الرئيسية / المرأة في الإسلام / أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

ما هي حقوق المرأة التي أصبحت زوجة؟

إنّ المرأة التي أصبحت زوجة بعقد الزوجية لها حقوق كما عليها واجبات.

أمّا الواجبات فقد تقدّم الكلام عنها في حقوق الزوج على زوجته ، وقد تقدّم أنّ حقّه عليها يتلخّص في أمرين :

الأول : حقّ الاستمتاع.

الثاني : حقّ المساكنة الذي يتضمّن قيادته للبيت الزوجي لجعله متماسكاً لا يشوبه التفكيك.

وكلا هذين الحقّين مقيّدان بكونهما معروفاً ، ولا يجوز الخروج بهما عن حدّ

__________________

(١) المراد من الأفضلية هنا هو الأصلحيّة ، فلاحظ.

٧٣

الاعتدال إلى التحكّم والشذوذ.

أمّا حقوق الزوجة على الزوج الذي يعبّر عنها بواجبات الزوج اتجاه الزوجة ، أو حقّ الزوجة على الزوج ، فهو ما نريد بحثه هنا.

نقول : عندما يوجد عقد الزوجية فهو يتضمّن حقوقاً على الزوج لزوجته وواجبات ، ويوجد فرق بين الحقّ والواجب الذين توجها إلى الزوج ، ويتلخّص الفرق بينهما في :

١ ـ الحقّ : هو سلطنة مجعولة من قبل الشارع المقدّس للإنسان ، وهو هنا المرأة الزوجة ، وهو مرتبة ضعيفة من الملكية ، ويمكن لصاحب الحقّ إسقاط حقّه بالتبرّع أو مقابل عوض (١).

٢ ـ الحكم : هو جعل واعتبار من الشارع المقدّس ـ سواء كان رخصة أو إلزاماً أو وضعاً ـ على المكلّف ، فقد يكون الحكم تكليفاً بالرخصة بالمعنى العام ـ الإباحة أو الاستحباب أو الكراهة ـ وقد يكون الحكم إلزاميّاً ـ وجوباً أو حرمة ـ ، وقد يكون الحكم وضعيّاً ـ كالصحة والفساد ـ وهذا الحكم غير قابل للإسقاط.

والآن نتعرّض إلى حقوق الزوجة ، فنقول : إنّ الزوجة لها حقوق على زوجها تتلخص بما يلي :

١ ـ أنّ لها حقّ الاستمتاع بالزوج وحقّ المساكنة ـ كما كانا للزوج ـ ; لأنّ الله تعالى يقول في كتابه الكريم : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٢) فإنّ هذه الآية وإن وردت في الطلاق ، إلاّ أنّها تشمل ما قبله بالأولوية.

__________________

(١) نعم ، يوجد استثناء بعض الحقوق من ذلك حيث ثبت أنّها غير قابلة للإسقاط.

(٢) البقرة : ٢٢٨.

٧٤

وقال تعالى : (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) (١) ، فالزوج سكن للمرأة وهي سكن له ، والاستمتاع حقّ للطرفين ، والمساكنة حقّ لهما معاً ، وهذا يقتضي أن تكون الحقوق متقابلة ومتوازنة ، فلكلّ واحد منهما على الآخر من أداء حقّه إليه مثل الذي عليه له ، فالحقوق بينهما متبادلة وهما اكفاء ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلاّ وللرجل عمل يقابله لها ، فهما متماثلان في الحقوق والأعمال ، كما هما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل.

وقد روي عن ابن عباس أنّه قال : «إنّي أُحبّ أن أتزيّن للمرأة كما أُحبّ أن تتزيّن لي ; لأنّ الله تعالى يقول : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)» (٢).

نعم ، إنّ الله تعالى قال : (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) عقيب قوله : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، فما هي تلك الدرجة التي للرجال على النساء في خصوص الزوجية؟

والجواب : إنّ ابن عباس طبّق (٣) الدرجة التي ذكرها الله تعالى في هذا الموضع على الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه عنه ، فقد قال : «ما أحبّ أن أستنطف ـ أي آخذ ـ جميع حقّي عليها» ; لأنّ الله تعالى قال : (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ …).

فكأنّ المرأة تواجه صعوبات كثيرة للقيام بمسؤوليات الزوج والبيت ، فلاينبغي أن يتعامل معها وكأنّها شريك في تجارة ، فيحاسبها على كلّ شيء قد وقع منها يعدّ تعدّياً على حقوقه ، بل يقابل ما وقع منها من تقصير في حقوقه بالصفح والغفران.

__________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) الكشّاف ١ : ٢٠٧.

(٣) راجع التبيان للطوسي ٢ : ٢٤١ وراجع الجامع لأحكام القرآن للطبري ٢ : ٤٥٣.

٧٥

ولهذا فقد روي أنّ امرأة جاءت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن حقّ الزوجة على الزوج؟ فقال : «… وإذا أذنبت غفر لها …» (١).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : «كانت امرأة عند أبي عليه‌السلام تؤذيه فيغفر لها» (٢).

وقد ورد في وصية الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام لولده محمّد بن الحنفية إذ قال له : «ولا تملك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها ، فإنّ ذلك أنعم لها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها ، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، فدارِها على كلّ حال ، وأحسن الصحبة لها ليصفوا عيشك» (٣).

وبهذا يفهم أنّ الأوفق والأصلح لها عدم تحمّل مسؤوليات النفقة وقيمومة البيت.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الدرجة في الآية الكريمة إمّا أن تكون بمعنى الصفح والغفران فيما لو تعدّت على بعض حقوق الزوج ، أو تكون بمعنى القيام بأمرها والمحافظة عليها ومساعدتها في الاُمور التي لا تقدر عليها ، كما لو كان هو المتبادر من الدرجة التي للرجال على النساء ، وهذا أمر طبيعي ، فإنّ كلّ من يغفر للآخر تعدّيه عليه أو يقوم بمساعدة الآخرين فهو له فضل درجة علية.

ولهذا نقول : بما أنّ الآية واردة في مقام التماثل بين الزوجين في الحقوق ـ لا في حقوق الرجال على النساء مطلقاً ـ فلايناسب أن يكون معنى الدرجة هو مسؤوليته الجهاد أو حقوق الميراث كما روي ذلك أيضاً ; لأنّ هذا إن كان فضلاً عليها فليس هو مختصّ بالتماثل في حقوق الزوجية التي كانت الآية بصددها.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : باب ٨٤ من مقدّمات النكاح ، حديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : باب ٨٨ من مقدّمات النكاح ، حديث ١.

(٣) المصدر السابق : باب ٨٧ من مقدمات النكاح ، حديث ٣.

٧٦

وعلى هذا فنرى أنّ الظاهر هو ندب الشارع الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، وما ذاك إلاّ العفو عنها ، كما أنّها إذا عفت الزوجة عن الرجل عند تقصيره في إعطاء حقوقها فيكون لها عليه فضل ، ولكن الشارع أراد الفضل للزوج عليها فندب إليه ، كما يظهر من تطبيق ابن عباس للفضل عليها ، أو أنّ الشارع أخبر عن فضل الرجال على زوجاتهم لقيامهم بتدبير اُمورهن ورعايتهن وحفظهن ، فإنّ هذا عبارة عن فضل للزوج على زوجته بالقيام بأمرها ولو كان هذا الفضل بسبب إيجاب الشارع النفقة والمسكن والقيمومة على الزوج.

٧٧

شاهد أيضاً

كامل الزيارات

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله أهل الحمد ووليه، والدال عليه والمجازي به، والمثيب عنه، ...