الرئيسية / من / طرائف الحكم / ينبغي للعاقل أن يحترس من سكرالمال – الشيخ عباس المعتقدي

ينبغي للعاقل أن يحترس من سكرالمال – الشيخ عباس المعتقدي

قال علي بن ابي طالب(عليه السلام): ينبغي للعاقل أن يحترس من سكرالمال وسكر القدرة وسكر االعلم و سكر المدح و سكر الشباب، فإنّ لكل ذلك رياح خبيثة تسلب العقل و تستخف الوقار. (غرر الحكم/ج2) 

كما تعلمون إن الكبر من الذنوب الكبيرة و ورد في القران الكريم آيات كثيرة تحكي عن غضب الله تبارك و تعالي علي المتكبرين و المستكبرين، فالإبليس هو إستكبر عن أمر الله في السجدة علي سيدنا آدم(عليه السلام) و أصبح من الكافرين و أخرج من الجنة و ذلك بعد الآلاف من السنوات من عبادته لله تعالي، فيقول الله تعالي عنه في قرآنه : ” و إذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلّا ابليس أبي و إستكبر و كان من الكافرين” (بقرة/34) فتكبره كان عاملا رئيسيا في كفره و غضب الله عليه، و يحذّرنا امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) عن الكبر في نهج البلاغة و يقول:” إحذر الكبر فإنه رأس الطغيان و معصية الرحمن”

إن الانسان ينسي ما كان عليه في أوان طفولته من عدم قدرته و ماله و حاجته إلي الآخرين و يتغافل عما سوف يكون عليه في أواخر عمره القصير من عدم قدرته و حاجته إلي الآخرين مرة أخري و لأجل هذا يتكبر أمام الآخرين و يسرّه كسب المال و القدرة و الشباب و المدح و العلم و يزعم أن هذه النعم هي تبقي له إلي الأبد و هذه هي مفاخر حقيقية له و سبب لفضله علي الآخرين!  غير أن الحسب و الكرم عند الله ليس من أجل هذه الأشياء و يقول النبي الاكرم(صلي الله عليه و آله)” لا حسب إلّا بالتواضع و لا كرم إلّا بالتقوي و لا عمل إلّا بالنية” ففي الحقيقة التواضع يكون عاملا أو دليلا علي حسب الانسان و أصالته و التقوي هي عامل لكرامته و فضله عند الله كما يقول القرآن الكريم ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم”

فعلي وفق هذا الحديث، آلإنسان لتكبره يصاب بالسكر كما يعبر عنه الامام علي بن أبي طالب(عليه السلام) و كما أنّ السكران من الخمر لا يري و لا يفهم كثيرا من الأشياء و يرفع صوته و يتكبر و يقوم بما لا يقوم به في حال اليقظة؛ فالمتكبر كذلك لا يري ما هو الواقع من حاله و يزعم أنه أفضل من الآخرين و مختار عليهم و لهذا لا يسلّم عليهم و لا يحترمهم و يمشي في الأرض مرحا مع أن الله تبارك و تعالي ينهي عن هذه الصفة و يقول: ” و لا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض و لن تبلغ الجبال طولا” ( الإسراء/37)

إن اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب الذي كان علي رغم قدرته و علمه،أسوة للمتواضعين و كنّاه الرسول الأكرم(صلي الله عليه و آله و سلم) بأبي تراب، يقول: “ما لإبن آدم و الفخر، أوله نطفة و آخره جيفة، لا يرزق نفسه و لا يدفع حتفه” (نهج البلاغة/ حكمه 443)