغيرة بن شعبة ولقن الشاهد الرابع فامتنع (1) حتى كان عمر يقول إذا رآه: قد خفت أن يرميني اله بحجارة من السماء. ومن كان يتلون في أحكامه لجهله حتى قضى في الحد بسبعين قضية (2). ومن قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما (3). وهذا يقدح في ايمانه ان كان آمن. وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من عدة طرق عن جابر وغيره: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله (ص) وأبى بكر حتى نهانا عنها عمر لاجل عمرو بن حريث لما استمتع. وقد روى في الجمع بين الصحيحين نحو ذلك من عدة طرق. وروى احمد في مسنده عن عمران بن حصين قال: أنزلت متعة النساء في كتاب الله وعلمناها وفعلناها مع النبي (ص) ولم ينزل قرآن بحرمتها ولم ينه عنها حتى مات. وروى الترمذي في صحيحه قال: لما سئل ابن عمر عن متعة النساء فقال: هي حلال. فقيل: ان أباك قد نهى عنها. فقال: سبحان الله ان كان أبى قد نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) نترك السنة ونتبع قول أبى. ومن أبدع في الشورى عدة بدع، فخرج بها عن النص والاختيار وحصرها في ستة وشهد على كل من سوى علي بعدم صلوحه لها وأمر بضرب رقابهم ان تأخروا اكثر من ثلاثة أيام وأمر بضرب رقاب من يخالف عبد الرحمن (4). وكل
- شرح ابن ابى الحديد 12 / 227. 2. شرح ابن ابى الحديد 12 / 246. 3. شرح ابن ابى الحديد 12 / 251. 4. شرح ابن ابى الحديد 12 / 256.