الصوارم القاطعة والحجج اللامعة في اثبات صحة الزيارة الجامعة تأليف : الشيخ عبدالكريم العقيلي
6 أكتوبر,2024
طرائف الحكم
190 زيارة
الصوارم القاطعة والحجج اللامعة في اثبات صحة الزيارة الجامعة تأليف : الشيخ عبدالكريم العقيلي
المقدمة
الحمد للّه على ما عرفنا من نفسه، والهمنا من شكره، وفتح لنا
من ابوابالعلم بربوبيته، ودلنا عليه من الاخلاص له في
توحيده،
وجنبنا من الالحادوالشك في امره، الصلاة والسلام
على خاتم انبيائه وسيد رسله محمدوآله آل اللّه، ملء الميزان
ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش وسعةالكرسي.
وبعد، لاريب ان تراثنا الاسلامي المجيد حمل بين طياته كنوزا
معنوية هائلةملئت بدرر علم ما كان، وجواهر علم ما هو كائن،
ويواقيت علم ما يكون،اتحف رسول اللّه(ص) الذي ما ينطق
عن الهوى ان هو الا وحي يوحى واهلبيته صلوات اللّه عليهم
من بعده بها الخلق لينهلوا من معينها الصافي زلالا عذبا،يروي
النفوس المتعطشة لمعرفة الحقائق، وليتفياوا بظلالها الثر ان
رامواالخلاص من ضلال التيه، ووهج طيشه، وليعتصموا
بمعانيها العالية اذا تلاطمتبهم امواج الفتن.
واسفا! ان تلك العلوم والكنوز كانت معرضا للغارة والنهب تارة،
ومحطا لانظارالجهل والحقد تارة اخرى، فضاع القسم الاكبر
منها مابين طعمة للاحقادالخيبرية، وضحية للضغائن
الصليبية، او لقمة لنيران الحقد والعصبية،
ولعمر الحق لو كانت باقية، لكان وضع المسلمين افضل بكثير
مما هم عليه الان،ولتسلقوا بحسن حالهم ذرى المجد والعز، الا
ان هذا لا يعني الضياع، ولا يدعوالى الاياس، فاللطف الالهي
اكبر وارحم من ان يدع الخلق يخبط بعقيدته خبطعشواء،
فكانت هناك دائما اوعية امينة تمثلت في صدور المؤمنين
التي استودعت فيهابعض قطرات يم تلك العلوم اللدنية، وكانت
هناك افواه طيبة، والسن صادقةصدعت بها، وبلغتها مع تعاقب
الزمان والاجيال، وكانت هناك ايضا آذان واعيةتلقتها ووعتها،
فراحت بفضل اللّه ولطفه تقترب من مدارج العز
والسموالروحي.
ولكن للاسف الشديد ان يكون الى جانب هذا العقل الوضاء
والنور الساطع،ظلام دامس وجهل مطبق يحز في النفس
ويؤلمها حد الاشمئزازوالتنفر،
فالبعض مضافا الى انه لم يكتف بالسكوت والسكون اذ لم يكلف
نفسه البحثوالسؤال لسبر الحقيقة، راح يشكك بتلك النزر
القليلة من العلوم التي حفظتها لناالمشيئة الالهية، بل تمادى
البعض وتطرف، فادعى بطلانها!!
وايم الحق، لو علم ان جهود المسلمين اذا اتحدت يوما
وتظافرت، وعكفتعلى دراسة هذه العلوم على قلتها، لتكشفت
حقائق، وظهرت اسرار العديد منالظواهر والاشياء، واغنت عن
الكثير من الجهود التي تبذل عبثا هنا وهناكلمعرفتها.
وانطلاقا من شعورنا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا، وعاتق كل
مسلم، وحتميةدوره الفاعل في هداية وارشاد الاخرين، نرى ان
الواجب يحتم علينا ان نسلطالضوء على اثر مقدس، زاخر
بالمعاني الشريفة والمهمة، سيما ان جمعا منالاخوة طلب منا
ذلك لما طرق سمعه من تشكيك بذلك الاثر، واستغراب
بعضفقراته!!
وهذا والحق يقال ما يزعج الروح ويثير العجب، فالاثر
هو((الزيارةالجامعة)) وما ادراك ما الزيارة الجامعة؟ الزيارة التي
رواها الفريقانفي مؤلفاتهم، وداب المؤمنون من علماء وفقهاء
وغيرهم على قراءتهاحدالادمان، وعكف البعض على شرحها
وتوضيحها، وفي هذا اشارة كافية،وبى نة واضحة على متانتها
وصحتها ووثاقتها،
وليت شعري اي غريب تنفره العقول حوته، واي عجيب تاباه
النفوس ضمته،وكل ما فيها في حدود الممكن وضمن
المعقول، وتعضده الروايات الكثيرةالمروية في مصادر الفريقين
باسانيد صحيحة؟!
ولعل خير ما يحضرني هنا ما رواه القاضي محمد بن ابي يعلى
الحنبلي المتوفىسنة 516 في كتابه طبقات الحنابلة((1))
حيث يقول:
وسمعت محمد بن منصور يقول: كنا عند احمد بن حنبل،
فقال له رجل:
يا ابا عبداللّه! ما تقول في هذا الحديث الذي يروى ان عليا قال:
((انا قسيم النار))؟
فقال: وما تنكرون من ذا؟! اليس روينا ان النبي(ص) قال لعلي:
((لا يحبك الا مؤمن، ولا يبغضك الا منافق))؟ قلنا: بلى.
قال: فاين المؤمن؟ قلنا: في الجنة.
قال: واين المنافق؟ قلنا: في النار. قال: فعلي قسيم النار.
وبلا ادنى ريب، فانه كان من الممكن ان يصل ذلك الرجل الى
هذه النتيجةالمنطقية المقنعة، بهذا الاستنتاج العلمي
والموضوعي السليم، لو اعتمد هذا النهج،اعني تفسير الحديث
بالحديث، الا ان الجهل والعياذ باللّه اذا استحوذ علىشخص
ملك عليه قلبه وعقله.
ومن المناسب جدا ان اذكر القارى الفاضل بحديث الثقلين
المشهور حد التواترحيث اوصى خاتم الانبياء وسيد المرسلين
امته بقوله:
((اني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي اهل بيتي ما ان
تمسكتم بهما لنتضلوا بعدي ابدا)) فهما الامان من الضلال، اذ
بهما تحل المشكلات، وتذللالعقبات، وتفسر المعضلات،
ترى فاين الناس من القرآن الكريم الذي لم يغادر صغيرة ولا
كبيرة الااحصاها، افلم يدبروا آياته ام على قلوب اقفالها؟! ام
يحسدون الناس على مااتاهم اللّه من فضله؟! ام هم في ريب
وغيظ مما يسمعون؟!
اليس قوله تعالى لبني آدم: (هو الذي جعل لكم الارض ذلولا).
وقوله في الاية المباركة:
(هو الذي سخر لكم ما في السماوات والارض جميعا) دلالة
كافية على لطفالبارى العظيم بالانسان بان ذلل له الارض،
وسخر كل شيء لخدمته، فاذا كانهذا حال الانسان العادي،
فكيف سيكون شان عترة رسول رب العالمين، وهمعدل القرآن
على ما تقدم؟
افيكون عجيبا ان يذل لهم هذا الشيء او ذاك، او ان يسخروا
هذه الحالة او تلك،وهو ما صرح القرآن الكريم بامكانيته، ام ان
العجيب انكاره والتعجب منه؟!
بين يدي الكتاب
وهذا الكتاب اخي القارى هو محاولة صادقة جادة على طريق
ازالة الابهاموالغموض، ورفع الشبهات التي تترآى للبعض بحق
عترة خاتم الانبياء وسيدالمرسلين(ص) الذي اذهب اللّه عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا بتصريح القرآنالكريم، في واحد من
النصوص الشريفة الواردة عنهم صلوات اللّه عليهم الاوهي
((الزيارة الجامعة))
المباركة المشار اليها آنفا التي تنبى عن
لطفهمومحبتهم لمن شهد الشهادتين في تعريفه بائمته
ومواليه، وتوضيح جملة منالحقائق له من خلال ذلك.
وارتاينا من اجل تسهيل الامر للقارى العزيز، والطالب للحقيقة
من تقطيع هذهالزيارة الى فقرات، ومن ثم الاتيان بحديث
واحد على الاقل من مروياتالعامة فحسب كشاهد على ان
السمة او الصفة او الحالة التي تتضمنها تلك الفقرةممكنة،
ومروية في الاحاديث.
وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض الاحاديث يصرح مباشرة بمعنى
الفقرة، وقديتضمن نفس كلماتها وتعبيرها، وبعضها الاخر يشير
الى معنى الفقرة بما يترتبعلى الحديث من معنى ودلالة.
كما ان بعض الاحاديث تتضمن معنى اكثر من فقرة، فاوردنا
تمام الحديث فيفقرة، ثم اشرنا الى مقاطع منه بالنسبة لبقية
الفقرات.
2024-10-06