زاد المبلغ في عاشوراء الجزء الأول
3 ساعات مضت
طرائف الحكم
9 زيارة
13
الموعظة السابعة والثلاثون: الحجاب عفّة وصلاح
أ.حفظ أخلاق المجتمع
تمتاز كلّ المجتمعات بأنّها تلتزم بمجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقيّة التي يتربّى الفرد والمجتمع عليها، وتضمن سلامة المجتمع من الانحراف والتلوّث بالرذيلة والزنا وغيرها من الأمراض الفتّاكة والخطيرة التي تعود بالغالب إلى سيطرة الشهوات على سلوك الكثير من الناس.
وقد وضع الإسلام في تشريعاته أساليب علاجيّة مباشرة ترتبط بإلزام الفرد بالسلوك المستقيم والسويّ، والعمل الصالح في علاقته بالآخرة، حفظًا لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه من الانحراف الأخلاقيّ فيما يرتبط بالعلاقة بين الجنسين. والحجاب كتشريع يلزم المرأة بالتستّر عن غير المحارم يأتي في هذا السياق ولتحقيق هذه الأهداف وغيرها.
ب.الحجاب يحمي المجتمع
إنّ حماية المجتمع من الانحراف وانتشار الرذيلة، يكون بمعالجة أسبابه الكثيرة والتي يأتي على رأسها كثرة أسباب إثارة الشهوات وتنوّعها في هذا الزمان، وهو ما نراه بوضوح في ظاهرة السفور الفاضح عند العديد من النساء التي انتشرت في الكثير من المجتمعات الإسلاميّة، ولهذا فإنّ الالتزام بالحجاب والستر يقضي على ظاهرة السفور ويرفع الكثير من الأسباب والمثيرات التي تؤدّي إلى الانحراف، ويُساهم كثيرًا في تحقيق هدف حماية المجتمع.
253
241
الموعظة السابعة والثلاثون: الحجاب عفّة وصلاح
ج.تحقيق الاستقرار النفسيّ عند المرأة
الحجاب يحمي المرأة من الاضطراب الذي تعيشه المرأة السافرة باستمرار، نتيجة انهماكها المستمرّ في أمر التبرّج وقلقها الدائم بشأن لباسها وزينتها ومظهرها وكيفيّة استقبال الناس لها، وماذا سيقولون عنها وعن «قصّة» شعرها و«الموديل» الذي اختارته، إنّ هذا الاهتمام سيضْعُفُ ويخفُّ كثيرًا بالنسبة للمرأة المحجّبة؛ لأنّ طبيعة الحجاب تخفّف عليها الكثير من الأعباء، دون أن نُنكر مشروعيّة أنْ تهتمّ المرأة المحجّبة بمظهرها وأناقتها، لكنّ هذا الاهتمام شيء، وذاك الانهماك لدى المرأة غير المحجّبة شيء آخر.
د. حماية الأسرة
لا شكّ في أنّ المرأة (كزوجة وأمّ) هي أحد أعمدة بناء الأسرة وحفظها واستقرارها، وأيّ خللٍ أو انحراف في أحد هذه الأعمدة، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى سقوط الأسرة وضياع أفرادها، ولهذا نجد الآخرين يسخّرون وسائلهم الإعلاميّة وإمكانيّاتهم لترويج ثقافاتهم المنحلّة، في سبيل إضعاف المجتمع الإسلامي، ويستخدمون لهذه الغاية أكثر العناوين حساسية وهي المرأة.
هـ. حماية المرأة نفسها
الحجاب يحقّق الأمن الأخلاقيّ والسلوكيّ في المجتمع، فهو حماية من إرسال النظر، وحماية للقلب من مرض جموح الشهوة، وكلّ هذه تتحقّق بأن تتحجّب المرأة المسلمة وأن تغطّي محاسنها ومواضع
254
242
الموعظة السابعة والثلاثون: الحجاب عفّة وصلاح
الفتنة فيها، وأن تبقى كما قال الله -عزّ وجلّ-: ﴿وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ ٱلجَٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ﴾[1]؛ لأنّ التبرّج والسفور يعقبه ذلك النظر المحرّم وقد يتلوه ارتكاب الفاحشة، بما فيها الاعتداء على المرأة نفسها، كما تشهد الكثير من الوقائع والدراسات التي توثِّق حالات الاعتداء على المرأة.
[1] سورة الأنبياء، الآية 33.
255
243
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
تعرُّف مفهوم الإيمان بالغيب، وآثاره في حياة الإنسان، ودوره في إقامة دولة العدل.
محاور الموعظة
معنى الإيمان بالغيب
الإيمان بالغيب والنصر
أعمال الإنسان في ميزان الإيمان بالغيب
المدد الغيبيّ للإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه)
القائم منّا منصورٌ بالرعب
تصدير الموعظة
﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَةٗ كَثِيرَةَ بِإِذنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾[1].
[1] سورة البقرة، الآية 249.
256
244
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
معنى الإيمان بالغيب
الغيب لغةً: كلّ ما غاب عن الإنسان وما لا يدركه حِسُّه، يُقال: غاب الشيء، إذا استتر واحتجب.
أمّا اصطلاحًا: فهو ما استأثر اللهُ بعلمه، ولم يُطلِع عليه أحدًا من خلقه، إلّا من ارتضى.
والمقصود بالإيمان بالغيب: التصديق الجازم بالمغيّبات كلّها التي أخبرنَا اللهُ ورسولُه عنها، دون تردُّد أو شكّ. قال -تعالى-: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطلِعَكُم عَلَى ٱلغَيبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَاءُ﴾[1]. والغيب في المصطلحات القرآنيّة والحديثيّة، يُطلَق على الأمور التي لا تُعرَف بأسباب متعارفة عادةً.
الإيمان بالغيب والنصر
لَمّا خرج طالوت بجنوده لقتال العمالقة، قال لهم: إنّ الله ممتحنُكم على الصبر بنهر أمامكم تعبرونه؛ ليتميَّز المؤمن من المنافق، فمن شرب منكم من ماء النهر فليس منّي، ولا يصلح للجهاد معي، ومن لم يذق الماء فإنّه مني؛ لأنّه مطيعٌ لأمري وصالحٌ للجهاد، إلّا مَن ترخَّص واغترف غُرْفةً واحدةً بيِدَهِ، فلا لَوْمَ عليه. فلمّا وصلوا إلى النهر، انكبّوا على الماء، وأفرطوا في الشرب منه، إلّا عددًا قليلًا منهم صبروا على العطش والحرّ، واكتفوا بغُرْفة اليد؛ وحينئذٍ، تخلّف العصاة. ولَمّا عبر طالوت النهر، هو والقلّة المؤمنة معه -وهم ثلاثمئة وبضعة
[1] سورة آل عمران، الآية 179.
257
245
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
عشر رجلًا- لملاقاة العدوّ، ورأَوا كثرة عدوّهم وعدَّتهم، قالوا: لا قدرة لنا اليوم بجالوت وجنوده الأشدّاء! فذكَّرَ الذين يوقنون بلقاء الله، ويؤمنون بالغيب الذي يبعث فيهم القوّة والأمل والصبر والتحمُّل، إخوانَهم بالله وقدرته، قائلين: كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة، غلبَت -بإذن الله وأمره- جماعةً كثيرةً كافرةً باغيةً، والله مع الصابرين، بتوفيقه ونصره.
أعمال الإنسان في ميزان الإيمان بالغيب
حين نقرأ النصوص الشرعيّة، نجدها تؤكّد على أهمّيّة وجود تفسير شامل للوجود، يتعامل الإنسان مع الكون على أساسه، وهذا التفسير يُقَرِّبُ الحقائق الكبرى وعلاقتها بالحياة. ولذلك، يربط القرآن بين جميع تصرّفات الإنسان وبين مستوى إيمانه بالغيب، كما يطرح قضيّة الغيب كمعيار تفسيريّ لتصرّفات المكلّفين ودوافعهم؛ فنجد أوّل سورة في القرآن بعد الفاتحة، تربط الإيمان بالقرآن والهداية به بالإيمان بالغيب، قال -تعالى-: ﴿ذَٰلِكَ ٱلكِتَٰبُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدٗى لِّلمُتَّقِينَ ٢ ٱلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِٱلغَيبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقنَٰهُم يُنفِقُونَ﴾[1].
ولهذا، فإنّ الإنسان لا يتحرّك في هذه الدنيا قيد أنملة دون أن يكون عمله وسلوكه منعكسًا عن إيمانه واعتقاده بالغيب. ومن ثمّ ما يصدر عنه، سواء أكان عملًا منصوصًا في السنّة الشريفة، أو عملًا يرتبط بأصلٍ أو تشريعٍ عامٍّ وكلّيٍّ في الشريعة الإسلاميّة، أو ممّا
[1] سورة البقرة، الآيتان 2 – 3.
258
246
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
اصطُلِح عليه «التسامح في أدلّة السنن» عند العلماء، يدور في دائرة الطاعة والإيمان بالغيب.
فمثلًا، حين نقرأ في أدعية طلب الرزق المرويّة عن أهل البيت (عليهم السلام)، والموزَّعة على أوقات متعدّدة من الليل والنهار، ولا سيّما بعد الصلوات الواجبة والمستحبّة، ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في طلب الرزق عقب صلاة العشاء الآخرة، ومنها ما ورد دبر صلاة الليل: «يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ، وَيا خَيْرَ مَسْؤُولٍ، وَيا أَوْسَعَ مَنْ أَعْطى، وَيا خَيْرَ مُرْتـَجى، اُرْزُقـْني وَأوسِعْ عَلـَيَّ مِنْ رِزْقِكَ، وَسَبِّبْ لي رِزْقًا مِنْ قِبَلِكَ، إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[1]. وكذا ما ورد في مفاتيح الجنان في موارد متعدّدة، ويمكن جمعها في ثلاثة محاور، وهي: أصل طلب الرزق، وطلب السَعة في الرزق، وطلب الرزق الحلال: «أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ»[2]، و«يَا مَنْ لَا يَبْسُطُ الرِّزْقَ إِلَّا هُو»[3] و«وتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ»[4]، وغيرها الكثير من الأدعية والأذكار.
والملاحَظ في مضامين هذا الأدعية، أنّها تستند إلى الاستغفار والتوبة والإيمان بالغيب، حيث تستند إلى التوحيد في الرازقيّة وتسليم الأمر إلى الله؛ وهذا ما يدلّ على أنّهم (عليهم السلام) يعودون إلى الله -تعالى- في طلب الرزق، كما يتوكّلون عليه -سبحانه وتعالى- في الجانب العمليّ في أمورهم كلّها، وأنّ سيرتهم التربويّة تقوم على
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص551 – 552.
[2] المصدر نفسه، ج4، ص407.
[3] الشيخ إبراهيم الكفعمي، البلد الأمين والدرع الحصين، ص410.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص71.
259
247
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
هذه العلاقة الصحيحة بالله، التي ترتكز على التوحيد، لتنطلق منه في الاحتياجات الدنيويّة كلّها، بصرف النظر عن مصاديقها.
المدد الغيبيّ للإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه)
إذا عرفنا أنّ الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه) مقرونٌ، بلا فصلٍ، بالإرادة الربّانيّة التي إذا أراد شيئًا يقول له: كن فيكون، وأنّه (عجل الله تعالى فرجه) مزوَّدٌ بالقوّة الإلهيّة القاهرة، والمدد السماويّ المظفَّر، والميراث النبويّ الباهر، سندرك كيف يخضع له الجميع، ويهيمن على الجميع، ويغلب جميع الظالمين والمستكبرين، وقد أراد الله -تعالى- ذلك بصريح قوله -تعالى-: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱستُضعِفُواْ فِي ٱلأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةٗ وَنَجعَلَهُمُ ٱلوَٰرِثِينَ﴾[1].
وقد استفاضت السنّة فيما يدلّ على أنّه(عجل الله تعالى فرجه) منصورٌ، وأنّ الغيب معه، نذكر منها:
1. له الاسم الإلهيّ الأعظم، الذي هو معدن القُدرات، اثنان وسبعون منه[2].
2. وله الاسم الإلهيّ الخاصّ، الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا جعله بين المسلمين والمشركين، لم تصل من المشركين إلى المسلمين نشّابةٌ قطّ[3].
2. وله عصا موسى (عليه السلام)، التي تأتي بالعجب العُجاب[4].
[1] سورة القصص، الآية 5.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص230.
[3] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص188.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص231.
260
248
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
4. وله خاتم سليمان (عليه السلام)، الذي كان إذا لبسه سخّر الله -تعالى- له الملائكة والإنس والجنّ والطير والريح[1].
5. وله تابوت بني إسرائيل، الذي فيه السكينة والعلم والحكمة، ويدور معه العلم والنبوّة والمُلك[2].
6. وله امتلاك الرعب في قلوب الأعداء، يسير معه أمامه وخلفه، وعن يمينه وشماله.
ولا يخفى شدّة تأثير هذا الرعب في دهشة العدوّ، وعدم تسلُّطه على استعمال السلاح أساسًا[3].
7. وله نصرة الله -تعالى-، التي لا يفوقها شيء: ﴿إِن يَنصُركُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُم﴾[4]، فإنّ الله -تعالى- ينصره حتّى بزلازل الأرض وصواعق السماء.
8. وله الولاية الإلهيّة العظمى، التي جعلها اللهُ -تعالى- لهم تكوينًا وتشريعًا، كما ثبت بالأدلّة المتواترة[5].
9. وله الاحتجاجات والحجج الكاملة، التي يحتجّ بها بأوصافه وعلائمه الموجودة في التوراة والألواح، ثمّ اقتداء النبيّ عيسى (عليه السلام) به في الصلاة التي توجب خضوع كثير من اليهود والنصارى له[6].
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص231.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج26، ص203
[3] الشيخ النعمانيّ، الغيبة، ص307.
[4] سورة آل عمران، الآية 160.
[5] الشيخ محمّد السند، في رحاب الزيارة الجامعة الكبيرة، ص595.
[6] راجع أحاديثه المتظافرة من الفريقَين في: الگلپایگاني، الشيخ لطف الله الصافي، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام)، ص206.
261
249
الموعظة الثامنة والثلاثون: المدد الغيبيّ
وبهذا، تعرف أنّ الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) يقوم بالقوّة الإلهيّة، التي لا تقاومها القوّةُ البشريّة، مهما بلغَت وتطوّرَت.
فبمثل هذه القوّة الإلهيّة، يقوم الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه) بأمر الله، ويُقيم دولةَ الله، فيرث الأرضَ عبادُه الصالحون.
القائم منّا منصورٌ بالرعب
ويمكن إيجاز ما ذكرناه من عناصر القوّة والنصرة للإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) في العديد من الروايات، نكتفي بروايتين:
عن الإمام الباقر (عليه السلام): «لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام)، لَنَصَرَهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ الْمُسَوِّمِينَ وَالْمُرْدِفِينَ وَالْمُنْزَلِينَ وَالْكَرُوبِيِّينَ، يَكُونُ جَبْرَئِيلُ أَمَامَهُ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِسْرَافِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، وَالرُّعْبُ يَسِيرُ مَسِيرَةَ شَهْرٍ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ حِذَاه»[1].
وعنه (عليه السلام) أيضًا: «الْقَائِمُ مِنَّا مَنْصُورٌ بِالرُّعْبِ، مُؤَيَّدٌ بِالنَّصْرِ، تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ، وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ، يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، وَيُظْهِرُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهِ دَيْنَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ خَرَابٌ إِلَّا عُمِرَ، وَيَنْزِلُ رُوحُ اللَّهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عليه السلام) فَيُصَلِّي خَلْفَه…»[2].
[1] الشيخ النعمانيّ، الغيبة، ص234.
[2] الشيخ عليّ الكورانيّ، معجم أحاديث الإمام المهديّ (عليه السلام)، ج5، ص174.
262
250
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
حثّ الناس على التعلّم والحضور في مجالس العلماء ومعرفة الأحكام والمسائل الأساسيّة.
محاور الموعظة
أهمّيّة العلم والتفقّه
الدعوة الى العلم والتفقّه
أثر العلم في القرآن
تصدير الموعظة
﴿وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ ٱلَّذِي أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلحَقَّ وَيَهدِي إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلعَزِيزِ ٱلحَمِيدِ﴾[1].
[1] سورة سبأ، الآية 6.
263
251
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
أهمّيّة العلم والتفقّه
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان»[1].
اهتمّت الشريعة اهتمامًا بالغًا بموضوع العلم حتّى اعتبرته فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، فبه تعمر البلاد ويعبد الله وتقضى حوائج الناس.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «قلب ليس فيه شيء من الحكمة كبيت خرب، فتعلّموا وعلّموا وتفقّهوا ولا تموتوا جهّالًا، فإنّ الله لا يعذر على الجهل»[2].
عن الإمام الباقر (عليه السلام): «العلم رأس الخير كلّه والجهل رأس الشرّ كلّه»[3].
الدعوة الى العلم والتفقّه
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتّى يتفقّهوا»[4].
وعن الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام): «لو يعلم الناس ما في العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج»[5].
[1] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص463.
[2] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج10، ص147.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج77، ص175.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص31.
[5] المصدر نفسه، ص35.
264
252
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
أثر العلم في القرآن
تناول القرآن الكريم مجموعة من الآثار والبركات التي ينعم بها أهل العلم، ومنها:
1. علوّ الدرجات: فكلّما ازداد المرء علمًا مقترنًا بالإيمان كلّما رفعه الله، قال -تعالى-: ﴿يَرفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ دَرَجَٰتٖ﴾[1].
2. الإيمان: فالعلم سبيل إلى الإيمان بالله، قال -تعالى-: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلعِلمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ﴾[2].
وقال -تعالى-: ﴿وَلِيَعلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ أَنَّهُ ٱلحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤمِنُواْ بِهِ فَتُخبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّستَقِيمٖ﴾[3].
3. توحيد الله: فالعالم يدرك أنّ هذا الوجود هو فيضٌ من إلهٍ واحدٍ أحد، قال -تعالى-: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلمَلَٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلعِلمِ﴾[4].
4. البكاء والخشوع: لأنّ العلم ينظّم طبيعة العلاقة بين الإنسان وربّه، قال -تعالى-: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ مِن قَبلِهِ… وَيَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ يَبكُونَ وَيَزِيدُهُم خُشُوعٗا﴾[5].
[1] سورة المجادلة، الآية 11.
[2] سورة آل عمران، الآية 7.
[3] سورة الحجّ، الآية 54.
[4] سورة آل عمران، الآية 18.
[5] سورة الإسراء، الآيات 107 – 109.
265
253
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
أثر العلم في القرآن
تناول القرآن الكريم مجموعة من الآثار والبركات التي ينعم بها أهل العلم، ومنها:
1. علوّ الدرجات: فكلّما ازداد المرء علمًا مقترنًا بالإيمان كلّما رفعه الله، قال -تعالى-: ﴿يَرفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ دَرَجَٰتٖ﴾[1].
2. الإيمان: فالعلم سبيل إلى الإيمان بالله، قال -تعالى-: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلعِلمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ﴾[2].
وقال -تعالى-: ﴿وَلِيَعلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ أَنَّهُ ٱلحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤمِنُواْ بِهِ فَتُخبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّستَقِيمٖ﴾[3].
3. توحيد الله: فالعالم يدرك أنّ هذا الوجود هو فيضٌ من إلهٍ واحدٍ أحد، قال -تعالى-: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلمَلَٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلعِلمِ﴾[4].
4. البكاء والخشوع: لأنّ العلم ينظّم طبيعة العلاقة بين الإنسان وربّه، قال -تعالى-: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ مِن قَبلِهِ… وَيَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ يَبكُونَ وَيَزِيدُهُم خُشُوعٗا﴾[5].
[1] سورة المجادلة، الآية 11.
[2] سورة آل عمران، الآية 7.
[3] سورة الحجّ، الآية 54.
[4] سورة آل عمران، الآية 18.
[5] سورة الإسراء، الآيات 107 – 109.
265
254
الموعظة التاسعة والثلاثون: التعلّم والتفقّه
5. الخشية من الله: فالإنسان كلّما ازداد علمًا وأدرك بعض أسرار الوجود كلّما عَظُمَ الله في نفسه وقويت خشيته منه، قال -تعالى-: ﴿إِنَّمَا يَخشَى ٱللَّهَ مِن عِبَادِهِ ٱلعُلَمَٰؤُاْ﴾[1].
6. فضل العلم: قربه من درجة النبوّة: فالنبيّ يبلّغ عن الله والعالم يبلّغ عن النبيّ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «أقرب الناس من درجة النبوّة أهل العلم والجهاد»[2].
7. فضل العلم على العبادة: لأنّ العبادة في الواقع أثرٌ من آثار العلم، فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «من خرج يطلب بابًا من علم ليردّ به باطلًا الى حقٍّ أو ضلالة الى هدى كان عمله ذلك كعبادة متعبّد أربعين عاما»[3].
وعنه (عليه السلام): «فضل العلم أحبّ الى الله من فضل العبادة»[4].
8. العلم سبيل الى الجنّة: فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنّة»[5]. وفي الحديث إشارة لطيفة إلى عون الله لطالب العلم وتسديده له.
9. استغفار الكائنات لطالب العلم: فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ طالب العلم يستغفر له كلّ شيءٍ حتّى الحيتان في البحر»[6].
[1] سورة فاطر، الآية 28.
[2] الفيض الكاشانيّ، المحجّة البيضاء، ج1، ص14.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج1، ص182.
[4] الشيخ الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج20، ص358.
[5] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج3، ص2073.
[6] المصدر نفسه.
266
255
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
تعرُّف مؤثّريّة الموت في تربية الإنسان ممّا ورد في نهج البلاغة.
محاور الموعظة
سرعة سفر أهل الدنيا
شوق اللقاء والأنس بالموت
أثر ذكر الموت في التربية
فوائد ذكر الموت
حتميّة الموت للإنسان
سرعة انقضاء الدنيا وحلول الموت
الاستعداد للموت
تصدير الموعظة
أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَبَادِرُوا الْمَوْتَ وَغَمَرَاتِهِ، وَامْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ… وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ، وَمَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ، وَكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْمَخُوفُ، فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ، وَلَاعَثْرَةً تُقَالُونَ»[1].
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص281.
267
256
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
سرعة سفر أهل الدنيا
يؤكّد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، أنّ الإنسان في هذه الدنيا مسافر، وسيرحل عنها إلى داره ومقرِّه، حيث قال: «وَأَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ، وَقَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالِارْتِحَالِ، وَأُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ»[1].
وقال (عليه السلام) أيضًا: «فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهَا [أي الدنيا] كَسَفْرٍ سَلَكُوا سَبِيلًا، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ، وَأَمُّوا عَلَمًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ…»[2].
وقال أيضًا: «إِنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ، بَيْنَا هُمْ حَلُّوا، إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ فَارْتَحَلُوا»[3].
شوق اللقاء والأنس بالموت
إنّ شوق اللقاء والأنس بالموت لَمِن أبرز صفات الأولياء. وهذا الشوق نراه في أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث كان يقول: «وَاللَّهِ، لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ»[4] ويقول أيضًا: «وَإِنِّي إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ لَمُشْتَاقٌ، وَحُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ رَاجٍ»[5] ويقول تارةً أخرى: «وَإِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ»[6].
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص266.
[2] المصدر نفسه، ص144.
[3] المصدر نفسه، ص548.
[4] المصدر نفسه، ص52.
[5] المصدر نفسه، ص452.
[6] المصدر نفسه، ص259.
268
257
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
ولَمّا بشّره رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بالشهادة، وسأله عن صبره حينذاك، قال (عليه السلام): «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالشُّكْرِ»[1].
وهذا الخُلُق تجسَّد في أولاده وأحفاده. ولذا، نرى القاسم بن الإمام الحسن (عليهما السلام) في كربلاء رابطَ الجأش، مستبشرًا ببشارة الشهادة، وقائلًا لعمِّه الحسين (عليه السلام) لَمّا سأله عن الموت: «يَا عَمّ، أَحْلَى مِنَ العَسَلِ»[2]. وهكذا كان أصحاب الحسين (عليه السلام)، حيث وصفَهُم بقوله: «يَسْتَأْنِسُونَ بِالمَنِيَّةِ دُونِي اسْتِئْنَاسَ الطِّفْلِ بِلَبَنِ أُمِّهِ»[3].
وقال (عليه السلام): «وَلَوْلَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، شَوْقًا إِلَى الثَّوَابِ، وَخَوْفًا مِنَ الْعِقَابِ»[4].
وقال (عليه السلام): «أَيْنَ عَمَّارٌ، وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ، وَأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ؟»[5]. فهؤلاء هم الذين «صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى»[6].
ويركّز أمير المؤمنين (عليه السلام) في استذكار نِعَمِ الله -تعالى- في الجنّة، فيقول: «شَوِّقُوا أَنْفُسَكُمْ إِلَى نَعِيمِ الجَنَّةِ، تُحِبُّوا المَوْتَ، وَتَمْقَتُوا الحَيَاةَ»[7].
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص220.
[2] الشيخ البحرانيّ، مدينة المعاجز، ج4، ص215.
[3] السيّد عبد الحسين شرف الدين، المجالس الفاخرة، ص231.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص303.
[5] المصدر نفسه، ص264.
[6] المصدر نفسه، ص497.
[7] الشيخ الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص297.
269
258
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
ويقول (عليه السلام) أيضًا، بعدما وصف الجنّة: «فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ، أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ، بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ، لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقًا إِلَيْهَا، وَلَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا»[1].
ومع هذا كلّه، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يلفت انتباهنا إلى نقطة مهمّة، وهي أن لا نتمنّى الموت قبل أن نستعدّ له، فقد قال (عليه السلام): «وَلَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِلَّا بِشَرْطٍ وَثِيقٍ»[2]؛ أي لا تتمنَّ الموت إلّا وأنت واثقٌ من أعمالك الصالحة، وتحصيل ما يوجب رفع الدرجات في الآخرة.
أثر ذكر الموت في التربية
إنّ من أهمّ دواعي التنفير من الدنيا والتزوُّد للأخرى، ذكرَ الموت. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته للإمام الحسن (عليه السلام): «يَا بُنَيَّ، أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ، وَتُفْضِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَأْتِيَكَ وَقَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ، وَشَدَدْتَ لَهُأَزْرَكَ، وَلَا يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ»[3]. ويقول أيضًا: «طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَاد،َ وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ»[4].
ويوصي (عليه السلام) المسلمين عمومًا، ويقول: «وَأُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ، وَإِقْلَالِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ؛ وَكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ، وَطَمَعُكُمْ
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص239.
[2] المصدر نفسه، ص459.
[3] المصدر نفسه، ص400.
[4] المصدر نفسه، ص477.
270
259
الموعظة الأربعون: الموت خير واعظ
فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ؟!»[1]، وأيضًا: «أَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ»[2].
وقد وَصَفَ (عليه السلام) خُلَّص صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال: «وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِم»[3].
فوائد ذكر الموت
ولذِكر الموت فوائد كثيرة ومنافع جمّة، وقد ورد ذكر بعضها في نهج البلاغة، وهي:
1. ترك اللهو واللعب: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ»[4].
2. ترك الشهوات والملاذ الدنيويّة: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَلَا فَاذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ، وَمُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ، وَقَاطِعَ الْأُمْنِيَاتِ، عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ لِلْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ»[5]. وقال (عليه السلام): «فَإِنَّ الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ، وَمُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُمْ، وَمُبَاعِدُ طِيَّاتِكُمْ»[6]. وقال (عليه السلام): «اذْكُرُوا انْقِطَاعَ اللَّذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ»[7].
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص278.
[2] المصدر نفسه، ص168.
[3] المصدر نفسه، ص143.
[4] المصدر نفسه، ص115.
[5] المصدر نفسه، ص145.
[6] المصدر نفسه، ص351.
[7] المصدر نفسه، ص553.
271
260
2025-12-05