نصّ الوصية:
الإمام جعفر الصادق عليه السلام فيما أَوْصَى وَلَدَهُ مُوسَى عليه السلام في وصية طويلة جاء فيها: “يَا بُنَيَّ اقْبَلْ وَصِيَّتِي وَاحْفَظْ مَقَالَتِي فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا تَعِشْ سَعِيداً وَتَمُتْ حَمِيداً يَا بُنَيَّ مَنْ كَشَفَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَمَنِ احْتَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً سَقَطَ فِيهَا”[1].
وصيّةٍ استثنائيّة وموعظةٍ فريدة
وأمّا ما يرتبط بالموصِي والموصَى إليه في هذه الوصيّة التي بين أيدينا:
– فالموصِي هو إمامنا جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، ذلك الإمام الذي علّم الأجيال، وربّى الفقهاء، ونشر العلم والفقه في الأرجاء والأصقاع، وهو الذي ننتسب وتنسبنا الناس إليه.
– والموصَى إليه هو إمامنا موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، ذلك الإمام الهمام الذي عاش في الناس عابداً، واعظاً، محسناً، كاظماً لغيظه، ثمّ هزّ عروش أعتى طغاة الأرض مقيّداً في أغلاله وأصفاده، وهذّب سجّانيه ساجداً في مطمورة سجنه.
وهذا يجعلنا أمام وصيّةٍ استثنائيّة وموعظةٍ فريدة، قلّ في الوصايا نظيرها، وعزّ في المواعظ مثيله, فهي:
أ- وصيّة الإمام المعصوم إلى الإمام المعصوم.
ب- وصيّة والدٍ شفيق، إلى ولدٍ بوالديه بارّ ورفيق.
ومَنْ أحْرَصُ من الوالد على خير ولده وسعادته ليوصيه بوصاياه؟!
ومَنْ أكثر استحقاقاً لوصيّة الوالد من ولده؟!
فكيف ـ إذاً ـ لو كان هذا الوالد الموصِي إماماً معصوماً، ومن نسل معصومين؟!
وكيف ـ إذاً ـ لو كان هذا الولد الموصَى إليه إماماً معصوماً، ومن نسل معصومين أيضاً؟!
ومَنْ أرْفَقُ مِنَ المعصوم، نبيّاً كان أم إماماً، بحال ولده المعصوم أيضاً؟!
[1] المجلسيّ، المولى مُحَمَّد باقر، بحار الأنوار، ج 75، ص201، تحقيق علي أكبر الغفاري، الطبعة الثانية المصحّحة، ط مؤسّسة الوفاء، بيروت، لبنان، 1983 م.