الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

18) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
شرح بعض الأمثال في سورة الأنعام:
8 – شرح الآية 122 من سورة الأنعام:
(أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِى بِهِ في النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ في الظلمات لَيْسَ بِخَارِج مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَفِريِنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
قيل في نزول الآية إِنّ أبا جهل الذي كان من ألد أعداء الإِسلام والرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) آذى يوماً رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إِيذاءً شديداً، وكان «حمزة» عم النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ذاك الرجل الشجاع ـ لم يسلم بعد، بل كان ما يزال يقلب الأمر في ذهنه،

 

 

وقد خرج في ذلك اليوم كعادته للصيد في الصحراء، وعند عودته سمع بما جرى بين أبي جهل وابن أخيه، فغضب غضباً شديداً وذهب إِلى أبي جهل وصفعه صفعة أسالت الدم من أنفه، وعلى الرغم من مكانة أبي جهل ونفوذه في عشيرته، فإِنّ لم يرد عليه لما يعرفه عن شجاعة حمزة.يشير المثال إِلى طائفة من الناس كانوا من الضّالين، ثمّ غيروا مسيرتهم باعتناق الإِسلام فهؤلاء أشبه بالميت الذي يحييه الله بإِرادته: (أو من كان ميتاً فأحييناه) .
وقوله : ( وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ) ، يعني جعلنا له علماء، فسمى العلم نورا وحياة، والجهل ظلمة وموتا، لان العلم يهتدي به إلى الرشاد، كما يهتدي بالنور في الظلمات، وتدرك به الأمور كما تدرك بالحياة. والظلمة كالجهل لأنه يؤدي إلى الحيرة والهلكة، والموت كالجهل في أنه لا تدرك به حقيقة. وإنما قال ” كمن مثله في الظلمات ” ولم يقل كمن هو في الظلمات، لان التقدير كمن مثله مثل من في الظلمات ويجوز أن يدل بأن مثله في الظلمات على أنه في الظلمات إلا انه يزيد فائدة أنه ممن يضرب به المثل في ذلك.
ووجه التشبيه في قوله ” كذلك زين للكافرين ” أي زين لهؤلاء الكفر، فعملوه كما زين لأولئك الإيمان فعملوه، فشبهت حال هؤلاء في التزيين بحال أولئك فيه .
وكثيراً ما يستعمل القرآن «الموت،والحياة، بالمدلول المعنوي لهما لتمثيل الكفر والإِيمان، وهذا يدل على أنّ الإِيمان ليس مجرّد معتقدات جافة وأوراد وطقوس، بل هو بمثابة الروح التي تحل في النفوس الميتة غير المؤمنة، فتؤثر عليها في جميع شؤونها، وتمنح العيون الرؤية، والآذان قدرة السمع، واللسان قوة البيان، والأطراف العزم على أداء النشاطات البناءة … الإِيمان يغير الأفراد، ويشمل هذا التغيير كل جوانب الحياة، وتبدو آثاره في كل الحركات والسكنات .
وحاصل الآية: أن مثل من هداه الله بعد الضلالة ومنحه التوفيق لليقين الذي يميز به بين المحق والمبطل، والمهتدي والضال، ـ مثله ـ من كان ميتاً فأحياه الله و جعل له نوراً يمشي به في الناس مستضيئاً به، فيميز بعضه من بعض.
هذا هو مثل المؤمن، ولا يصح قياس المؤمن بالباقي على كفره غير الخارج عنه، الخابط في الظلمات المتحير الذي لا يهتدي سبيل الرشاد.
وفي الحقيقة الآية تشتمل على تشبيهين:
الاَوّل: تشبيه المؤمن بالميّت المحيا الذي معه نور.
الثاني: تشبيه الكافر بالميّت الفاقد للنور الباقي في الظلمات، والغرض أن المؤمن من قبيل التشبيه الاَوّل، دون الثاني .
ونحن نعلم ان العلم هو نور للقلب وحياة للنفوس،وصاحب العلم يحمل رسالة وهدف يريد من خلاله ان يغير الواقع ويترك أثرا في المجتمع الذي يعيش فيه،وهذه هي رسالة الانبياء عليهم السلام فقد جاؤوا بالعلم لكي يغيروا الواقع الموجود في ذلك الوقت.وقد حثّ النبي محمد صلى الله عليه واله على طلب العلم،والجميع يعرف الحديث الشائع الذي يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. فالعلم من شأنه أن يزيل ظلم العقول ويمحو الجهل وهو ظلمة العقل التي تحجب عنا الحقائق،فالجهل يعدّ حجابا سميكا أمام العقل الانساني ومن هنا فإن كل جهد في طلب العلم هو بمثابة رد اعتبار للإنسان لان الجهل ينزل الانسان الى مرتبة الحيوان،وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه واله حيث كان يفرج عن الاسير في غزوة بدر اذا علّم عشرة من ابناء المسلمين القراءة والكتابة،فبالعلم يحيي الانسان وبالجهل يموت ويعيش في ظلمات ابدية.
شرح بعض الأمثال في سورة الأعراف:
9 – شرح الآية 176 من سورة الأعراف:
(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرض وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْركْهُ يَلْهَث ذلِكَ مَثَلُ الْقَومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
إلاّ أن من المسَلّم أنّ إكراه الناس وإجبارهم على أن يسلكوا سبيل الحق لا ينسجم والسنن الإلهية وحرية الإِدارة، ولا يكون ذلك دليلا على عظمة الشخص، لهذا فإنّ الآية تضيف مباشرة. إنّنا تركناه وهواه، وبدلا من أن ينتفع من معارفه فإنّه هوى وانحطّ (ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه).
وكلمة (أخلد) من (الإِخلاد) وهي تعني السكن الدائم في مكان واحد مع حرية الإِرادة، فجملة (أخلد إلى الأرض) تعني اللصوق الدائم بالأرض،وهي كناية عن عالم المادة وبهارجها، واللذائذ غير المشروعة للحياة المادية.
ثمّ تشبّه الآية هذا الفرد بالكلب الذي يُخرج لسانه لاهثاً دائماً كالحيوانات العطاشى فتقول (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) .
وقوله: ” فمثله كمثل الكلب ” ضرب الله مثل البارك لآياته والعادل عنها بأخس مثل في أخس أحواله، فشبهه بالكلب، لان كل شيء يلهث فإنما يلهث في حال الإعياء والكلال إلا الكلب فانه يلهث في حال الراحة والتعب، وحال الصحة وحال المرض.
وحال الري وحال العطش وجميع الأحوال، فقال تعالى إن وعظته فهو ضال وان لم تعظه فهو ضال كالكلب إن طردته وزجرته فانه يلهث، وإن تركته يلهث، وهو مثل قوله ” وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم انتم صامتون.
وقوله تعالى ” ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ” يعني هذا المثل الذي ضربه بالكلب هو مثل الذين كذبوا بآيات الله.
وقال الجبائي إنما شبهه بالكلب لأنه لما كفر بعد إيمانه صار يعادي المؤمنين ويؤذيهم، كما أن الكلب يؤذي الناس طردته أو لم تطرده فانه لا يسلم من أذاه .
وأمّا المضمون فالآية تمثيل يتضمن مشبهاً ومشبهاً به، أمّا الثاني فقد اختلفت كلمة المفسرين في المراد منه، فالأكثر على أنّ المراد هو بلعم بن باعوراء الذي كان عالماً من علماء بني إسرائيل، وقيل من الكنعانيين أُوتي علم بعض كتاب الله ، ولكنّه كفر به ونبذه وراء ظهره، فلحقه الشيطان وصار قريناً له وكان من الغاوين الضالين الكافرين.
ثمّ إنّه سبحانه يشير إلى وجه آخر لعدم تعلّق مشيئته بهدايته، وهو أن هذا الإنسان بلغ في الضلالة والغواية مرحلة صارت سجية وطبيعة له، ومزج بها روحه ونفسه وفطرته، فلا يصدر منه إلاّ التكذيب والإدبار عن آياته، فلذلك لا يوَثر فيه نصيحة ناصح ولا وعظ واعظ، ولتقريب هذا الأمر نأتي بتمثيل في ضمن تمثيل، ونقول:
(فَمَثَلهُ كَمَثل الكَلْب أن تَحْمل عَلَيه يَلْهَث أَوْ تَتْركهُ يَلهَث )، وذلك لاَنّ اللهث أثر طبيعي لسجيته فلا يمكن أن يخلّص نفسه منها .

 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...