الرئيسية / الاسلام والحياة / الاكتفاء بما روي في أصحاب الكساء

الاكتفاء بما روي في أصحاب الكساء

(بعث النبي(ص) أُسامة):

82 – أخْبَرَنا أبو القاسم بن السمرقندى، أنا أبو الحسين بن النَّقُّور، أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد، أنا أبو عُبيدة السَري بن يحيى، أنا شعيب بن إبراهيم، أنا سيف بن عمر، أنا عبد الله بن سعيد بن ثابت بن الجزع الأنصاري، عن عُبَيد بن حُنين مولى النبي(ص)، عن أبي مُوَيْهِبة مولى رسول الله(ص) قال: رجع رسول الله(ص) إلى المدينة بَعْدَما قضى حجة التمام، فتحلل به السيرُ وضرب على الناس بعثاً، وأمَّر عليهم أُسامة بن زيد، أمره أن يوطئ آبل الزيت من مشارف الشام بالأردن، فقال المنافقون في ذلك، وردّ عليهم النبي(ص): «إنّه لخليق لها، أي حقيق بالإمارة، ولئن قلتم فيه لقد قلتم في أبيه من قبله، وإنْ كانَ لها لخليقاً». وطارت الأخبار لتحلل السير بالنبي(ص)، أنَّ النبي(ص) قد اشتكى. ووثب الأسود باليمن، ومُسيلمة باليمامة. وجاء النبي(ص) الخبر عنهما، ثم وثب طُلَيحة في بلاد بني أسد بعدما أفاق النبي(ص) ثم اشتكى في المحرم وجعه الذي توفاه جلَّ وعز فيه‏(62).

 
83 – وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النَّقُّور، أنا محمد بن عبدالرحمن، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف، أنا السري بن يحيى، أنا شعيب بن إبراهيم، أناسيف، ثنا طلحة بن الأعلم، عن عِكرمة عن ابن عباس قال: كان النبي(ص) قد ضرب بعث أُسامة ولم يستتب، فرجع إليه النبي(ص) وأخلع مسيلمة والأسود. وقد أكثر المنافقون في تأمير أُسامة حتى بلغ النبي(ص)، فخرج على الناس عاصباً رأسه من الصداع لذلك من الشأن ولبشارة أُريها في بيت عائشة، وقال: «إني أُريت البارحة – فيما يرى النائم – في عضدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا، فأوَّلتهما هذين الكذَّابين – صاحب اليمامة وصاحب اليمن – وقد بلغني أن أقواماً يقولون في إمرة أُسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله، وإن كان أبوه لخليقاً لها وأنه لها لخليق، فانفذوا بعث أُسامة». وقال: «لَعَن الله الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد».

 
فخرج أُسامة فضرب بالجُرْن وأنشأ الناس في العسكرة ونجم طليحة وتمهل الناس وثقل رسولُ الله(ص) فلم يستتم الأمر انتظر أوَّلهم آخرهم حتى توفى الله جلَّ وعزَّ نبيَّهُ(ص)(63).
84 – أخْبَرَنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النَّقُّور، أنا أبو طاهر المُخَلَّص، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد، أنا أبو عُبيدة السري بن يحيى، أنا سعيد بن إبراهيم، أنا سيف بن عمر التميمي، عن أبي‏ضَمْرة، وأبي‏عمر وغيرهما، عن الحسن بن أبي‏الحسن، قال:

 
ضرب رسول الله(ص) بعثاً قبل وفاته على أهل المدينة ومَن حولهم، وفيهم عمر بن الخطاب وأمَّر عليهم أُسامة بن زيد فلم يجاوز آخرهم الخندق حتى قُبضَ رسول الله(ص) فوقف أُسامة بالناس، ثم قال لعمر: إرجع إلى خليفة رسول الله(ص) فاستأذنه، يأذن لي فأرجع الناس، فإنَّ معي وجوه الناس وحدَّهم، ولا آمن على خليفة رسول الله(ص) وثقل رسول الله(ص) وأثقال المُسلمين أن يتخطفهم المشركون. وقالت الأنصار: فإن أبى‏ إلَّا أن نمضي وأبلغه عنا، واطلب إليه أن يولي أمرنا رجلاً أقدم سناً من أُسامة. فخرج عمر بأمر أُسامة، فأتى أبا بكر فأخبره بما قال أُسامة فقال أبو بكر: لو اختطفتني الكلاب والذئاب لم‏أردَّ قضاء قضاه رسول الله(ص) قال: فإن الأنصار أمروني أن أُبَلِغَك أنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلاً أقدم سناً من أُسامة، فوثب أبو بكر – وكان جالساً – فأخذ بلحية عمر وقال: ثكلتك أُمُّك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله(ص) وتأمُرني أن أنزعه. فخرج عمر إلى الناس فقالوا له: ما صنعتَ؟ فقال: امضوا ثكلتكم اُمَّهاتكم. مالقيتُ في سببكم اليوم من خليفة رسول الله(ص).

 
ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم فأشخصهم وشيَّعهم، وهو ماشٍ وأُسامة راكب، وعبدالرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر. فقال له أُسامة: ياخليفة رسول الله(ص) لتركبنَّ أو لأنزلنَّ. فقال: والله لا تنزل، ووالله لا أركب، وما عليَّ أن أغبِّر قدميّ ساعة في سبيل الله، فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبع مائة حسنة تكتب له، وسبع مائة درجة ترفع له وتمحى عنه سبع مائة خطيئة، حتى إذا انتهى قال: إن رأيت أن تعينني بعمر بن الخطاب فافعل، فأذن له وقال: ياأيها الناس، قفوا. أوصيكم بعشر فاحفظوها عنّي: لا تخونوا، ولاتُغِلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً، ولا صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولاتقذفوا نخلاً، ولا تحرقوهُ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم، وسوف تقدمون على أقوام يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شي‏ء فاذكروا اسم الله عليها، وسوف تلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤُوسهم تركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيُوف خفقاً. اندفعوا بسم الله، أفناكم الله بالطعن والطاعون‏(64).

 
85 – أخْبَرَنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النَّقُّور، أنا أبو طاهر المُخَلَّص، نا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد، نا السري بن يحيى بن السري، نا سعيد بن إبراهيم التيمي، نا سيف بن عمر التميمي، أنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: لمَّا رجع رسول الله(ص) إلى المدينة أمَّر أُسامة وضرب البعث على عامة أهل المدينة، وأمره أن يسير حتى يوطئ بهم آبل الزيت، ويحلل به السير، فطار في الآفاق أن النبي(ص) اشتكى. ووثب الأسود باليمن، ومُسيلمة باليمامة وأتى النبي(ص) الخبر عنهما. ثم إن طُليحة وثب بعدما أفاق النبي(ص) وبعدما جاءه الخبر عن الأسود ومُسيلمة، ثم إنه اشتكى وجعه الذي توفاه الله فيه في عقب المُحرَّم.
قال: وتردد ناس من العسكرة لوجع رسول الله(ص)، وبلغ النبي(ص) عن الذين قالوا في تأمير أُسامة على المهاجرين والأنصار، فخرج(ص) عاصباً رأسه من الصداع فأتى المنبر فقال:
«إنه بلغني أنَّ رجالاً قالوا في تأمير رسول الله(ص) أُسامة، ولعمري لئن قالوا فيه لقد قالوا في أبيه من قبله، وإنه لخليق بالإمارة وأبوه من قبله فأنفذوا بعث أُسامة» ودخل.

 
وخرج الناس إلى الجُرف، فلما ثقل رسول الله(ص) أقاموا حتى شهدوه، فلما فرغوا أنفذه أبو بكر (رض) عنه على ماقال رسول الله(ص)، وخرج أبو بكر إلى الجُرف فاستقرى أُسامة وبعثه، وسأله عمر فأذن له، وقال له: اِصنع ماأمرك به نبي الله(ص) ابدأ ببلاد قُضاعة ثم ائت آبل، ولا تقصرنَّ في شي‏ءٍ من أمر رسول الله(ص)، ولا تعجلنَّ لما خلفت عن عهده. فمضى أُسامة مُغذّاً على ذي المروة(65) والوادي. وانتهى إلى ماأمرهُ به النبي(ص) من بثِ الخيول في قبائل قُضاعة والغارة على آبل، فسَلِمَ وَغَنِمَ، وكان فراغهُ في أربعين يوماً سوى مقامه ومقبله راجعاً.

 
قال: وأنا سيف عن أبي عمر، عن زيد بن أسلم، قال: ماتَ رسول الله(ص) وعمَّالهُ على قُضاعة: على كلب امرئ القيس بن الأصبغ الكلبي من بني عبد الله، وعلى القين عمرو بن الحكم، وعلى سعد هُذيم معاوية بن فلان الوائلي، فارتدَّ وديعة الكلبي فيمن آزرهُ من كلب، وبقي امرؤ القيس على دينه، وارتد زُميل بن قُطبة القَيْني فيمن آزره من بني القَيْن وبني عمرو. وارتَدَّ معاوية فيمن آزره من سعد هُذيم. فكتب أبو بكر إلى امرئ القيس بن فلان، وهو جدّ سُكينة بنت الحسين رضي الله عنهما فثار بوديعة، وإلى عمرو فأقام لزُميل، وإلى معاوية العذري فأقام لمعاوية.

 
فلمَّا توسط أُسامة بلاد قُضاعة بثَّ الخيول قِبَلهم، وأمرهم أن يُنهضوا من أقام على الإسلام إلى من رجع عنه. فخرجوا هُرَّاباً، حتى أرزءوا(66) إلى دُومة، واجتمعوا إلى وديعة، ورجعت خيول أُسامة إليه. فمضى فيها أُسامة حتى أغار على الحملتين فأصاب في بني الضُّبَيْب من جُذام، وفي بني حيليل من لَخم ولفها من القبيلتين، وحازهم من آبل ثم انكفأ سالماً غانماً.
وقال السُّميط بن النعمان اللّخمي:
أما ينفكّ من زيد جُذامٌ
ولا لَخْم وَإن رَمَّت عظامه‏(67)

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...