الرئيسية / من / الصحة والعافية / الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي – محمد علي البار

الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي – محمد علي البار

زوجاته صلى الله عليه وسلم داخلون فيهم. وذكر قول الكلبي وغيره أنها خاصة بعلي وفاطمة والحسن والحسين وأورد في ذلك أحاديث كثيرة. وذكر قول من قال أنها في نسائه صلى الله عليه وسلم خاصة. ثم عقب على ذلك بقوله: (والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم وإنما قال: (ويطهركم تطهيرا) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليا وحسنا وحسينا كانوا فيهم. وإذا اجتمع المذكر والمؤنث: غلب المذكر، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت، لأن الآية فيهن، والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام، والله سبحانه وتعالى أعلم).
كلام ابن كثير:
وذكر الحافظ ابن كثير (1) في تفسيره لهذه الآية الحديث الذي رواه الترمذي والبزار عن ابن حوشب قال: (دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت: (تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه. لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم فألقى عليهم ثوبا، وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). قالت فدنوت منهم فقلت: يا رسول الله وأنا من أهل بيتك فقال صلى الله عليه وسلم (تنحي فإنك على خير) وأخرج نحوه عن واثلة بن الأسقع (أخرجه البيهقي) وقال عنه ابن كثير صحيح الاسناد.
حديث الثقلين:
وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة (2)، فحمد الله


(1) تفسير ابن كثير.
(2) حديث غدير خم من الأحاديث الصحيحة التي وردت في صحيح الإمام مسلم وفي السنن والمسانيد. والغريب حقا أن جماعة من مدعي العلم ومبغضي آل البيت ينكرونه. فإذا أنكروه فعليهم أن ينكروا أحاديث البخاري ومسلم وكتب السنة كلها. ولا علينا أن اتخذه الشيعة الاثني عشرية عيدا فليس ذلك بقادح في الحديث.. والاحتفال به مثل الاحتفال بغيره من المناسبات.
فإذا كان الناس يحتفلون بتولية فلان الملك، فهذا من باب أولى.

(١٩)

وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. قال كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال:
نعم. وفي رواية عن زيد أنه قال: ألا وإني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله عز وجل، وهو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة. وفيه قلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها. وأهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده).
وحديث الثقلين هذا قد ورد في سنن الترمذي. عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أثقل من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود بين السماء إلى الأرض، وعترتي، أهل بيتي.
ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
وقد أورد حديث الثقلين أيضا الحاكم النيسابوري في المستدرك والإمام أحمد في مسنده: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن: فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
وعن بريدة الأسلمي قال: غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله

(٢٠)

فقال (من كنت مولاه فعلي مولاه). وهو أيضا في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (المائدة 55). قيل نزلت في علي، تصدق بخاتمه وهو راكع.
والغريب حقا أن حديث الثقلين هذا، رغم وروده في صحيح مسلم وفي سنن الترمذي وحسنه الحاكم النيسابوري في المستدرك ومسند الإمام أحمد، إلا أن معظم المعاصرين من العلماء والخطباء يجهله أو يتجاهله… ويوردون بدلا عنه حديث (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي)، وهو في موطأ الامام مالك، وفي سنده ضعف وانقطاع، وإن كان متنه ومعناه صحيحا. وكان من الواجب إيراد الحديثين كلاهما معا لأهميتهما في الباب، أما كتمان هذا الحديث الشريف الصحيح فهو من كتمان العلم الذي هدد الله ورسوله فاعله، قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) (البقرة 159 – 160) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة) فليحذر هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الفضل على آل بيته، ولا ينكرونه مثلما فعل أحبار يهود، كتموا علمهم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم حسدا له وبغضا فباؤوا بالخسران المبين.
آية المباهلة قال تعالى في سورة آل عمران (1): (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون. الحق من ربك فلا تكن من الممترين.
فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين).
نزلت هذه الآيات الكريمة في وفد نجران يرأسهم العاقب والسيد جاءوا إلى


(1) سورة آل عمران آية 59 – 61.

(٢١)

المدينة في السنة التاسعة في منظر فريد، فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ترك عبادة عيسى عليه السلام والقول بأنه ابن الله، ولكنهم أصروا على دعواهم مع علمهم بخطأ معتقدهم وزيف ما انتحلوه من بنوة عيسى لله ووضوح الحجة عليهم. فأنزل الله سبحانه وتعالى آية المباهلة لقطع اللجاج ولإيضاح الحق.
كلام ابن جرير:
قال ابن جرير الطبري في تفسيره (1):
(فلما غدوا غدا النبي صلى الله عليه وسلم محتضنا حسنا، آخذا بيد حسين وفاطمة تمشي خلفه فدعاهم إلى الذي فارقوه عليه بالأمس فقالوا نعوذ بالله (أي من مباهلتك لأنهم قد علموا أنهم لو باهلوه لهلكوا جميعا). ثم دعاهم فقالوا نعوذ بالله مرارا.
قال فإن أبيتم فأسلموا ولكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين كما قال الله عز وجل، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون.
وأخرج بسنده عن زيد بن علي في قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. أي الذين خرجوا للمباهلة فنكص نصارى نجران.
وأخرج ابن جرير بسنده: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين وفاطمة وقال لعلي اتبعنا، فخرج معهم للمباهلة فنكص النصارى…).
وأصل كلمة المباهلة الملاعنة ويقال بهله الله أي لعنه الله، والبهل: اللعن وصارت الكلمة تطلق على التضرع في الدعاء وخاصة إذا كان باللعن.
تفسير القرطبي (2).
قال: قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا): دليل على أن أبناء البنات


(١) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: جامع البيان في تفسير القرآن، دار المعرفة ج ٣: ٢٠٩ – ٢١٥.
(٢) أبو عبد الله محمد الأنصاري القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (سورة آل عمران آية 61) مجلد 4:
130 وما بعدها.

(٢٢)

شاهد أيضاً

الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

المقرض ، وفي ذلك إنهاك لهذا الطرف وتفتيت للمال بواسطة القرض . أما في المعاملة ...