بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة : 159] والقائل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة : 174] والقائل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة : 78 ، 79].
والصلاة والسلام على نبي الرحمة ورسول الهدى محمد بن عبدالله وعلى آله وإخوانه وصحبه ومن والاه القائل: (ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) والقائل: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) والقائل: (المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه في مصيبةٍ إن نزلت به) وبعد:
فنظراً لما يشهده اليمن من عدوان ناهز أربعة أشهر ضحاياه آلاف الأبرياء من الشهداء والجرحى وظلم وحرب لا مبرر لها على الإطلاق من قبل نظام آل سعود وما يُسمى بقوات التحالف العربي والمدعوم من دول الاستكبار والاستبداد العالمي وعلى رأسها عدوة الشعوب والإنسانية أمريكا ومعها إسرائيل الذي لا يختلف اثنان على عداوتهما للإسلام والمسلمين.
هذا العدوان السافر والظالم والغاشم المجحف بحق الشعب اليمني في الحياة الكريمة الذي استخدم كل وسائل الدمار والقتل والأسلحة المحرمة دولياً واستهدف كل مقومات الحياة وقتل البشر وأحرق الشجر ودمر الحجر وخرب البنيان والمساكن على رؤوس أهاليها واستهدف الطرقات فقطع أوصال البلاد ودمر المدارس والمساجد والمعاهد والمستشفيات والمصانع والمزارع ومخازن الغذاء وصوامع الغلال وناقلات البضائع وأفزع وروع وأوغل في الدماء وأفضع وأنكى الجراح وزاد من عمقها وأوجع وارتفعت لهوله أصوات الثكالى وأنات الجرحى وآهات المكلومين وبكاء الفاقدين وزادت حرقة المظلومين وكمد المستضعفين ونال كبرياء وعز وكرامة شعب بأكمله ولم يراع له حرمة.
لا حرمة الأخوة ولا الجوار ولا الإسلام ولا الإنسانية وضيق الخناق في محاولة لإبادة جماعية وعقاب جماعي فزاد من حصاره على شعب يناهز عدده خمسة وعشرين مليون إنسان براً وجواً وبحراً مما ضاعف من معاناة الشعب وضاق عليهم الخناق وضاقت بهم السبل على مدى أكثر من أربعة أشهر في ظل صمت مطبق عربي وإسلامي ودولي.
لأجل ذلك كله تداعى كوكبة من أصحاب الفضيلة العلماء وعقدوا لقاءهم الموسع برعاية رابطة علماء اليمن تحت عنوان: علماء يمن الإيمان في مواجهة البغي والعدوان. وخرجوا بالتالي:
1- يؤكد علماء اليمن على وجوب توحد وتماسك كل فئات الشعب والترفع عن الخلافات الداخلية والاصطفاف بصبر وثبات لمواجهة العدوان الأجنبي الغاشم الذي يستهدف اليمن ومقدراته ومكتسباته، والاعتصام بحبل الله والتمسك بثوابت الشرع الحنيف، ونبذ كل أشكال الفرقة والشتات وحل أي خلاف عبر الحوار والتفاهم.
2- كما يؤكد علماء اليمن على حرمة التعاون مع المعتدين والغزاة بأي شكل من الأشكال، وأن تعاملاً كهذا يعد خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، ويوجهون الدعوة لكل مَن أيَّد العدوان إلى مراجعة حساباتهم ومواقفهم والرجوع إلى جادة الصواب.
3- يحيّي علماء اليمن صمود الشعب اليمني وصبره وثباته، وكل الجهود العظيمة والمخلصة من كافة أبناء الوطن كما يحيون الجيش واللجان الشعبية للدور العظيم الذي يقومون به في صد العدوان والدفاع عن الوطن والسيادة والكرامة.
4- يدعو علماء اليمن جميع العقلاء والرموز الوطنية من أبناء اليمن لإدانة ومواجهة هذا العدوان والسعي الحثيث لإيقافه وإيجاد الحلول المناسبة التي تكفل العيش المشترك وحرية الاعتقاد والمواطنة المتساوية بعيداً عن أي هيمنة أو وصاية خارجية أياً كانت وممن كانت.
5- كما يدعو علماء اليمن إخوانهم علماء الأمة العربية والإسلامية إلى إدانة العدوان على اليمن والسعي لإيقاف هذه الحرب الظالمة فالشعب اليمني مسلم ومسالم شهد له النبي الأكرم بذلك بعلم الجميع وما يُروَّج له من أنه يستعدي الشعوب والدول فهو محض كذب وافتراء وعلى الجميع تحري الحقيقة لاسيما في وضع كهذا ربما زلت أو قد زلت فيه أقدام كثير من الناس ممن كان يؤمل فيهم الخير، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات : 6].
6- يدين علماء اليمن الصمت المخزي والمريب للمجتمع الدولي وتواطؤ الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي أثبتت تبعيتها العمياء لمشاريع قوى الاستكبار العالمي.
7- يدعو علماء اليمن ما يسمى بدول التحالف وعلى رأسها مملكة آل سعود إلى وقف العدوان ورفع الحصار وكف يد السوء التي مدوها نحو إخوانهم المسلمين في اليمن الميمون وطلب العفو والمغفرة منهم وتحمل كل التبعات التي ترتبت على هذا العدوان إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر وإلا فمن حق الشعب اليمني أن يتخذ كآفة الإجراءات المناسبة والمشروعة لدفع العدوان ودرئه. وإذا كانت دول العدوان بحق أهلاً لتلبية نداء الواجب في نصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين فهاهي فلسطين على مدى أكثر من سبعة وستين عاماً تناديهم وتستغيث بهم وتطلب منهم العون والمساعدة والنصرة والتأييد وهاهم شعب فلسطين شاخوا وهرموا وبحت أصواتهم وكلّت ألسنتهم وهم ينادون إخوانهم العرب والمسلمين فلم يجيبوهم وهاهي مقدسات المسلمين تدنس يومياً برجس بني صهيون.
8- يدعو علماء اليمن الشعب اليمني إلى التوبة إلى الله ورد المظالم والتواصي بالحق والتواصي بالصبر والتضرع إلى الله وكثرة الدعاء والاستغفار والصبر والثبات والتراحم فيما بينهم وإنصاف المظلومين وإغاثة الملهوفين والجهاد في سبيل الله وبذل النفس والمال كلٌ حسب استطاعته ومن موقعه ليستحقوا بذلك نصر الله وتأييده ولطفه وعنايته، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج : 39] وقال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم : 47] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد : 7].
9- يدعو علماء اليمن الجهات الحكومية المختصة إلى الانضباط الوظيفي والقيام بواجباتها وتوفير احتياجات الناس الضرورية قدر المستطاع من كهرباء ومياه ومشتقات نفطية وخدمات أساسية وضبط المتلاعبين والفاسدين.
10- يؤيد علماء اليمن كل دعوات التصالح والتسامح بين المسلمين ويدعون إلى التعامل معها بجدية وعزيمة وصدق كما يؤكدون على تحريم إثارة كل دعوات التفرقة المناطقية و المذهبية و الطائفية الدخيلة على الشعب اليمني المعروف عبر تأريخه بقِيم التسامح والتعايش والإخاء..
11- يؤكد علماء اليمن على حرمة احتكار السلع والمغالاة فيها وأن ذلك يُعدّ ضرباً من الحرب والعدوان الذي يُشن على اليمن ويدعون التجار إلى التعامل بصدق ورحمة وأمانة.
12- كما يدعو علماء اليمن كآفة أبناء الشعب اليمني إلى أخذ الحيطة والحذر والحفاظ على الأمن والتعاون مع الجهات المختصة في ردع كل من يريد زعزعة الأمن والاستقرار وعدم الاستماع إلى حملات التضليل الإعلامي التي تقوم بها أبواق العدوان وعدم التأثر بإرجاف المرجفين وإشاعات المغرضين.
ختاماً .. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء بواسع الرحمة والمغفرة وأن يشفي الجرحىوأن يثبت أقدام المجاهدين والمرابطين وأن يمنّ على شعبنا اليمني بالنصر والتأييد وأن يعجل بالخزي والنقمة على أعداء الله المعتدين
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
صادر عن اللقاء الموسع لعلماء اليمن تحت عنوان
علماء يمن الإيمان في مواجهة البغي والعدوان
بالجامع الكبير بصنعاء