الرئيسية / كلام الأمين / لا جمال أزين من العقل

لا جمال أزين من العقل

أمالي الصدوق: لا جمال أزين من العقل. رواه في خطبة طويلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) سيجيئ تمامها في باب خطبه (عليه السلام).

6 – أمالي الصدوق: ابن موسى، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): فلان من عبادته ودينه وفضله كذا وكذا قال: فقال كيف عقله؟ فقلت: لا أدري،

فقال: إن الثواب على قدر العقل،

إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله عز وجل في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر طاهرة الماء، وإن ملكا من الملائكة مر به، فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله عز وجل ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله عز وجل إليه أن أصحبه فأتاه الملك في صورة انسي فقال له من أنت؟ قال أنا رجل عابد بلغنا مكانك وعبادتك بهذا المكان فجئت لأعبد معك فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك: إن مكانك لنزهة، قال: ليت لربنا بهيمة، فلو كان لربنا حمار لرعيناه في هذا الموضع فإن هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: وما لربك حمار؟

فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش! فأوحى الله عز وجل إلى الملك إنما أثيبه على قدر عقله (1).


(1) يمكن أن يقال: أن المراد من الثواب ما أعد للمستضعفين والبله، أو يقال: إن الثواب يترتب على روح الطاعة، وكون العبد منقادا ومطيعا لأمر مولاه، كما أن العقاب يترتب على العصيان، وكونه في مقام التجري والعناد، فحيث إن العابد كان مؤمنا ومنقادا لله تعالى فيترتب الثواب على إيمانه وانقياده وإن كان في إدراك بعض صفاته تعالى قاصرا ولذا ترى أنه لحبه وانقياده للمولى يتمنى أن ترجع المنفعة إليه سبحانه كما يشعر بذلك قوله: ليت لربنا بهيمة. وقوله: فلو كان لربنا حمار لرعيناه. هذا كله على فرض دلالة الحديث على اعتقاده بالتجسم، ويمكن أن يقال: إن حسن انتخاب الانسان يكشف عن كمال عقله، وعدمه على عدمه، فانتخاب الممتنع مع امكان انتخاب الممكن أو تفضيل الأخس وهو رعي حماره على الأشرف وهو مناجاته وعبادته تعالى يكشف عن قصور عقله، فالعابد لم يكن ممن يقول بجسميته سبحانه كما يشعر بذلك كلمة ” لو وليت ” ولكن لما كان عقله ناقصا فالثواب التام لا يليق به.

(٨٤)

 – وقال الصادق (عليه السلام): ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط. قال:
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.

بيان: الظاهر أن قوله: وقال الصادق (عليه السلام) إلى آخر الخبر خبر مرسل كما يظهر من الكافي.

قوله: من عبادته بيان لقوله: كذا وكذا. وكذا خبر لقوله: فلان. ويحتمل أن يكون متعلقا بمقدر أي فذكرت من عبادته، وأن يكون متعلقا بما عبر عنه (بكذا وكذا) كقوله (فاضل كامل) فكلمة ” من ” بمعنى ” في ” أو للسببية. والنضارة: الحسن.

والطهارة هنا بمعناه اللغوي أي الصفاء واللطافة.
وفي بعض نسخ الكافي بالظاء المعجمة أي كان جاريا على وجه الأرض. والنزاهة:
البعد عما يوجب القبح والفساد، والأظهر لنزه كما في الكافي، ولعله بتأويل البقعة والعرصة ومثلهما.

وفي الخبر إشكال: من حيث إن ظاهره كون العابد قائلا بالجسم، وهو ينافي استحقاقه للثواب مطلقا، وظاهر الخبر كونه مع هذه العقيدة الفاسدة مستحقا للثواب لقلة عقله وبلاهته، ويمكن أن يكون اللام في قوله: لربنا بهيمة للملك لا للانتفاع، ويكون مراده تمني أن يكون في هذا المكان بهيمة من بهائم الرب لئلا يضيع الحشيش فيكون نقصان عقله باعتبار عدم معرفته بفوائد مصنوعات الله تعالى بأنها غير مقصورة على أكل البهيمة، لكن يأبى عنه جواب الملك إلا أن يكون لدفع ما يوهم كلامه، أو يكون استفهاما إنكاريا أي خلق الله تعالى بهائم كثيرا ينتفعون بحشيش الأرض، وهذه إحدى منافع خلق الحشيش، وقد ترتبت بقدر المصلحة، ولا يلزم أن يكون في هذا المكان حمار، بل يكفي وجودك وانتفاعك.

ويحتمل أن يكون اللام للاختصاص لا على محض المالكية بأن يكون لهذه البهيمة اختصاص بالرب تعالى كاختصاص بيته به تعالى مع عدم حاجته إليه، ويكون جواب الملك أنه لا فائدة في مثل هذا الخلق حتى يخلق الله تعالى حمارا، وينسبه إلى مقدس جنابه تعالى كما في البيت فإن فيه حكما كثيرة.

وعلى التقادير لابد إما من ارتكاب تكلف تام في الكلام، أو التزام فساد بعض

(٨٥)

شاهد أيضاً

في فضل ليلة الجمعة ونهارها وأعمالها

السابع : أن يدعو بدعاء كميل ، وسيذكر في الفصل الآتي إن شاء الله تَعالى ص ...