إنّني أشعر أنّ الإنسان إذا أراد أن يبقى على الصعيدين المعنوي والثقافي غضّاً ومتجدّداً ، فلا مناص له من الارتباط بالكتاب. الإمام الخامنئي دام ظله.
حصّة المطالعة
لقد قدّم لي ثلاثة أشخاص اليوم، كلٌّ على حدةٍ، في هذا المعرض اقتراحاً موحّداً وهو أن تُحدّد في المدارس ساعةً للمطالعة، وقد كانت بنظري فكرة جيّدة, على وزارة التعليم والتربية دراسة هذا الأمر لترى ما يمكن فعله.. افرضوا مثلاً، أن توضع بدل ساعة الإنشاء ساعة للمطالعة حتّى يتعرّف التلاميذ على ثقافة المطالعة، سواءً قرؤوا بأنفسهم أو قرأ المعلّم لهم، أو قرأ أحد التلامذة واستمع الآخرون. لا بأس بهذا الاقتراح برأيي، بالطبع ينبغي دراسة هذا الأمر، ومدّنا بالتقارير، فإذا ما لوحظ نجاحه في المدارس، تُقَرّ مثل هذه الساعة، لربّما كان هذا الأمر مؤثّراً .
لنصنع قرّاءً، فيأتي الكتاب بنفسه
الناس لا يميلون إلى المطالعة، برأيي ينبغي للتدابير أن تلحظ هذه المسألة في الأساس. وبالرغم من أنّ إنشاء المكتبات كان لهذا الغرض تحديداً، لكن إذا كنّا
نستطيع أن نُنشىء نوعين من المكتبات، أو كنّا نستطيع أن نرفع من كميّة التوزيع على نحوين، أحدهما يتكفّل بإيجاد هذا الميل، والآخر من دون النظر إلى هذه المسألة، فاللازم هو النوع الأوّل, أي يجب أن نُفكّر في حلّ للمسألة ونجده. وصدق الشاعر حيث قال:
إذا قلّ الماء وحصل العطش ينبع من أعلى ومن أسفل
إذا كان الناس من أهل المطالعة ويبحثون عن الكتب، فسوف يسعون وراء الناشر ووراء المؤلّف، وسوف يسعى الناشر بكلّ جهده لإصدار الكتب .
كم تدفع من المال مقابل بضع قطع من اللُّبان؟
عندما يصبح (الكتاب) من لوازم الحياة، لا يعود باهظ الثمن. لقد سُعّر كتاب المعجم الوسيط – كتاب بهذا الحجم – بـألفي تومان، اذهبوا إلى السوق بألفي تومان وانظروا ماذا تشترون بها… بالطبع، هناك من لا يمكنهم شراء كلّ مستلزمات الحياة، لأنّهم لا يملكون المال أو يملكون القليل منه، وعلينا أن نفكّر من أجلهم, فذاك من اهتماماتنا. … إذا عُدّ الكتاب من ضروريات الحياة فلن يُعدّ باهظ الثمن، بكم تشترون زوجاً من الجوارب أو علبة من المناديل الورقية؟ وكم يدفع المرء مقابل عدد من قطع اللبان يشتريها لولده؟ قيسوا الكتاب بهذه الأمور. (وليس من الصحيح أن نقول:) الكتاب حاليّاً، ليس من الضروريات!
هو من الكماليات والزينة, إنّه من الأشياء الجيّدة الّتي إن توفّرت فهو بالأمر الجيّد، وإن لم تتوفّر فلن تقع السماء على الأرض! يجب الخروج من هذه الحالة وجعله من ضروريات الحياة .
ينبغي أن يُعدّ شراء الكتب واحداً من المصاريف الأساسية للعائلة، فعلى الناس قبل أن يشتروا بعض أدوات الديكور والتحف، كهذه الثريّات والطاولات المتنوّعة والأرائك المختلفة والستائر وأمثال هذه الأمور، أن يولوا الكتاب أهميّةً ويشتروا الكتب قبل أيّ شيء، كالخبز والطعام ووسائل العيش اللازمة الّتي تكون موجودة في البيت، ينبغي أن يكون الكتاب من هذا القبيل. …خلاصة الكلام أنّه ينبغي إيجاد الأنس بالكتاب، فإذا لم يؤنس به لن يصل المجتمع الإيراني إلى هدفه وأمنيته الّتي هي حقّه .
كيف نقرأ كتباً ذات عشرين مجلّداً؟
أقول، على الشباب، والشيوخ، والرجال، والنساء، وأهل المدن، وأهل القرى، وكلّ شخص يمكن أن يرتبط بالكتاب، أن يحمل كتاباً في جيبه، وفي أيّ وقت يكون فيه دون عمل، كما في حافلات النقل، وسيّارات الأجرة، وعيادة الطبيب، والمراكز الإدارية، وعلى باب الدكّان عندما لا يتواجد الزبائن، وفي البيت في أوقات الفراغ، أن يخرج الكتاب ويطالع .
فليخصّص الأفراد الّذين لديهم أعمال يومية – الإداريّون، التجّار، القرويّون، المزارعون، وأمثالهم، فيما لو كانوا يعودون إلى البيت ليلاً، أو وسط
النهار – بعضاً من الوقت، ولو نصف ساعة، للمطالعة. فكم من الكتب يمكن أن تُقرأ في نصف الساعة هذه.. قد قرأت في فترات العشر دقائق، والعشرين دقيقة، والربع ساعة هذه، مجموعات من الكتب مؤلّفة من بضع وعشرين مجلّداً، ولربّما اطلعتُ بهذه الطريقة على مئات المجلّدات من الكتب، في هذه الفترات القصيرة من الوقت. إنّني أعرف الكثير ممّن هم كذلك. …لقد طالعت كتاباً من ثمانية مجلّدات في حافلة النقل.. ينبغي أن تتحوّل هذه إلى عادة وسنّة رائجة بين أبناء شعبنا، بأن يقرؤوا الكتب، ويعلّموا أولادهم ذلك. فلتطالع السيّدات في البيوت ولتحصّلن المعلومات .
هيّئوا أنتم الكتب الّتي يمكن أن تُستخدم في مثل هذه الأماكن (حافلات النقل و…) أو قوموا من الأساس بعملٍ يُمكّن الناس من القراءة – في حال لم يكونوا يحملون الكتب – في الحافلة، وفي عيادة الطبيب، وفي المراكز الإدارية حيث ينتظرون دورهم، .. إذا أمكن أن تطلقوا مسيرة هذا العمل وترسّخوه، فإنّكم سوف تقدّمون خدمة كبيرة: هذا الأمر غير مستحيل، بل هو ممكن، بدليل أنّنا نرى أنّ هذه الأمور قد أُنجزت إلى حدّ ما في البلدان الأخرى، إنّنا أهل هذا العمل، وأولى به من غيرنا .
مطالعة التاريخ المعاصر
لا أعلم مدى اطلاعكم على التاريخ المعاصر، وكم قرأتم منه، كم هو جميل أن تُخطّطوا في الصيف حيث تجدون الكثير من أوقات الفراغ، لمطالعة بعض مقاطع التاريخ المعاصر، ومنها قضية فتوى التنباك، لقد أُلّفت كتب حول
هذا الموضوع، من المناسب أن تقرؤوها. أقصد بالطبع، الكتب الموثوقة، فبعضٌ بسبب دور الدِّين وعلماء الدِّين في هذه المسألة، ومعاندة منه للدِّين، ليس مستعدّاً للاعتراف بهذا الفخر العظيم والتكلّم عنه .