11 علي (ع) التجلي الإلهي العظيم
إذا أنشد قصيدة في مدح الأمير علي (ع) فهو يريد أن يقول أنه يدرك أنها لله، لأن الأمام عليه السلام هو التجلي العظيم لله، ولكونه لذا فإن ما فرضتموه مدحا له فهو مدح لله من خلال مدح تجليه.
إذا أيقن الإنسان وصدق أن المحامد لله لأعرض عن نفسه: إن ما ترونه ويراه من كثرة ضجيج الإنسان بمقولة: {لمن الملك} وما ترونه ويراه من كثرة غرور الإنسان يرجع إلى كونه لم يعرف نفسه فإن “من عرف نفسه فقد عرف ربه “(حديث مشهور مروي عن الإمام علي عليه السلام راجع شرح الشيخ ابن ميثم البحراني على المائة كلمة لأمير المؤمنين عليه السلام [الكلمة الثالثة ص 57 من طبعة جماعة المدرسين في حوزة قم المقدسة) لا يدري أنه لا شيء ولو عرف ذلك وصدّق به، وصدق أنّ كلّ ما هو موجود منه تعالى لعرف ربه.
والمشكلة الأساسية هي أننا لا نعرف لا أنفسنا ولا ربنا، ولا إيمان لنا لا بأنفسنا ولا بربنا لم نصدق أننا لا شيء ولم نصدق أنه هو كل شيء، وما لم يحصل هذا التصديق فلا من إقامة البراهين مهما زادت واتسعت إذ تبقى تلك “الأنانية النفسية” فاعلة.
إن أقوال (أنا كذا وأنت كذا) هي جميعا ادعاءات فارغة من أجل الرئاسة وأمثالها وأصلها بقاء الأنانية التي ما دامت فالإنسان يرى نفسه.
رأس البلاء …
جميع المصائب التي تنزل على رأس الإيمان تصدر من حب النفس فالإنسان يحب نفسه في حين أنه لو أدرك حقيقة الأمر وجدانيا لعرف أن نفسه لا شيء وهي للغير وحبه للغير، وقد سموه اشتباه بـ “حب النفس وهذا الاشتباه يدمر الإنسان فجميع المصائب التي تحل بنا هي من حب الجاه وحب النفس هذا حب الجاه هو الذي يقتل الإنسان ويدمره ويؤدي به إلى النار.
وحب الجاه وحب النفس هذا هو: “رأس كل خطيئة” جميع الخطايا تصدر من حب النفس وحب الجاه، ولكون الإنسان ينظر إلى نفسه ويعجب بها ويحبها لذلك فهو يريد كل شيئ لها ويعادي كل ما يمنعه عن ذلك أو يتوهم أنه مانع، ولكونه يريد كل شيء لنفسه لذا فهو لا يضع لذلك حدودا ومن هنا كان “حب الدنيا رأس كل خطيئة”(مروي باختلاف يسير عن الإمامين السجاد والصادق عليهما السلام ( الأصول من الكافي للشيخ الكليني باب ذم الدنيا والزهد فيها وباب حب الدنيا والحرص عليها ويلاحظ أن النص يعتبر “حب الدنيا” بصورة مطلقة بأنه رأس كل خطيئة دون تخصيص لحرامها عن حلالها وقد نبه إلى ذلك الإمام الخميني – قدس سره – وحذر من الدنيا مطلقا (راجع رسالته لنجله السيد أحمد المؤرخة في 17/شوال / 1404 هـ. ق المطبوعة مع مجموعة أشعار عرفانية للإمام تحت عنوان “نقطة عطف” بالفارسية)
كل المحامد لله
كتاب الله ابتداء بمطلب ينبهنا إلى جميع القضايا، فعلى نحو الاحتمال إن جميع القضايا تتضح عندما يقول تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} فهو لا يريد القول: – إن بعض المحامد لله عندما يقول هو قادر ولكني أحمد لكم لا لله!! ولكنّ جميع المحامد لله.
عندما يقول تعالى: ” الحمد الله ” فهو يعني أن جميع أقسام الحمد وحيثيته هي من الله ولله، أنتم تتوهمون أنكم تحمدون غيره ولكنه هنا يكشف غطاء عن كافة القضايا ونفس هذه الآية الكريمة الفريدة تكفي الإنسان لو صدقها ولكن المسألة هي في التصديق.
{الحمد لله} جميع المحامد لله، ولو صدق الإنسان بهذه الكلمة فقط لخرجت من قلبه كافة أنواع الشرك، وذاك الذي يكشف أنه لم يشرك بالله طرفة عين أبداً، إنما حصل على هذا التصديق وجدانياً، وصل إليه بوجدانه وأدرك المطلوب وهذا ما لا يمكن للبراهين أن تؤدي إليه فليس لها الأصالة والاقتدار المطلوب، البرهان جيد فلا نقول أنه شيء ولكنه يجب أن يكون وسيلة فالبرهان وسيلة إذ أنكم وفق عقولكن وبالسعي والاجتهاد تستحصلون الإيمان.