كشفت مجلة ( فورين بوليسي) الأمريكية, الأربعاء 24 حزيران, عن وثائق جديدة لمركز مكافحة الإرهاب الأمريكي, التي رفعت عنها السرية مؤخرا, وتشير إلى كارثة عراقية حقيقة, حيث تعاون فاضح لبعض الساسة, من المكون السني, مع التنظيمات الإرهابية, في الانبار والموصل بالتحديد, وعلى مستوى الحكومات المحلية والمسئولين وساسة, وصولا لموظفين كبار في مكتب رئيس الوزراء, في زمن الحكومة السابقة, وهذا الارتباط مع الإرهابيين, كان دوافعه لمنافع شخصية وطائفية, على حساب الوطن والناس.
وهنا نتطرق لبعض فقرات التقرير, مع بعض الإفصاح عن خفايا المعلن, لفهم حدود الكارثة العراقية.
أحدى وثائق مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي, والتي أرسلها أبو عمر البغدادي الذي سبق أبو بكر البغدادي, في زعامة التكفيريين, على اختلاف مسميات الكيان الإرهابي,من القاعدة إلى داعش, تشير إلى انه انشأ علاقة تعاون, مع الساسة السنة( حسب التقرير الأمريكي), في عام 2009, حيث أمكن تقاسم أنشطة الموصل فيما بينهم, لتحقيق منافع متبادلة, بأموال الدولة المخصصة لمحافظة نينوى, ويشير التقرير إلى خطورة تسليح القوات السنية, تحت رعاية الحكومات المحلية لنينوى والانبار, بسبب الروابط التي تجمع الساسة السنة وقادة تنظيم داعش, ومنذ سنوات طويلة.
وثيقة أخرى أشار إليها التقرير, مؤرخة في أغسطس 2009, عندما كانت التنظيمات الإرهابية تتجمع في الموصل, بعد الهزائم العسكرية في الانبار وبغداد, حيث أرسل التنظيم احد المسئولين الأمنيين الكبار, واسمه (حاتم) إلى أبو عمر البغدادي, حول ترتيبات لمشروع الابتزاز من المقاولين, والتي قدرت مكاسبه ب 4000000 مليون دولار, من عقد بناء في شرق الموصل, وتتراوح إيرادات هذه الصفقات من 7 إلى 34 مليون دولار لكل منهما, أي الساسة السنة والتنظيم الإرهابي, غسيل قذر لساسة باعوا الوطن, للإرهابيين في سبيل تحقيق حماية أنفسهم, والحفاظ على كراسيهم.
يضيف التقرير الأمريكي, إن دوافع المسئولين والساسة السنة متنوعة, في أسباب تعاونهم مع التنظيمات الإرهابية, منها توفير حماية لأنفسهم, في بيئة غير مستقرة, لتواجد الخلايا الإرهابية, وهذا الأمر وفر للتنظيم الإرهابي عشرات ملايين الدولارات, لتمويل عملياتها في عام 2009, وما بعده, فالأموال التي تخصص للأعمار المحافظة (نينوى والانبار) ومساعدات الأعمار للمنطقة الغربية, من خلال امتيازات وعقود مزورة,اغلبها ذهب للتنظيمات الإرهابية.
ساعدت هذه الأموال الإرهابيين, في توسيع شبكات الابتزاز والترهيب, في الموصل خصوصا, حتى قبل انسحاب القوات الامريكية2011, وهذا يفسر كيف أصبح تنظيم داعش, من اغني التنظيمات عالميا. حتى قبل إن يستولي على 400 مليون دولار, من خزائن مصارف الموصل في عام 2014.
يصف التقرير حالة بشعة, لواقع الساسة السنة في نينوى, من كيفية إقامتهم علاقة على أساس الوكالة, عن التنظيمات الإرهابية, وساسة رفيعي المستوى وليس ساسة عاديون, بل من يملكون أعلى مناصب الحكومية, فتسللت داعش إلى داخل هيكل الدولة الإداري, مما جعلها تسير القرارات حسب مصالحها, وجعلت تدفق المال الحكومي يكون في صالحها, فجندت جزء من الحكومة, كمصدر لها للمال والمعلومة, هنا يتكشف لنا حقيقة سقوط الموصل, وأسباب الانكسار.
حصل كل هذا في وقت إعلان الإدارة الأمريكية, إن الجماعة التكفيرية قد هزمت, لكنها بالحقيقة وجدت في الموصل الملاذ الأمن.
التقرير توصل في نهايته إلى توصيات مهمة للإدارة الأمريكية, في وجوب إعادة النظر في عملية تسليح القوات السنية, بل يجب زيادة قوة حكام العراق, مع أهمية نزع سلاح المليشيات في خطوة لاحقة, فالعراق يحتاج لمزيد من قوات الأمن, وينبغي على الإدارة الأمريكية, إن تساعد في إصلاح وتقوية القوات النظامية, لمن يريد التخلص من المتاعب.