فالمؤمنون علي وعترته فالعزة للنبي والعترة لا يفترقان في العزة إلى آخر الدهر، فهم رأس دارة الإيمان وقطب الوجود وسماء الجود وشرف الموجود وضوء شمس الشرف ونور قمره وأصل العز والمجد ومبدأه ومعناه ومبناه، فالإمام هو السراج الوهاج والسبيل والمنهاج والماء الثجاج والبحر العجاج والبدر المشرق والغدير المغدق والمنهج الواضح المسالك والدليل إذا عميت المهالك والسحاب الهاطل والغيث الهائل والبدر الكامل والدليل الفاضل والسماء الظليلة والنعمة الجليلة.
والبحر الذي لا ينزف والشرف الذي لا يوصف والعين الغزيرة والروضة المطيرة والزهر الأريج والبدر البهيج والنير اللائح والطيب الفائح والعمل الصالح والمتجر الرابح والمنهج الواضح والطيب الرفيق والأب الشفيق، مفزع العباد في الدواهي والحاكم والآمر والناهي، مهيمن الله على الخلائق وأمينه على الحقائق، حجة الله على عباده ومحجته في أرضه وبلاده، مطهر من الذنوب مبرأ من العيوب مطلع على الغيوب، ظاهره أمر لا يملك وباطنه غيب لا يدرك، واحد دهره وخليفة الله في نهيه وأمره، لا يوجد له مثيل ولا يقوم له بديل، فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا ويشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا، حارت الألباب والعقول وتاهت الأفهام فيما أقول،
تصاغرت العظماء وتفاخرت العلماء وكلت الشعراء وخرست البلغاء ولكنت الخطباء وعجزت الفصحاء وتواضعت الأرض والسماء عن وصف شأن الأوصياء، وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبرياء وشرف الأرض والسماء؟ جل مقام آل محمد عن وصف الواصفين ونعت الناعتين، وأنى يقاس بهم أحد من العالمين، كيف وهم الكلمة العليا والتسمية البيضاء والوحدانية الكبرى التي أعرض عنها من أدبر وتولى وحجاب الله الأعظم الأعلى، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول من هذا؟ ومن ذا عرف أو وصف من وصفت؟
ظنوا أن ذلك في غير آل محمد، كذبوا وزلت أقدامهم، اتخذوا العجل ربا والشياطين حزبا وكل ذلك بغضة لبيت الصفوة ودار العصمة وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فتبا لهم وسحقا، كيف اختاروا إماما جاهلا عابد الأصنام، جبانا يوم الزحام، والإمام يجب أن يكون عالما لا يجهل وشجاعا لا ينكل لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب، فهو في الذروة من قريش والشرف من هاشم والبقية من إبراهيم والمتمتح من النبع الكريم، والنفس من الرسول والرضا من الله والقول عن الله، فهو شرف الأشراف والفرع من عبد مناف، عالم بالسياسة قائم بالرياسة مفترض الطاعة إلى يوم الساعة.
أودع الله قلبه سره وأطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان ولا جاهل فتركوه يا طارق واتبعوا أهواءهم ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله، والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر إلهي وروح قدسي ومقام علي ونور جلي وسر خفي، فهو ملكي الذات إلهي الصفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات مدحضا من رب العالمين ونصا من الصادق الأمين جبرئيل، وهذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه مشارك، لأنهم معدن النزيل(46)
(46) في المصدر: التنزيل.