الرئيسية / مقالات متنوعة / لأكون مع الصادقين د. محمد التيجاني

لأكون مع الصادقين د. محمد التيجاني

الذين اعتلوا منصة الخلافة بعد رسول الله، ويفسره الشيعة على أنهم الخلفاء الاثنا عشر وهم أئمة أهل البيت سلام الله عليهم.
ذلك إنا نرى هذا الاختلاف شائعا في كل ما يتعلق بالأشخاص الذين زكاهم القرآن والرسول أو أمر باتباعهم، مثال ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
” علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل ” أو ” العلماء ورثة الأنبياء ” (1).
فأهل السنة والجماعة يعممون هذا الحديث على كل علماء الأمة بينما يخصصه الشيعة بالأئمة الاثني عشر ومن أجل ذلك يفضلونهم على الأنبياء ما عدا أولي العزم من الرسل.
والحقيقة أن العقل يميل إلى هذا التخصيص.
أولا: لأن القرآن أورث علم الكتاب للذين اصطفى من عباده وهو تخصيص، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خص أهل بيته بأمور لم يشركهم فيها بأحد، حتى سماهم سفينة النجاة وسماهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى والثقل الثاني الذي يعصم من الضلالة.
فظهر من هذا، أن قول أهل السنة والجماعة يعارض هذا التخصيص الذي أثبته القرآن والسنة النبوية، وإن العقل لا يرتاح إليه لما فيه من الغموض وعدم المعرفة بالعلماء الحقيقين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم، وعدم تمييزهم عن العلماء الذين فرضهم على الأمة الحكام الأمويون والعباسيون، وما أبعد الفرق بين أولئك العلماء وبين الأئمة من أهل البيت الذين لا يذكر التاريخ لهم أستاذا تتلمذوا على يديه سوى أن يتلقى الابن عن أبيه ومع ذلك فقد روى علماء أهل السنة في علومهم روايات عجيبة وخصوصا الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الرضا الذي أفحم بعلومه أربعين قاضيا جمعهم إليه المأمون وهو
(١) صحيح البخاري ج ١ كتاب العلم. صحيح الترمذي كتاب أيضا.
(١٨)

لا يزال صبيا (1).
ومما يؤكد تميز أهل البيت عن غيرهم ما يظهر لنا من اختلاف أصحاب المذاهب الأربعة عند أهل السنة والجماعة في كثير من المسائل الفقهية بينما لا يختلف الأئمة الاثنا عشر من أئمة أهل البيت في مسألة واحدة.
ثانيا: لو أخذنا بقول أهل السنة والجماعة في تعميم هذه الآيات والأحاديث على كل علماء الأمة لوجب أن تتعدد الآراء والمذاهب على مر الأجيال ولأصبح هناك آلاف المذاهب ولعل علماء أهل السنة والجماعة تفطنوا لما لهذا الرأي من سخافة وتفريق لوحدة العقيدة فأسرعوا إلى غلق باب الاجتهاد منذ زمن بعيد.
أما قول الشيعة فهو يدعو إلى الوحدة والالتفاف حول أئمة معروفين خصهم الله تعالى والرسول بكل المعارف التي يحتاجها المسلمون في كل العصور، فلا يمكن لأي مدع بعد ذلك أن يتقول على الله وعلى الرسول ويبتدع مذهبا يلزم الناس باتباعه، فاختلافهم في هذه المسألة كاختلافهم في المهدي الذي يؤمن به الفريقان، ولكن المهدي عند الشيعة معلوم معروف أبوه وجده، وعند أهل السنة والجماعة لا يزال مجهولا وسيولد في آخر الزمان ولذلك ترى كثيرا منهم ادعى المهدية، وقد قال لي شخصيا الشيخ إسماعيل صاحب الطريقة المدنية بأنه هو المهدي المنتظر، وقالها أمام صديق لي كان من أتباعه ثم استبصر فيما بعد.
أما عند الشيعة فلا يمكن لأي مولود عندهم أن يدعي ذلك وحتى لو سمى أحدهم ابنه بالمهدي فهو تيمنا وتبركا بصاحب الزمان كما يسمي أحدنا ابنه محمدا أو عليا، ولأن ظهور المهدي عندهم هو في حد ذاته معجزة لأنه ولد منذ اثني عشر قرنا وتغيب.
ثم بعد كل هذا قد يختلف أهل السنة والجماعة في معنى الحديث الثابت
(1) العقد الفريد لا بن عبد ربه – والفصول المهمة الصباغ المالكي ج 3 ص 42.
(١٩)

الصحيح عند الفريقين حتى لو كان الحديث لا يتعلق بالأشخاص ومن ذلك مثلا حديث: ” اختلاف أمتي رحمة “.
الذي يفسره أهل السنة والجماعة: بأن اختلاف الأحكام الفقيهة في المسألة الواحدة هو رحمة للمسلم الذي بإمكانه أن يختار أي حكم يناسبه ويتماشى مع الحل الذي يرتضيه ففي ذلك رحمة به، لأنه إذا كان الإمام مالك مثلا متشددا في مسألة ما، فإن بإمكان المسلم أن يقلد أبا حنيفة المتساهل فيها.
أما عند الشيعة فهم يفسرون الحديث على غير هذا المعنى ويروون أن الإمام الصادق (عليه السلام) لما سئل عن هذا الحديث ” اختلاف أمتي رحمة ” قال صدق رسول الله! فقال السائل إذا كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم نقمة! فقال الصادق: ليس حيث ذهبت ويذهبون (يعني في هذا التفسير) إنما قصد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اختلاف بعضهم إلى بعض يعني يسافر بعضهم إلى بعض وينفر إليه ويقصده لأخذ العلم عنه واستدل على ذلك يقول الله تعالى:
* (فلولا نفر من كل فرقة منهم آية طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم يحذرون) * (1) ثم أضاف قائلا فإذا اختلفوا في الدين صاروا حزب إبليس.
وهو كما نرى تفسير مقنع ولأنه يدعو لوحدة العقيدة لا للاختلاف فيها (2).
ثم إن الحديث بمفهوم أهل السنة والجماعة غير معقول لأنه يدعو للاختلاف والفرقة تعدد الآراء والمذاهب وكل هذا يعارض القرآن الكريم الذي يدعونا للوحدة والالتفاف حول شئ واحد: يقول سبحانه: * (وإن هذه أمتكم أمة
(1) سورة التوبة: آية 122.
(2) البسملة في الصلاة مكروهة عند المالكية وواجبة عند الشافعية ومستحبة عند الحنفية والحنابلة قالوا: بإخفاتها صلى في الصلاة الجهرية.
(٢٠)

إقرأ المزيد ..

الإمام الخامنئي: عملية طوفان الأقصى كانت ضربة قاصمة للكيان الصهيوني

 الإمام الخامنئي يوجه رسالة إلى الطلاب الجامعيين في أمريكا المدافعين عن غزة

الإمام الخامنئي: الإعلام أكثر تأثيراً على العدو من الصواريخ والمسيّرات

شاهد أيضاً

روى محللون أن صور “الهدهد” التي نشرها حزب الله

روى محللون أن صور “الهدهد” التي نشرها حزب الله، اليوم الأربعاء، لمنطقة حيفا-الكرمل تؤكد احتفاظه ...