الرئيسية / أخبار وتقارير / أعداء المسلمين يتغلغلون ويخلقون الخلافات وعلينا التمسك بالوحدة والبصيرة

أعداء المسلمين يتغلغلون ويخلقون الخلافات وعلينا التمسك بالوحدة والبصيرة

القى المسؤول الثقافي للأمانة العامة للمجمع العالمي للصحوة الاسلامية الدكتور حميد رضا مقدم فر كلمة صباح اليوم الاحد في الاجتماع التاسع للمجمع العالمي للصحوة الاسلامية الذي يعقد في العاصمة العراقية بغداد، واكد فيها ان أعداء المسلمين يتغلغلون ويخلقون الخلافات وعلينا التمسك بالوحدة والبصيرة.

وافاد مراسل مكتب وكالة تسنيم الدولية للانباء ان الدكتور حميد رضا مقدم فر قال في كلمته هذه، يجب ان نعلم إنه كلّما فتح العالم الإسلامي أحضانه أمام نظام الهيمنة العالمية فإنه لم يسلم من سمّه القاتل، وكلّما توقف العالم الإسلامي عن الحراك وأصيب بالخمول تعرض بشكل أكبر لتهديدات وضربات العدو، ولذلك فإن الطريق واضح وهو المقاومة والتطور لزيادة قدرات العالم الاسلامي وتقوية دور المسلمين والاسلام في الهندسة الجديدة للقوة في العالم.

وفيما يلي نص كلمة الدكتور مقدم فر:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (فرقان 52)

الحضور الكرام

السلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته

إسمحوا لي بداية ان أبعث من خلال هذا الجمع الكريم أسمى التحيات والسلام الى روّاد الصحوة الاسلامية والشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية هذه الشجرة وكذلك العلماء والمفكرين الذي أبقوا بأقلامهم وكلامهم شعلة هذه الحركة التي تبعث الروح في جسد الأمة الإسلامية موقدة، وأحني هامتي إجلالا أمام إخلاصهم في هذا الجهاد العظيم.

في الحقيقة، يخوض العالم الاسلامي اليوم حربا شاملة مع نظام الهيمنة العالمية بقيادة امريكا والشبكة الصهيونية الشريرة الدولية.

ان هذه الحرب هي حرب ذكية يستخدم فيها العدو الأساليب الثلاثة الصلبة ونصف الصلبة والناعمة لكنه في نفس الوقت يعطي أعلى تركيزه ويوظف أهم استثماراته في الحرب الناعمة وهي حرب خفية وغير ملموسة لكن آثارها أشد دمارا وتخريبا من الحروب العسكرية وبتكلفة أقل وتأثير أكبر وأطول من الناحية الزمنية.

ان الاستعمار الحديث يفرض عبر هذا الأسلوب إرادته على الشعوب المسلمة بشكل غير مباشر، وكما حوّل الحروب المباشرة الى حروب تشن بالوكالة عبر تدخله وحضوره الخفيّ فإنه في الحروب الذهنية أيضا ينفذ من خلال أساليب التغلغل عبر البرمجيات الى قلوب وأذهان الناس ويؤثر بشكل هادف على هويّتهم وقيمهم ومعتقداتهم والأهم من ذلك كله على إدراكهم ومفاهيمهم بهدف إقناعهم وجعلهم متماشين معه وتغيير حساباتهم واولوياتهم وجلب رضاهم ليقبلوا بقيادة وزعامة هذا الإستعمار الحديث عليهم.

في هذه الحرب يقوم العدو بدلا من تسديد سهامه المسمومة نحو صدور الشباب الغيارى في الأمة الاسلامية، بشن الهجوم على الأدمغة والمعتقدات والهوية الاسلامية والإنسانية لهؤلاء، ولذلك فإن الساحة الرئيسية للإشتباك في هذه الحرب هي مجال الفهم والإدراك والمعرفة.

ان العدو قد أدرك جيدا بأن الرساميل المعرفية الموجودة لدى الأمة الإسلامية هي أكبر عقبة أمامه لتحقيق مطامعه ومصالحه التي لايمكن احصاؤها في البلدان الإسلامية ولذلك يهدف العدو الآن الى تدمير الرساميل المعرفية للمجتمعات الإسلامية ليفرغ المجتمعات الإسلامية من الرساميل المعرفية ويهيئ الظروف لفرض الثقافة والقيم الغربية على هذه المجتمعات.

واليوم ينبغي على حركة الصحوة الاسلامية والعالم الاسلامي بأن لايغفلوا عن الحروب الناعمة التي يشنها العدو عبر أدوات مثل الدبلوماسية العامة والدبلوماسية الإعلامية والتي تجرب عبر توظيف إستثمارات ضخمة في قطاعي الثقافة والفن، ويبحثوا عن سبيل لمواجهة هذه الحروب الناعمة وذلك بالتوازي مع الإهتمام بالحروب التي تشن بالوكالة عن نظام الهيمنة والصهاينة.

ان شعار “الله اكبر” الذي هو الرمز البارز للرساميل المعرفية للعالم الإسلامي حينما صدح من أعماق قلوب الشعوب في الإنتفاضات الشعبية لحركة الصحوة الإسلامية برهن جيدا بأن الأمة الاسلامية حينما تخوض المعركة بالإعتماد على ما تملكه من قيم ورساميلها المعرفية فإنها تشكل تهديدا جسيما وهائلا لأصحاب السلطة والثروة المتغطرسين وإن أحد النماذج الصغيرة لذلك هو الإطاحة بالدكتاتوريين العملاء للغرب في البلاد الإسلامية.

لا شك ان مشروع التخويف من الاسلام وإشتداده في العالم الغربي كان مرهما ودواء للجرح الذي أصيب به الإستكبار العالمي بسبب ثورة المسلمين الغيارى في حركة الصحوة الاسلامية، ان هذا المشروع يعتبر أحدى العمليات الهامة لنظام الهيمنة في الحرب المعرفية التي تشن على يد وسائل الإعلام التابعة للصهيونية الدولية وينفذها الجماعات التكفيرية التي ولّدتها الإمبريالية العالمية من أجل تشويه الصورة الناصعة للإسلام امام الرأي العام العالمي ومنع إنتشار موجة الإقبال على الاسلام، وقد تم التخطيط له في العالم الغربي ويجري تنفيذه.

وبموازاة تنفيذ هذا المشروع المشؤوم قام الاستكبار العالمي ولازال يقوم بتنفيذ إستراتيجية خلق الخلافات والتغلغل في المجتمعات الاسلامية، وإن تشديد الخلافات الطائفية وتأجيجها من أجل إضعاف قوة العالم الإسلامي وصرف أذهان المسلمين عن القضايا الرئيسية للأمة الاسلامية هي أحدى هذه الإستراتيجيات المتبعة.

اما الإستراتيجية الأخرى هي تغلغل ونفوذ العناصر العملية للقيام بإيحاء مشؤوم وتغيير معايير الحسابات عند الشعوب وقادة البلدان الإسلامية وكسر مقاومتهم أمام نظام الهيمنة العالمي. ان مهام العناصر المتغلغة هو مهاجمة استقلال وهوية المجتمعات الإسلامية والتمهيد لتبعية العالم الاسلامي لنظام الهيمنة بشكل أكبر وبسط وتوسيع الهيمنة الغربية في البلدان الاسلامية، وينبغي على العالم الاسلامي ان يضع الإستراتيجيتين التاليتين على جدول أعماله لمواجهة هاتين الإستراتيجيتين للعدو :

الأول هو الوحدة… نعم الوحدة الاسلامية التي يهزّ تحقيقه قامة الإستكبار العالمي ويسلب النوم الهنيء من عينيه، ان الوحدة الاسلامية اينما ظهرت وتجلّت أصابت الأعداء بالخيبة والإحباط وجلب المجد والعظمة للمسلمين.

وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (انفال 46)

على العالم الاسلامي ان يحفظ هذا النداء القرآني في القلوب، ويشخّص ويرصد الأيادي الخبيثة للأعداء والتي تقف خلف إيجاد الخلافات، ويعلم ان الخلافات المفروضة التي يؤججها الإرهابيون التكفيريون المدعومون من الغرب لا تمت بصلة للدين، بل ان التشيّع البريطاني والتسنّن الأمريكي هما اللذان يعملان مثل شفرتي المقصّ لهدم الاسلام الثوري المتآزر، وهما يريدان حرف المعركة عن المواجهة مع نظام الهيمنة والكيان الصهيوني الغاصب نحو الإشتباك في داخل العالم الاسلامي.

ان العلاج المضاد للخلاف هي الوحدة، الوحدة حول أفضل وأسمى الرساميل المعرفية في العالم الاسلامي أي القرآن الكريم والقيم الاسلامية.

الإستراتيجية الثانية للعالم الاسلامي لمواجهة التغلغل وإبطال مفعول الأعمال الهدامة لعملاء العدو المتغلغلين هي البصيرة.

ان أكبر وأهم مكونات البصيرة هي تشخيص ومعرفة العدو ومعرفة أساليب عداوة أعداء الإسلام.

ان ضياء البصيرة يفضح المتغلغلين ويفشل مخططاتهم، ان البصيرة ترتقي بمعرفة العدو وتحوّلها الى محاربة العدو وتحديد الحدود السياسية والثقافية بين الأمة الاسلامية وأعداء الاسلام والمسلمين بشكل أوضح.

البصيرة هي السلاح الأقوى للأمة الاسلامية في الحرب المعرفية التي يمكن تسميتها حسب التعبير القرآني بالجهاد الكبير.

فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا

البصيرة هي سيف ذو حدين للمسلم الثوري في ساحة الجهاد الكبير، فهي من جهة تشحذ همم وإرادة المسلم الثوري لرفض التبعية للعدو، ومن جهة أخرى تنبهه ليتجنّب التغافل عن رساميله المعرفية. ان البصيرة تمنح المجاهد في سبيل الله في الجهاد الكبير القوة على قول “لا” للأجنبي والعدو، وتمنحه الدافع من أجل الإعتماد على الذات.

البصيرة تعلّم المجاهد في سبيل الله في الجهاد الكبير انه مع وجود القرآن الكريم كبرنامج للحياة المؤمنة والعزيزة فما هو الحاجة للإستسلام للبرنامج والنمط وثقافة الحياة الغربية؟ وهي ثقافة تلد من داخلها العنف والإباحية.

ان تحقيق الوحدة والبصيرة كإستراتيجيتين رئيسيتين سيكون له نتيجيتين قيمتين للعالم الإسلامي هما:

اولا: المقاومة والقدرة على الصمود أمام العدو

ثانيا: التطور وقوة الإبداع والتقدّم وخلق تأثير

يجب ان نعلم إنه كلّما فتح العالم الإسلامي أحضانه أمام نظام الهيمنة العالمية فإنه لم يسلم من سمّه القاتل، وكلّما توقف العالم الإسلامي عن الحراك وأصيب بالخمول تعرض بشكل أكبر لتهديدات وضربات العدو، ولذلك فإن الطريق واضح وهو المقاومة والتطور لزيادة قدرات العالم الاسلامي وتقوية دور المسلمين والاسلام في الهندسة الجديدة للقوة في العالم.

هذا طريق يجب ان يسلكه المسلمون بقيادة القادة والعلماء والمفكرين الواعين والثوريين في العالم الاسلامي.

ان مشعل حركة الصحوة الاسلامية ليس فقط غير قابل للإطفاء بل يمكن له ان يتكرر بقوة تأثير أكبر من السابق بأضعاف. ان إبقاء هذا المشعل المضيء موقّدا، وحفظ تجربة الإنتصار الجميلة هذه والتي حصلت في ظل الوحدة والبصيرة يقع على عاتق العلماء والمفكرين البصيرين في العالم الاسلامي ويجب عليهم ان يقوموا بهذا الواجب بإبداع وفهم وإدراك لهذه الرسالة التاريخية تماما كما فعل الانبياء، ويمنحوا الحياة والإستدامة لهذا الدرب المقدّس، وبذلك يضعوا ويصمّموا أسس الحضارة الاسلامية الجديدة ضد الجاهلية الحديثة، ويبدأوا “بعثة” جديدة، وهي “بعثة” تبشّر ببزوغ فجر مضيء بدأ مع بزوغ فجر الثورة الاسلامية وشعاراتها التي صدحت في حركة الصحوة الإسلامية.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...