الرئيسية / مقالات متنوعة / على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه (أصابع نائلة زوجة عثمان) وآلى الرجال من أهل الشام إلا يأتوا النساء ولا يناموا على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان، ومن عرض دونهم بشئ أو تفنى أرواحهم، فمكثوا حول القميص سنة، والقميص يوضع كل يوم على المنبر ويجلله أحيانا فيلبسه، وعلق في أردانه أصابع نائلة “.
” ثم مضى معاوية ينشر في الناس أن عليا (عليه السلام) قتل عثمان ” (1). كان هذا هو الشعار المعلن، فهل كان هذا الشعار يمثل الحقيقة؟، فلنقرأ أولا في تاريخ عمرو بن العاص.
أ – الشعار المعلن وحقيقته: الاستحواذ على السلطان وروى الطبري، أيضا: ” لما بلغ عمرا قتل عثمان، رضي الله عنه، قال: أنا أبو عبد الله قتلته (يعني عثمان) وأنا بوادي السباع، من يلي هذا الأمر من بعده؟ إن يله طلحة فهو فتى العرب سيبا، وإن يله ابن أبي طالب فلا أراه إلا سيستنطق الحق وهو أكره من يليه إلي. قال:
فبلغه أن عليا قد بويع له، فاشتد عليه وتربص أياما ينظر ما يصنع الناس، فبلغه مسير طلحة والزبير وعائشة، قال أستأني وانظر ما يصنعون، فأتاه الخبر أن طلحة والزبير قد قتلا، فارتج عليه أمره فقال له قائل: إن معاوية بالشام لا يريد أن يبايع لعلي، فلو قاربت معاوية، فكان معاوية أحب إليه من علي بن أبي طالب. وقيل له: إن معاوية

(1) تاريخ الأمم والملوك للطبري، 3 / 561، مؤسسة الأعلمي، بيروت، لا. ت.
(١٦)
يعظم شأن قتل عثمان بن عفان ويحرض على الطلب بدمه، فقال عمرو: ادعوا لي محمدا وعبد الله فدعيا له، فقال: قد كان ما قد بلغكما من قتل عثمان رضي الله عنه وبيعة الناس لعلي وما يرصد معاوية من محالفة علي، وقال: ما تريان؟ أما علي فلا خير عنده وهو رجل يدل بسابقته، وهو غير مشركي في شئ من أمره، فقال عبد الله بن عمرو:
… أرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس على إمام فتبايعه، وقال محمد بن عمرو: أنت ناب من أنياب العرب، فلا أرى أن يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوت ولا ذكر، قال عمرو: أما أنت، يا عبد الله، فأمرتني بالذي هو خير لي في آخرتي وأسلم في ديني، وأما أنت، يا محمد، فأمرتني بالذي هو أنبه لي في دنياي وشر لي في آخرتي. ثم خرج عمرو بن العاص، ومعه ابناه، حتى قدم على معاوية، فوجد أهل الشام يحضون معاوية على الطلب بدم عثمان.
فقال عمرو بن العاص: أنتم على الحق، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم، ومعاوية لا يلتفت إلى قول عمرو. فقال ابنا عمرو لعمرو: ألا ترى إلى معاوية لا يلتفت إلى قولك، انصرف إلى غيره، فدخل عمرو على معاوية فقال: والله لعجب لك إني أرفدك بما أرفدك وأنت معرض عني، أما والله إن قاتلنا معك نطلب بدم الخليفة، إن في النفس من ذلك ما فيها حيث نقاتل من تعلم سابقته وفضله وقرابته، ولكنا إنما أردنا هذه الدنيا، فصالحه معاوية وعطف عليه ” (1).
هذا هو حال الوزير الأول، فهو نفسه ممن ألبوا على عثمان وهو

(1) الطبري، م. س. 3 / 559 – 560.
(١٧)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...