قصص المعصومين (عليهم السلام )
3 ساعات مضت
قصص وعبر
7 زيارة
ثـم جـعـل يـبكي حتى صار قريبا من الفجر.. وضع راءسه على القبر فاءخذته اغفاءة .. واذا برسول اللّه (ص ) قد اقبل عليه بين كتيبة من الملائكة .. فضمه الى صدره .. وقبله بين عينيه .. ثم قال له : ـ حـبـيـبي ياحسين .. كاءني اءراك عن قريب مرملا بدمائك .. مذبوحا باءرض كربلاء.. بين عصابة من اءمـتـي ..وانـت عطشان لا تسقى .. وظمن لا تروى .. حبيبي يا حسين .. ان امك واءباك واءخاك قدموا علي .. وهم اليك مشتاقون .. وان لك في الجنة درجات لا تنالها الا بالشهادة .
اذن .. فـقـد حان الوقت الذي كان ينتظره منذ نعومة اءظفاره .. حين تقدم من امه الزهراء(س ) يساءلها بحزن شديد : لم يقبلني جدي رسول اللّه (ص ) من نحري دون فمي ..؟ وراحـت دمـوعه تسيل على وجنتيه .. فما كان من اءمه الزهراء(س ) الا اءن تتقدم بالسؤال الى اءبيها رسول اللّه (ص ).. فاءعلمها بما سيجري على ولدهاالحسين (ع ).
لقد نزل الامين جبرئيل واءعطى لرسول اللّه (ص ) زجاجة تراب من اءرض كربلاء.. وقد اءخبره باءن الامام الحسين (ع ) سيقتل في هذه الارض .. وعندشهادته سيصير هذا التراب دما.. فما كان من رسول اللّه (ص ) الا ان يضع هذه الزجاجة اءمانة بين يدي زوجته اءم المؤمنين اءم سلمة وهو يعلمها بـمـا سـيحصل من اءمر الزجاجة واءمر الامام الحسين (ع ) , لذلك اءوصى الامام الحسين (ع )اءخاه مـحمد بن الحنفية قبل رحيله قائلا : اءنا عازم على الخروج الى مكة .. وقدتهيات لذلك اءنا واخوتي وبـنـو اءخـي وشـيعتي ممن اءمرهم اءمري .. وراءيهم راءيي .. واءما اءنت يا اءخي عليك اءن تقيم في المدينة .. فتكون لي عينا عليهم ..ولا تخف علي شيئا من اءمورهم .
عـلـمـت ام الـمـؤمنين ام سلمة باءمر الامام الحسين (ع ) فتذكرت شيئا مضى عليه سنوات طويلة .
زجـاجـة تـراب وضعها رسول اللّه (ص ) اءمانة عندها..فبعثت الى الامام الحسين (ع ) تخبره : اني اءذكـرك اللّه يـا ولـدي اءن لاتـخـرج ..فـقـد قال لي رسول اللّه (ص ) يقتل الحسين ابني بالعراق .
واءعطاني من التربة قارورة ..اءمرني بحفظها.. ومراعاة ما فيها.
فبعث اليها : واللّه يا اماه اني لمقتول لا محالة .. فاءين المفر من قدر اللّه المقدور..؟ ما من الموت بد.
وانـي لا عرف اليوم والساعة والمكان الذي اقتل فيه .. اءعرف مكاني ومصرعي والبقعة التي اءدفن فيها كما اءعرفك .. فان اءحببت اءن اءريك مضجعي .. ومضجع من يستشهد معي .. فعلت ذلك .
فحضرت اليه قائلة : ـ قد شئت ذلك .
فتكلم الامام الحسين (ع ) باسم اللّه الاعظم .. فتخفضت الارض حتى اءراها مـضـجـعـه .. ومـضـجـع من يستشهد معه .. واءعطاها من التربة شيئا فخلطته بماكان معها في تلك الزجاجة .. ثم قال لها : ـ اني اقتل في يوم عاشوراء.. وهواليوم العاشر من محرم بعد صلاة الزوال .
فعليك السلام يااءماه .. ورضي اللّه عنك برضانا عنك .
جمع الامام الحسين (ع ) اصحابه الذين عزموا على الخروج معه الى العراق ..فاءعطى كل واحد منهم عشرة دنانير وجملا يحمل عليه رحله وزاده .. ثم طاف بالبيت .. وسعى بين الصفا والمروة .. وبعدها تـهـيـاء لـلـخـروج فحمل بناته واءخواته على المحمل .. وخرج من مكة يوم الثلاثاء.. يوم التروية لـثـمـان مضين من ذي الحجة .. ومعه اثنان وثمانون رجلا من شيعته ومواليه واءهل بيته متوجها الى العراق .. وهو يعلم اءنه لا يجني من ثورته هذه نصرا مادياظاهريا.. بل سوف يستشهد هو واءولاده واءصـحـابـه واخـوتـه .. وستسبى نساؤه .. فكيف سيستطيع الامام الحسين (ع ) بهذا احياء الرسالة الـمـحـمـديـة .. ؟ استشهادي فاجع يلهب الروح الجهادية في هذا المجتمع .. ويتضمن اءسمى مراتب التضحية في سبيل هـذا الـمـبـداء.. كي يكون منارا لجميع الثائرين حين تلوح لهم وعورة الطريق .. وتضمحل اءمامهم احـتـمـالات الفوز.. لذلك شيع الامام الحسين (ع ) خروجه الى معركة الطف بكلماته الخالدة : ى لم اخـرج اشـرا ولا بطرا.. ولا مفسدا ولا ظالما.. وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول اللّه (ص ) ه . ويـاءتـي يوم العاشر من محرم .. والامام الحسين (ع ) في ساحة المعركة باءرض كربلاء يعاني آلاما ورزايا لم يشهد لها التاريخ مثيلا.. ففي الخيام نساؤه واءطفاله يموتون عطشا وهم يحلمون بقطرة ماء.. وفي ساحة المعركة سقط شهيدااءخوه اءبو الفضل العباس وهـو مقطوع الكفين على شاطى ء الفرات في محاولة منه لجلب الماء الى النساء والاطفال .. واستشهد ابـنه علي الاكبر..والقاسم بن الحسن (ع ) . واءصحابه الذين آثروا البقاء معه .. والافجع من هذا هو استشهاد ولده عبداللّه الرضيع الذي لم يتجاوز عمره بضعة شهور.. كان قد جف اللبن في صدر امه الـربـاب .. فحمله الامام الحسين (ع )بين يديه .. ووقف به اءمام الاعداء مخاطبا اياهم : اءنتم تقاتلوني واءقـاتـلكم ..فما ذنب هذا الطفل الرضيع يعاني من شدة الظماء.. ؟ خذوه اءنتم مني ..واسقوه جرعة ماء.. فاءجابوه بسهم اءطلقه مجرم منهم يدعى حرملة بن كاهل نحو عنق الرضيع .. فذبحه من الوريد الى الوريد.. فيا اءيها الناس اءي قلب وعقل يستطيعان اءن يصمدا اءمام مصيبة كهذه .. ؟ نزل بالامام الحسين (ع ) من آلام المصائب المفجعات التي استنزفت جميع قواه الى جـانـب ذلـك الظماء الشديد الذي جعل لسانه كالخشبة اليابسة .. الا اءنه شهرسيفه ونزل لمواجهة الاعـداء وحمل عليهم حملات مشهودة فما لبث ان رماه اءحدهم بحجر على جبهته فجعل الدم يسيل عـلـى عـينيه ووجهه .. وبينما هويحاول مسح الدم رماه آخر بسهم ذي ثلاث شعب .. فخرق السهم قـلـب الامـام الحسين (ع ) وجعل الدم يتدفق بغزارة .. وعندها راح الامام يلطخ وجهه ولحيته بالدماء الطاهرة قائلا : ى هون علي ما نزل بي اءنه بعين اللّه ..هكذا اكون حتى القى جدي رسول اللّه (ص ) وانا مخضب بدمي .. فاءقول له :قتلني فلان .. وفلان .. ه ويـومـهـا كـانت ام المؤمنين ام سلمة تحدق بكل لوعة واءلم في زجاجة التراب .. واذا بها فجاءة .. تـتـحـول الى دم اءحمر.. لقد استشهد الامام الحسين (ع ) من اءجل احياء الرسالة المحمدية .. وبهذه الفاجعة التي ستهزضمير المجتمع الاسلامي وتشكل انفعالا عميقا يغمر النفس فيدفعها الى الثورة من اءجل كرامتها..
ويبعث في الروح الهامدة جذوة جديدة لا يخمد اءوارها على مر الاعوام والقرون .
فـلـم تكن واقعة الطف قضية ماءساوية عابرة حدثت في مرحلة معينة من التاريخ فحسب .. وانما هي صـورة متكاملة لتجسيد الصراع بين الحق والباطل .. صورة واقعية تنبض بالحياة تشكل قلب التاريخ الاسـلامـي .فلولاها لمات ذلك التاريخ .. هي صرخة تتعالى في ضمير الانسانية كلمااءسدل التاريخ ستائره , يظهر اءمام العالم جسد الامام الحسين (ع ) مضرجابدمائه يجثم فوقه اللعين (شمر بن ذي الـجوشن ) وهو يحز راسه الشريف بالسيف ومن حوله آخرون . منهم من يسلبه عمامته , ومنهم من يـسـلـبـه سيفه .. ومنهم من يسلبه ثوبه .. ومنهم يحاول سلب خاتمه فلم يستطع انتزاعه فيقطع اصبع الامـام (ع ) لـيـحصل على ذلك الخاتم .. ويحار المرء بين اءن يحدق في هذا المنظر اءو في المنظر الذي خلفه .. وماذا خلف جسد الامـام الـحـسـيـن (ع ) غـير خيامه التي احتمت بها نساؤه واءطفاله .. وقداءضرموا فيها النيران , فـخـرجـت النساء والاطفال يتصارخون فزعين وهم يحاولون تجنب النيران .. وبينما هم على هذه الـحالة واذا بخيول الاعداء تلتف حولهم .. وهكذا تمتزج الصورتان في صورة واحدة .. فيشاهد العالم نـسـاءالامـام الـحـسـيـن (ع )واءطـفـالـه وهـم يقادون اسارى الى مجلس يزيد بن معاوية .. ومن حولهم الرؤوس مرفوعة على الرماح . راءس الامام الحسين (ع ) ورؤوس اءهل بيته واءصحابه الذين اءضاءت اءنوارهم دروب الانسانية , واءحيت معاني التضحية والفداء من اءجل نصرة الحق والدين . الامام سجاد(ع ) ثورة الدموع كـنـت جالسا لوحدي اتامل في احداث التاريخ .. فاذا بالتاريخ يفتح امامي ستائره .. ستارة بعد اخرى .
حتى وجدت نفسي ادخل بناية تختلف في طرازها عن بنايات هذا العصر.. فوقفت مذهولا لما اشاهده امـامـي ..رجـال يـرتـدون الزي الاسلامي .. وتتعالى من افواههم قهقهات ضحك عالية .. وتدار بينهم كـؤوس الخمر.. وتصخب الموسيقى فتتمايل الراقصات على انغامها بحركات مغرية للغاية .. ورغم ارتـفـاع اصـوات الـضـحك ..وصخب الموسيقى والغناء.. الا اني سمعت صوت بكاء ونحيب ينساب الـى مـسـامعي .. فخرجت لاتعرف على ذلك الشخص .. واقف على سبب بكائه ..واذا بي اشاهد شيخا يـسـيـر عـلى جانب من الطريق بالقرب مني وهو يتمتم قائلا: ـ تبا لكم ايها الامويون وسحقا.. اي عصر هذا الـذي تسوده الانحرافات في الدين والاخلاق والاداب .. ويسوسه حكام ظالمون طغاة لا يفقهون من الـديـن الا اسـمـه .. ولا يعرفون من الحق الارسمه .. حتى وجد الانسان منا نفسه يعيش في خضم معارك طاحنة تخوضها الحركات والتيارات السياسية والاجتماعية التي تتخذ من الاسلام ستارا لها.
واقـل مـا تـتصف به اللؤم والدهاء.. الشخصية الانسانية في عالمنااصبحت تفتقد الى صفائها ونقائها وطـهـرهـا.. فـقـد كـثـر الـرياء.. وتفشى النفاق .. واصبحت المسؤولية ثقيلة على عاتق المؤمنين الرساليين .
فـتقدمت منه قائلا : ـ معذرة يا شيخ .. يظهرون بالزي الاسلامي ولكن للاسف الشديد تصرفاتهم تدل على انهم يعيشون في زمن الجاهلية .
فانفجر الشيخ باكيا وهو يصرخ قائلا : ـ الم تسمع عن الامويين .. ؟ صمت برهة يتاملني .. ثم اردف قائلا : ـ معذرة يابني .. فـقـلـت لـه مبتسما : ـ لا باس عليك يا شيخ اذا كنت لا تطيق الاجابة على سؤالي .. فهل يمكن لك ان تعرفني بذلك الرجل الذي يملا المدينة من حولنابكاء ونحيبا.. ؟ فتنهد قائلا : ـ ذلك الرجل يا بني هو الامام علي بن الحسين السجاد(ع ) .وهو منذ واقعة الطف على هذه الحالة .
2025-09-13