الوقت-مرّة جديدة يثبت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن الإصلاحات التي تعهّد بها عند وصوله إلى ولاية العهد عام 2015 بتحويل السعودية من هرمة إلى شابة ما هي إلا مجرد إصلاحات ورقية لا وجود لها على أرض الواقع.
فمنذ وصوله وهو يشنّ حملة اعتقالات طالت أقاربه وأمراء ومشايخ وعلماء دين وناشطين وناشطات ليبلغ عددهم أكثر من 3000 معتقل حتى نهاية عام 2018 بحسب حساب “معتقلو الرأي السعودي” المعارض.
وفي جديد ابن سلمان وإصلاحاته “المنشودة”، أعلنت النيابة العامة السعودية، يوم أمس الجمعة، أنها انتهت من التحقيق مع مجموعة من المعتقلين المتهمين بـ “نشاط منسّق للنيل من أمن واستقرار المملكة” وستحيلهم إلى المحكمة المختصة.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية “واس” فإن “النيابة العامة تودّ الإيضاح أنها انتهت من تحقيقاتها ومن إعداد لوائح الدعوة العامة ضد المتهمين فيها وهي حالياً بصدد إحالتهم للمحكمة المختصة، وتؤكد النيابة أن جميع الموقوفين على ذمة هذه القضية يتمتعون بكل حقوقهم التي كفلها لهم النظام”.
وفي هذا السياق غرّد حساب معتقلي الرأي السعودي المعارض، يوم أمس على موقع تويتر كاشفاً أنه من بين المتهمين “معتقلو حملة رمضان”، من بينهم “لجين الهذلول، وإيمان النفجان، وعزيزة اليوسف، ومحمد الربيعة، وعبد العزيز المشعل“، مؤكداً أن عدد الذين سيقدمون لمحكمة الإرهاب الجزائية المتخصصة هم 17 ومن المرجّح أن يرتفع عددهم في الأيام القادمة.
قرار القضاء السعودي أشعل غضب المنظمات الإنسانية، وأخذت واحدة تلو الأخرى تندد بالقرار السعودي وتطالب العائلة الحاكمة بإطلاق سراح المعتقلين وخاصة المعتقلات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن إعلان النيابة العامة السعودية لوائح الدعوى ضد الناشطات المعتقلات لم يحدد أي اتهامات لهن، مضيفة في بيان إن الإعلان لم يشر إلى ادعاءات المعتقلات بشأن تعذيبهن.
الجمعية الفرانكفونية لحقوق الإنسان، كانت أيضاً من المنظمات المعترضة حيث أصدرت بياناً قالت فيه: إن القرار السعودي “يثير شكوكاً ومخاوف حول ظروف الاعتقال والتحقيق التي أدّت إلى اعتراف النشطاء بالتهم المنسوبة إليهم”.
مشيرة إلى أن مثل هذه الاتهامات الفضفاضة والمستهجنة، علاوة على الاعتقالات التعسفية وما رافقها من حملة منظّمة لتشويه سمعة المعتقلين وتخوينهم، تُنذر جميعها بأحكام قاسية ضد النشطاء الـ 17، حالهم كحال المئات من معتقلي الرأي في السجون السعودية.
وبدورها نددت منظمة العفو الدولية بالقرار السعودي، وقالت في بيان لها نشر على موقعها الرسمي: إن “إعلان النيابة العامة السعودية بمنزلة إشارة مروّعة إلى تصعيد حملة قمع نشطاء حقوق الإنسان”، محذّرة في بيان من مخاطر إحالة السعودية النشطاء إلى المحاكمة، ومن ضمنهم النساء الرائدات في العمل لحقوق المرأة.
وفي السياق نفسه، بعثت أكثر من 50 منظمة حقوقية رسالة إلى أكثر من 30 وزيراً للخارجية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة تطالبهم فيها بالضغط على السعودية وإصدار قرار في الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان يدعو إلى الإفراج الفوري عن المدافعين والمدافعات عن حقوق النساء في السعودية.
وبحسب الرسالة التي ترجمها “موقع الوقت” فإن الإعدام خارج نطاق القضاء للصحفي جمال خاشقجي أدّى إلى زيادة التدقيق في البيئة القمعية ضد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في المملكة.
كما وذكرت المنظمات في الرسالة أيضاً تقارير التعذيب وإساءة معاملة المدافعين عن حقوق النساء المحتجزات في السعودية، واستعانت بتقرير أعدّته صحيفة الاندبندنت البريطانية حيث تتعرّض السجينات والتي من بينهن لجين الهذلول إلى “الجلد والضرب والصعق بالكهرباء والتحرش الجنسي اللفظي وأيضاً التحرش الجنسي على أيدي جلاديها، الذين وضع أحدهم ساقيه على رجليها كما لو أنك وضعت ساقيك على الطاولة، وكان يدخن وينفخ دخان سيجارته بوجهها”.
وإن هذه الإساءات جعلت بعض النساء غير قادرات على المشي أو الوقوف بشكل سليم.
ختاماً.. إن محمد بن سلمان يسعى اليوم إلى حماية نفسه ومركزه بمختلف الطرق، إن كان عبر شراء الذمم بالمال كما فعل في جولته الآسيوية الأخيرة، أو عبر إسكات نقّاده بالقتل والإعدامات وهذا ما حدث مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ومن هنا لا نستغرب أن تقوم محكمة الإرهاب الجزائية بإصدار أحكام إعدام بحق الناشطات وذلك للتخلص منهم لأنهم يشكلون الضربة القاتلة لابن سلمان لما يحوزونه من معلومات خطيرة تتعلق بما تعرّضوا له في سجون الأمير الشاب السرية من تحرش واعتداءات جنسية.