الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 19 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 19 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

الغلاة ليسوا من الشيعة :

لقد نسبت أشعار الغلاة الإيرانيين إلى الشيعة الموحدين المؤمنين، فخلطت الحابل بالنابل .

فإن شيعة الإمام علي (ع)، سواء أكانوا إيرانيين أم عربا أم غيرهم، كلهم يوحدون الله تعالى ويطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا، ويشهدون بأن محمدا بن عبدالله عبده ورسوله، و خاتم النبيين، ولا نبي بعده إلى قيام يوم الدين .

ويعتقدون بأن علي بن أبي طالب ولي الله وعبده الصالح، اتخذه النبي (ص) أخا، وأوصى إليه وجعله خليفته من بعده، كل ذلك بأمر من الله تبارك وتعالى .

ويعتقدون بإمامة الحسن المجتبى (ع) بعد أبيه المرتضى، ومنم بعده إمامة الحسين الشهيد (ع)، ثم إمامة تسعة من أولاد الحسين (ع) نص عليهم رسول الله (ص) وعرفهم بأوصافهم وصفاتهم، وقد عصمهم الله تعالى من الذنب، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم عباده المكرمون، ولا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .

ومن كان يقول ويعتقد غير هذا في الإمام علي وبنيه الأئمة الأحد عشر (ع) فلا تنسبوه إلى الشيعة .

ونحن الشيعة في إيران وغيره براء من الغالين في الإمام علي أو بنيه، كالسبئية والخطابية والغرابية والحلولية وغيرهم، وهذه الفرق أقليات متفرقة في أكثر البلاد الإسلامية لا إيران فقط، إلا أنه في تركيا يبلغ عددهم الملايين، مع ذلك لا تنسبون مسلمي تركيا ـ بما فيهم الشيعة الأتراك ـ إلى الغلاة !

فالشيعة في كل مكان بريئون من هذه الفرق، ويتألمون من انتسابها إليهم، كما أن المسلمون عموما يتبرءون منها عندما ينسب المستشرقون هذه الفرقة الغالية إلى الإسلام .

والشيعة : علماؤها وفقهاؤها في إيران وغيرها حكموا على الغلاة بالكفر، وأفتوا بنجاستهم ووجوب الاجتناب عنهم، ومع هذا كله، تنسبون إلينا هذه الفرق الضالة، أو تحسبوننا منهم !! إن هذا إلا بهتان عظيم .

فلو كنتم تقرءون كتبنا الكلامية، لوجدتم ردود متكلمينا وعلمائنا على عقائد الغلاة الإلحادية، بالدلائل العقلية والنقلية، وسأنقل لكم بعض الأخبار المروية في كتبنا عن أئمة الشيعة، وقد جمع قسما منها المحدث الجليل، والحبر النبيل، علامة عصره، ونابغة دهره، الشيخ المولى باقر المجلسي ـ قدس سره ـ في كتابه بحار الأنوار الذي هو أضخم دائرة معارف الشيعة الامامية وعدد أجزائه مائة وعشر مجلدات .

1ـ روي في ج 25 ص 273، حديث 19 : عن أبي هاشم الجعفري قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الغلاة و المفوضة فقال الغلاة كفار و المفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج إليهم أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز و جل و ولاية الرسول (ص) و ولايتنا أهل البيت .

2ـ وفي ج 25 ص 283، حديث 33 : عن الإمام جعفر الصادق (ع) الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله و يدعون الربوبية لعباد الله و الله إن الغلاة لشر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا .

3ـ وفي ج 25 ص 286، حديث 40 : عن أبان بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لعن الله عبد الله بن سبأ إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين و كان و الله أمير المؤمنين (ع) عبدا لله طائعا الويل لمن كذب علينا و إن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم .

4ـ وفي ج 25 ص 286، حديث 41 : عن الثمالي قال : قال علي بن الحسين (ع) لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله بن سبإ فقامت كل شعرة في جسدي لقد ادعى أمرا عظيما ما له لعنه الله كان علي ع و الله عبدا لله صالحا أخو رسول الله ص ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله و لرسوله و ما نال رسول الله ص الكرامة من الله إلا بطاعته لله عز وجل .

5ـ وفي ج 25 ص 296، حديث 55 : عن المفضل بن يزيد قال : قال أبو عبد الله (ع) ـ و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة ـ فقال لي يا مفضل لا تقاعدوهم و لا تؤاكلوهم و لا تشاربوهم و لا تصافحوهم و لا توارثوهم .

6ـ ج 25 ص 297، حديث 59 : عن الصادق (ع) : لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا و لعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا و إليه مآبنا و معادنا و بيده نواصينا .

7ـ وفي ج 25 ص 303، حديث 69 : عن صالح بن سهل قال كنت أقول في أبي عبد الله (ع) بالربوبية فدخلت فلما نظر إلي قال يا صالح إنا و الله عبيد مخلوقون لنا رب نعبده و إن لم نعبده عذبنا .

هذا أئمة الشيعة في ابن سبأ وأبي الخطاب والمفوضة والغلاة، ومع هذا كله، فإنكم وكثير من كتابكم تنسبون الشيعة إلى ابن سبأ الملعون !

فهل وجدتم كتاب واحد من كتب الشيعة الامامية الجعفرية ـ المنسوبين للإمام جعفر الصادق (ع) ـ كلمة واحدة في مدح ابن سبأ ؟!

هذه كتبنا من أكثر من ألف سنة ملأت المكتبات والمدارس ـ اقرؤها بدقة، وطالعوها بتدبر، فلن تجدول شطر كلمة في تأييد ابن سبأ وعقائده وأفكاره، بل تجدون رده ولعنه، وأنه يهودي كافر .

فارجعوا عن كلامكم واعدلوا عن قولكم ورأيكم عن الشيعة، واخشوا الله وخافوا الحساب، يوم تسألون عن كل حرف مما قلتم، فقد قال تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )(28).

وقال سبحانه ( فمن يعمل مثقال ذرة خير يره * ومن يفعل مثقال ذرة شرا يره )(29).

فأرجوكم أن تحاوروني بكلام نابع من الواقع والحقيقة، ولا تأخذوا ما يقول أعداؤنا وخصومنا فينا، فإن الخصم قلما ينصف خصمه .

فكما أحتج وأتكلم أنا بالاستناد إلى كتبكم وصحاحكم في إثبات ما أقول، فإن أصول المحاجة والحوار تقتضي أن تكونوا كذلك .

الحافظ: إن نصائحكم مقبولة، وإن شاء الله لا نقول إلا ما فيه رضاه، وإني حين سمعت هذه الروايات عندكم في رد الغلاة، زاد تعجبي فيكم، لأنا نسمع منكم في هذا الحوار تعابير في أئمتكم، يشم منها رائحة الغلو، وهم غير راضين بتلك الكلمات، بالرغم من أنكم تحرصون على كل كلمة تلفظونها، حتى لا يؤاخذكم بها، ولا تكون سببا للطعن فيكم .

قلت : أنا لست جاهلا معاندا، ولا متعصبا جامدا، فإذا كانت في كلامي هفوات ومغالاة، فالواجب أن تنبهوني، فإن الإنسان في معرض السهو والنسيان، وأرجوكم أن تذكروا كل ما كان في نظركم غلوا أو كفرا أو خارجا عن ميزان العقل والمنطق .

الحافظ : إن الله تعالى خص نبيه محمدا (ص) بتحية الصلاة، والسلام في الآية الكريمة : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) (30) ولكن الشيعة كلهم ـ وحتى جنابكم في هذا المجلس ـ كلما ذكرتك أحد أئمتكم ألحقتم باسمه جملة ( سلام الله عليه ) أو ( صلوات الله عليه ) عوض أن تقولوا : ( رضي الله عنه ) فإنكم تشركون أئمتكم مع النبي في ما خصه الله تعالى من التحيات، فعملكم هذا بدعة وضلال وخلاف لنص القرآن الكريم .

قلت : إن الشيعة لم يخالفوا نصا في أي عمل من أعمالهم الدينية، ولكن أعداءهم كالخوارج والنواصب وبني أمية وأتباعهم في القرون الماضية افتروا عليهم، واعترضوا على بعض أعمالهم بأنها بدعة .

وعلماؤنا ردوا عليهم وأجابوهم بأدلة عقلية ونقلية أثبتوا بها أن الشيعة ليسوا أهل البدع والضلال، أجابوهم على الإشكال الذي أوردته بالتفصيل، ولكن رعاية للوقت، وإني أرى آثار التعب والنعاس تبدو على بعض الحاضرين، أجيبكم باختصار :

أولا : إن الله عز وجل في الآية الكريمة يأمر المؤمنين بالصلاة والسلام على النبي (ص) ولا ينهى عن الصلاة والسلام على غير النبي (ص) .          

ثانيا : كما أن الله تعالى قال في الآية الكريمة : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) فقد قال في سورة الصافات ( سلام على آل ياسين ) (31) .

والله عز وجل في تلك السورة أيضا سلم على أنبيائه بقوله( سلام على آل نوح في العالمين)(32) (سلام على إبراهيم)(33) ( سلام على موسى وهارون)(34) ولم يسلم على آل أحد الأنبياء إلا آل ياسين، و(يس) أحد أسماء نبينا (ص)، لأن الله تعالى ذكر لنبيه الكريم في القرآن، الحكيم خمسة أسماء وهي : محمد وأحمد وعبدالله ونون ويس، فقال ( يس * والقرآن الكريم * إنك لمن المرسلين ) (35) يا : حرف نداء، و(س) اسم رسول الله (ص) وهو إشارة إلى تساوي ظاهره وباطنه .

النواب : ما هو سبب اختيار حرف (س) من بين الحروف ؟!

قلت : لأن حرف الـ (س) في حروف التهجي هو وحده يكون عدد ظاهره وباطنه متساويين، فإن لكل حرف من حروف التهجي عند المتخصصين بعلم الحروف والأعداد زُبَر وبينة، وحين تطبيق عدد : زُبِر وبينة كل حرف يكون عددهما مختلفا، إلا حرف (س) فإن زبره يساوي بينته .

نواب : عفوا يا سيد، أرجو منك التوضيح بشكل نفهمه نحن العوام، ونحن لا نعرف معنى : الزبر والبينة، فنرجو توضيحا أكثر .

قلت : أوضح :

الزبر : هو اسم الحرف الذي يخط على القرطاس : (س) وهو حرف واحد، ولكن عند التلفظ يكون : ثلاثة حروف : س ي ن فكل ما زاد على الحرف وخطه في تلفظه يكون بينته، وعدد (س) عند العلماء : ستون وعدد (ي) عشرة، و(ن) خمسون، فيكون جمعهما ستون أيضا، فيتساوى عدد : (س) وعدد : (ين) وهذا هو الحرف الوحيد بين حروف التهجي يتساوى زبره وبينته .

ولذلك فإن الله تعالى خاطب نبيه قائلا : يس، الياء : حرف نداء، و (س) : إشارة إلى اعتدال ظاهره وباطنه.

وكذلك في الآية المباركة قال : ( سلام على آل ياسين ) .

الحافظ : إنكم تريدون بسحر كلامكم أن تثبتوا شيئا لم يقله أحد من العلماء!

قلت أرجوك أن لا تتسرع في نفي ما أقول، بل فكر وتدبر ولا تعجل، فإن العجلة ندامة، لأني أثبت كلامي استنادا إلى كتبكم وصحاحكم، وعندها تُحرج أمام الحاضرين وتخجل، وأنا لا أحب لك ذلك .

وإنكم إما غير مطلعين على كتبكم، أو مطلعين عليها ولكنكم تكتمون الحق !

أما نحن، فمطلعون على كتبكم وما فيها من الروايات والأحاديث الصحيحة والمدسوسة، فنأخذ الصحيحة ونترك غيرها .

وفي خصوص هذا الموضوع نعرف روايات وأحاديث معتبرة في كثير من كتبكم، منها : في كتاب ( الصواعق المحرقة ) الآية الثالثة في فضائل أهل البيت .

قال إن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال : أن المراد بـ ( سلام على آل ياسين ) أي : سلام على أل محمد، قال وكذا قاله الكلبي .

ونقل ابن حجر أيضا عن الإمام الفخر الرازي أنه قال : إن أهل بيته (ص) يساوونه في خمسة أشياء :

1ـ في السلام، قال السلام عليك أيها النبي، وقال سلام على آل ياسين .

2ـ وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد .

3ـ وفي الطهارة، قال تعالى (طه)(36) أي : يا طاهر، وقال : ( ويطهركم تطهيرا )(37).

4ـ وفي تحريم الصدقة .

5ـ وفي المحبة، قال تعالى : ( فاتبعوني يحببكم الله )(38) وقال : (( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )(39) .

وذكر السيد أبو بكر شهاب الدين في كتابه ” رشفة الصادي …” في الباب الأول ص 24 : عن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس، والنقاش عن الكلبي : سلام على آل ياسين، أي : آل محمد .

ورواه أيضا في الباب الثاني : ص34 .

وذكر الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير ج 7 ص 163 في تفسير الآية الكريمة : ( سلام على آل ياسين ) وجوها … الوجه الثاني : إن آل ياسين هم آل محمد(40) .

فجواز الصلاة والتسليم على آل محمد، أمر متفق عليه بين الفريقين(41) .

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...