وقال الباقر (( * – الإمام الخامس ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب باقر علم النبيين ، ولد بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة وقيل غرّة رجب ، أمّه أم عبدالله فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب وهو هاشمي من هاشميين وعلوي من علويّين ، سُمي أبو جعفر عليه السلام باقرا لأنه بَقَرَ العلم بقْراً أي شقّه شقا وأظهره إظهارا وقال السبط ابن جوزي سمي الباقر من كثرة سجوده بَقَرَ السجود جبهته أي فتحها ووسعها . وقال لغزارة علمه .
وقال الشيخ المفيد ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الأدب ما ظهر عن أبي جعفر عليه السلام وقال ابن حجر في صواعقه في حقه عليه السلام : هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه صفا قلبه وذكا علمه وعمله وطهرت نفسه وشرف خلقه وعمرت أوقاته بطاعة الله وله من الرسوخ في مقامات العارفين ما تكلّ عنه السنة الواصفين وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحملها هذه العجالة . ( انتهى كلام ابن حجر ) . توفي ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام بالمدينة يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة أربع عشرة ومئة ( قيد ) وله سبع وخمسون سنة ودفن في البقيع .))
عليه السلام : ” ألا إنّ لكلّ عبادة شرة ثم تصير إلى فترة ، فمن صارت شرة عبادته إلى سُنَّتي فقد اهتدى ومن خالف سنّتي فقد ضلّ وكان عمله في النار ، أما إني أصلّي وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي فمن رغب عن منهاجي وسُنَّتي فليس مني ” . )
ويستفاد من هذه الأحاديث وأحاديث أُخَر أدب آخر وهو أيضاً من المهمات في باب الرياضة وهو أدب الرعاية .
وكيفيته أن يراعي السالك في أي مرتبة هو فيها في الأعم من الرياضات والمجاهدات العلمية أو النفسانية أو العمليّة حاله ويتعامل مع نفسه بالرفق والمداراة ولا يحمّلها أزيد من طاقته وحاله ، ورعاية هذا الأدب بالنسبة إلى الشباب وحديثي العهد من المهمات فإنه إذا لم يعامل الشباب أنفسهم بالرفق والمداراة ولم يؤدّوا الحظوظ الطبيعية إلى أنفسهم بمقدار حاجتها من الطرق المحللة يوشك أن يوقعوا في خطر عظيم لا يتيسر لهم جبره ، وهو أن النفس ربما تصير بسبب الضغط عليها وكفها عن مشتهياتها
{ 59 }
بأكثر من العادة مطلقة للعنان في شهواتها ويخرج زمام الاختيار من يد صاحبها ، واقتضاءات الطبيعة إذا تراكمت ونار الشهوة الحارّة إذا وقعت تحت ضغط الرياضة خارجة عن الحد لاشتعلت لا محالة واحرقت جميع المملكة ، وإذا صار سالك مطلق العنان أو زاهد بلا اختيار فإنه يقع في مهلكة لا يرى وجه النجاة أبداً ولا يعود إلى طريق السعادة والفلاح وقتا ما ، فعلى السالك أن يتملك نفسه في أيام سلوكه كطبيب حاذق ويعاملها على حسب اقتضاءات الأحوال وأيام السلوك ولا يمنع نفسه الطبيعة في أيام اشتعال نار الشهوة وغرور الشباب من حظوظها بالكلية . وعليه أن يخمد نار الشهوة بالطرق المشروعة فإن في إطفاء الشهوة بطريق الأمر الإلهي إعانة كاملة على سلوك طريق الحق فلينكح وليتزوج فإنه من السنن الكبيرة الإلهية ومضافا إلى أنه مبدأ البقاء للنوع الإنساني فإنه له دوراً واسعا أيضاً في سلوك طريق الآخرة . ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله ” من تزوّج فقد أحرز نصف دينه ” وفي حديث آخر: ” من أحب أن يلقى الله مطهَّراً فليلقه بزوجة ” .