ارخبيل سوقطرة بموقعه الحيوي تزداد اهميته في الاستراتيجية الامريكية مع تصاعد الصراع حول بحر جنوب الصين ومشروع “عقد اللؤلؤ” الصيني الذي يربط الصين بالخليج الفارسي والبحر المتوسط عبر مضيق باب المندب. سبق للولايات المتحدة ان ناقشت إقامة قاعدة عسكرية على الارخبيل مع علي عبدالله صالح، لكن السعودية تريد اليوم ان تلعب دور المانح عسى ان يقلص الكرم السعودي نقاط الخلاف ويخرب اي تقارب امريكي – ايراني على امل ان يستمر العداء الامريكي-الايراني الى الابد.
يُضاف الى ذلك، مملكة النفط تدرك ان خياراتها في اليمن وغير اليمن بدون الدعم الأمريكي محدودة وتنعدم كلياً الخيارات إذا تجرأت على الخروج على القرار الامريكي او قررت التموضع خارج الاستراتيجية الامريكية. الحرب على اليمن وتجييش العالم “السني” العربي وغير العربي (باكستان والسنغال وتركيا) بمثابة رسالة للامريكي تقول “نحن معكم ويمكنكم الاعتماد علينا ونحن فقط القادرون على احتواء وتوجيه الجماعات الارهابية في اليمن وسوريا والعراق، ونحن فقط من موقعنا الديني والقومي والنفطي قادرون على تجييش المسلمين ضد مسلمين اخرين وتجييش العرب ضد غير العرب،
ولكن نريد في المقابل ضمانات”. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ان دول مجلس التعاون ستطلب من اوباما خلال الاجتماع المزمع في منتصف الشهر الجاري توقيع اتفاقية تلزم الولايات المتحدة التدخل العسكري في حال تعرضت لتهديدات ايرانية. فضلاً عن قائمة بالأسلحة التي ستشتريها هذه الدول من الولايات المتحدة. اوباما الذي ورط السعودية لن يقدم على هكذا خطوة، دول مجلس التعاون في الاستراتيجية الامريكية ليس اكثر من دجاجة تبيض ذهباً.
فضلاً عن ذلك، اليمن بموقعه الاستراتيجي يشكل ممراً هاماً للنفط الخليجي بعيداً عن مضيق هرمز. تنوي دول مجلس التعاون بناء خطوط إمداد ليتم الاستغناء التدريجي عن مضيق هرمز ومن اهم هذه الخطوط راس تنورة – المكلا على بحر العرب عبر حضرموت. هذه الخطوط تقلص من اهمية مضيق هرمز وتحرم ايران من ورقة جيوسياسية استخدمتها على مدى عقود لحماية امنها القومي. لا غرابة ان حدة الغارات تصاعدت مع اقتراب انصار الله والجيش الوطني اليمني من مدينة المكلا معقل القاعدة، كما ان اجهزة مخابرات كشفت عن وصول مقاتلون من داعش الى السعودية لنقلهم الى اليمن.
“جنون العظمة” الذي اجتاح كل شرائح المجتمع السعودي مثير للقلق وقد تفوقوا على الوحشية الاسرائيلية اضعافاً مضاعفة. هذا الجنون يعميهم عن رؤية ان الولايات المتحدة المهووسة في “توازن القوة” لن تسمح لهم بلعب اي دور اكبر من حجمهم قد يصب في النهاية لصالح الحركة الوهابية التي انتجت الإرهاب. والاهم انها لن تسمح باقامة تحالف على اساس قومي او ديني يهدد مصالحها على المدى القصير والبعيد.
اقدم السعوديون على مجازفة كبيرة، تراجعهم هزيمة وهروبهم الى الامام هزيمة. واذا اندلعت حرب القبائل لن يبقى لمملكة النفط سوى تاريخها الإجرامي.
– المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية