الرئيسية / بحوث اسلامية / الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

بيته ـ ويرجّحه حديث الثقلين »(1).

ولايخفى أنّ حديث : (الخلفاء اثنا عشر) قد سبق التسلسل التاريخي للاَئمة الاثني عشر وضبط في كتب الصحاح وغيرها قبل تكامل الواقع الاِمامي ، فهو ليس انعكاساً لواقع وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لاينطق عن الهوى ، فقال : «الخلفاء بعدي اثنا عشر» ليكون ذلك شاهداً ومصدقاً لهذا الواقع المبتدئ بأمير المؤمنين علي والمنتهي بالامام المهدي عليهم السلام وهو التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث(2).
فالصحيح إذن أن يعتبر الحديث من دلائل النبوّة في صدقها عن الاِخبار بالمغيّبات، أمّا محاولات تطبيقه على من عرفوا بنفاقهم وجرائمهم وسفكهم للدماء من الاُمويين والعباسيين وغيرهم فهو يخالف الحديث مفهوماً ومنطوقاً على الرغم مما في ذلك من إساءة بالغة إلى مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ يعني ذلك انه أخبر ببقاء الدين إلى زمان عمر بن عبد العزيز مثلاً ، لا إلى ان تقوم الساعة !!

 
النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام يوضح المراد
بالخلفاء الاثني عشر :
لاَجل متابعة الاَدلة الاَُخرى التي توضح المراد بحديث : (الخلفاء اثنا عشر) ، وتُعيِّن لنا شخص الاِمام المهدي باسمه ونسبه وحسبه ؛ لابدّ من التذكير قبل ذلك بأمرٍ هو في غاية الاَهمية ، بحيث لو تدّبره المنصف، وأمعن النظر فيه لما بقيت هناك أدنى غشاوة على عينيه ، ولاكتفى
____________
(1) ينابيع المودة 3 : 105 باب 77 في تحقيق حديث بعدي اثنا عشر خليفة.
(2) بحث حول المهدي | الشهيد محمد باقر الصدر : 54 ـ 55.

 
بالمقاييس السابقة التي تركها لنا النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم لمعرفة امام الزمان في كل عصر وجيل، ولم يطلب بعدها أي دليل آخر .
وأعني بهذا الاَمر تاريخنا الاسلامي الذي تعاقبت عليه منذ البدء أنظمة اتفقت على اقصاء عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن السلطة اقصاءً تامّاً، فضلاً عما اقترفته تلك الانظمة ـ الاُموية والعباسية ـ من الاَُمور الفادحة بحق الذرية الطاهرة .
ومن البداهة ان يعزّ النص على الاَئمة الاثني عشر في الكتب المؤلَّفة بوحيٍ من الحكّام وفي ظل تلك الانظمة التي اجتاحت آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأوشكت ان تبيد أولاد البتول عليهم السلام ، حين ضرّجت رمضاء كربلاء بدم خامس أصحاب الكساء صلوات الله عليه وسلم .

 
ومن غير المعقول ان يدين الظالم نفسه فيسمح برواية كون المهدي هو التاسع من أولاد الحسين عليه السلام ، أو أن المقصود بالخلفاء الاثني عشر هم أئمة الشيعة الاثني عشر ، اللّهم إلاّ ما خرج من تلك الروايات عن رقابته، ورُوي بعيداً عن مسامعه . وعلى الرغم من هذا الحصار فان ما ظهر منها انتشر كضوء النهار.

ولايصحّ في الاَفهام شيءٌ * إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ

وهذا مما لاينبغي اغفاله، ونحن نستعرض باختصار بعض الاحاديث المبينة لمعنى (الخلفاء اثنا عشر).

 
1 ـ في ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : نقلاً عن كتاب المناقب للخوارزمي الحنفي بسنده عن الاِمام الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جاء فيه التصريح باسماء الاَئمة الاثني عشر واحداً بعد واحد ابتداءً بأمير المؤمنين علي بن ابي طالب وانتهاءً بالامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهم السلام .

 
قال القندوزي بعد روايته : «وأخرجه الحمويني»(1)أي : صاحب فرائد السمطين الجويني الحمويني الشافعي .
2 ـ وفي الينابيع أيضاً تحت عنوان : (في بيان الاَئمة الاثني عشر باسمائهم) . أورد عن فرائد السمطين بسنده عن ابن عباس حديثين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الاَئمة باسمائهم، وأولهم علي وآخرهم المهدي عليهم السلام (2)، ونفس الشيء تجده في باب (في ذكر خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أوصيائه عليهم السلام )(3).

 
3 ـ وفيه أيضاً ، عن جابر بن عبدالله الانصاري ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ياجابر إنَّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي ، أوّلهم علي ثم الحسن، ثم الحسين…» ثم ذكر الاَئمة التسعة من أولاد الحسين باسمائهم ابتداءً بعلي بن الحسين وانتهاءً بالامام المهدي بن الحسن العسكري عليهم السلام (4).
4 ـ وفي كمال الدين : «حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضي الله عنه ، قال : حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ وابراهيم بن هاشم جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : دخلتُ على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الاَوصياء ، فعددت اثني عشر اسماً آخرهم القائم ، ثلاث منهم محمد ، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم»(5).

 
ورواه من طريق آخر عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب إلى آخر
____________
(1) ينابيع المودة 3 : 161 ب 93.
(2) ينابيع المودة 3 : 99.
(3) ينابيع المودة 3 : 212 باب 93 .
(4) ينابيع المودة 3 : 170 باب 94 .
(5) كمال الدين 1 : 313 | 4 باب 28.

 
السند المتقدم.
وقد يقال : ان السند غير حجة من وجهين :
الاَول : إنَّ الحسين بن أحمد بن ادريس في السند الاول، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار في السند الثاني لم يوثقا.
قلتُ : هما من مشايخ الاجازة، ولم يذكر الصدوق أحدهما في جميع كتبه إلاّ مترضياً عليه ، ومن البداهة ان لايقال للفاسق (رضي الله عنه) بل يقال ذلك للرجل الجليل ، ولو تنزلنا بعدم دلالة هذا اللفظ على الوثاقة، فإنّه من البعيد كل البعد ان يتفق كل منهما على الكذب على أبيه ؛ لانهما رويا الحديث عن أبويهما .
ومما يدل على صدقهما ان الكليني أخرج الحديث بسند صحيح عن أبي الجارود وابتدأ السند بوالد شيخ الصدوق محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري(1)، والمشايخ الثلاثة الاَُوَل في هذا السند من أجلاء المحدثين وثقاتهم المشهورين بالاتفاق .

 
الثاني : إنَّ أبا الجارود قد طعن عليه فالسند ليس بحجة.
والجواب : إنّ أبا الجارود تابعي ، ومن أين للتابعي أن يعلم بأنّ في اسماء الاَوصياء عليهم السلام ثلاثة باسم محمد ، وأربعة باسم علي ؟! وهذا هو المنطبق مع الواقع ، وقد مات أبو الجارود قبل اتمام هذا الواقع بعشرات السنين ، على أنّ الشيخ المفيد قد وثقه في رسالته العددية(2).

____________
(1) أُصول الكافي 1 : 532 | ح 9 باب 126 .
(2) سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد | جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية (الرسالة العددية) ـ طبع بيروت ـ 9 : 25 ، فقد جعله في عداد فقهاء أصحاب الاِمام الباقر عليه السلام ، ومن الاَعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام الذين لايطعن عليهم ولاطريق الى ذم واحد منهم ، على حد تعبيره رحمه الله .

هذا ، والصدوق أخرج حديث اللوح في أول الباب بهذا السند قال : «حدثني أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبدالله ، وعبدالله بن جعفر الحميري جميعاً ، عن ابي الحسن صالح بن حماد والحسن بن طريف ، عن بكر بن صالح .

 
وحدثنا أبي ، ومحمد بن موسى المتوكل ، ومحمد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن علي بن ابراهيم ، والحسن بن ابراهيم بن ناتانة ، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله عنهم قالوا : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام .. الحديث».
والسندان صحيحان إلى بكر بن صالح الذي ضُعِّف. ولايضر ضعفه هنا لاَنّه من غير المعقول ان يخبر الرجل الضعيف عن شيء قبل أوانه ثم يتحقق ذلك الشيء على طبق ما أخبر به ، ثم لايكون المخبر ـ بعد ذلك ـ صادقاً ، فالرجل روى عن الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام فمن أين له ان يعلم بأولاده وصولاً إلى المهدي عليه السلام ؟! وهو كما يبدو من طبقته لم يدرك الاَئمة (الهادي والعسكري والمهدي عليهم السلام ) ، ويدلك على هذا إنّ من مشايخ الحسن بن طريف الراوي عن بكر بن صالح في السند الاول ، هو ابن أبي عمير(ت|217 هـ) ، ومن في طبقته .

 
5 ـ ما في كفاية الاَثر في النص على الاَئمة الاثني عشر للخزاز ـ من أعلام القرن الرابع الهجري ـ : فقد خصص كتابه كلّه في الاَحاديث الواردة في النص على الاَئمة الاثني عشر باسمائهم ، ولامجال لنقل رواياته ، ولكن لابأس بنقل ما جاء في مقدمة الكتاب ، قال : «وابتدئ بذكر الروايات في النصوص عليهم عليهم السلام من جهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعروفين مثل : عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن مسعود ، وأبي سعيد

 
الخدري ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن سمرة ، وجابر ابن عبدالله ، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأبي أُمامة، وواثلة بن الاَسقع، وأبي أيوب الاَنصاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن أُسيد، وعمران بن الحصين، وسعد بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وأبي قتادة الاَنصاري، وعلي بن أبي طالب، وابنيه : الحسن والحسين عليهم السلام .
ومن النساء : أُم سلمة، وعائشة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم أعقبه بذكر الاَخبار التي وردت عن الاَئمة صلوات الله عليهم ما يوافق حديث الصحابة في النصوص على الاَئمة ونص كل واحد منهم على الذي بعده ؛ ليعلموا ـ إن انصفوا ـ ويدينوا به، ولايكونوا كما قال الله سبحانه : ( فما اختلفوا إلاّ من بعد ماجاءهم العلم بغيا بينهم)(2) » الجاثية: 17.

 
6 ـ وأخرج في كمال الدين : عن محمد بن علي بن ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد ابن الحسن الصفار.
وعن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت القمي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : « كنتُ أنا وأبو بصير، ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزلٍ بمكة، فقال محمد بن عمران : سمعتُ أبا عبدالله عليه السلام يقول : « نحن اثنا عشر مهدياً » . فقال له أبو بصير : تالله لقد سمعتُ ذلك من أبي عبدالله عليه السلام ؟ فحلف مرة أو مرتين انه سمع ذلك منه، فقال أبو بصير : لكني سمعته من أبي جعفر عليه السلام » (2).

____________
(1) كفاية الاَثر | الخزاز : 8 ـ 9 من المقدمة ..
(2) كمال الدين 2 : 335 | 6 وذيل الحديث نفسه أيضاً.

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...