الرئيسية / تقاريـــر / المغرب العربي بين إرهاصات الإرهاب ومخلفاته – وداد قعفراني

المغرب العربي بين إرهاصات الإرهاب ومخلفاته – وداد قعفراني

مع تشعب الجماعات الارهابية في المغرب العربي، واستغلال بعض المنافذ الداخلية والحدودية لها، أضحى العمل على تقويض فرص تمددها حاجة ملحة، بعدما تحول السيناريو الليبي الى هاجس تتخوف منه الدول المجاورة لها، فتجاوز عصر الدماء ونهب الثروات هو جل ما باتت تسعى اليه الدول المغاربية، واضحى التعاون العسكري بينها رافعة للأمن والشعوب.

 لم يعد خافياً على أحد أن المغرب العربي أضحى من أهم وأبرز أهداف الجماعات التكفيرية.. فالارهاب الضارب في المنطقة، يشعل فتيلاً من الهواجس التي حولت بوصلة الدول واهتماماتها من مبحث سياسي الى عسكري أمني.. وعليه بات العمل على اجتثاث ظاهرة الإرهاب التكفيري أقصى الطموحات..

 وكالعديد من الظواهر، يقف الكثير من الاسباب خلف انتشار الإرهاب في المغرب العربي، اذ شكل توفر بيئة حاضنة للارهاب في الدول المغاربية، أكثر العوامل المساعدة على تمدده، فانتشار البطالة وارتفاع مستوى الفقر المدقع، الى جانب العلمانية التي كانت منتشرة في بعض اوساط دول المغرب العربي، كانت بيضة القبضان بالنسبة للدول المصدرة للإرهاب، التي استغلت ظروف الشباب الاقتصادية والاجتماعية، أتاحت للوهابية أن تشتري الائمة والطلاب لتعلم في مدارسها الدينية، بعد اكتشاف مواطن الضعف والثغرات التي تشوب المجتمعات، مقدمة قالباً جديداً من الفكر الذي يتماشى وتطلعات الشباب، وهو ما حفزهم للانتماء الى الجماعات التكفيرية.

 ولأن استمالة الشباب خطوة مدروسة، وضع مهندسو الجماعات التكفيرية العديد من الحوافز للارهابيين في المغرب العربي من أجل الانقضاض على الموارد الطبيعية والخام على مستوى المواد الاولية والثروات الطبيعية، وترتكز حول وظيفة التكفيريين والاطرف التي قامت بتصنيعهم.

 الباحث والمحلل السياسي الدكتور نسيب حطيط، اكد في حديث لموقع “العهد” أن وظيفة التكفيريين في المغرب العربي تشبه وظيفة التكفيريين في بلاد الشام، وهي تسعى لتحقيق هدفين، أولهما ديني، يتمثل بتصديع الاسلام من الداخل، أما ثانيهما فتهيئة الجغرافيا والمجتمعات والاوطان كي تستقدم الغزو الغربي والاميركي بطلب من أصحاب الأرض والمواطنين المفتقدين للأمان. وعليه جاء دور الحركات التكفيرية ككلب صيد أرسله الاميركيون لايقاظ الطريدة التي تسعى واشنطن لاخذها على المستوى العقائدي أو على المستوى السياسي من قلب المغرب العربي حسب حطيط.

 المسلسل الإرهابي ذو السيناريو المحكم الرصد والتنفيذ، يثبت أن التكفيريين ليسوا أصحاب قرار في أي وجهة يتمددون أو في المحاور التي يوجدون فيها، إنما قراراتهم مستمدة من أسيادهم الذين تتنوع تسمياتهم من منطقة إلى أخرى، والذين يتغير دورهم الوظيفي وفق الجغرافيا والمخاطر التي تحيط بالمنطقة المرصودة، مشدداً على أن العامل الجيوسياسي هو ما يقف خلف التمدد السياسي للجماعات الإرهابية من دولة إلى أخرى.

 ولم يغفل الباحث الإستراتيجي لعبة الأمم التي تجري بين الدول الكبرى، والتي تتمثل في إفريقيا عبر منافسة الصين التي تشكل لاعباً هاماً على الصعيد الإفريقي، ما دفع منتجي الجماعات التكفيرية الى محاصرة الاستثمار الصيني في إفريقا عبر توجيه الحركات التكفيرية اليها، من بوابة ليبيا، التي تحولت اليوم الى بؤرة ارهابية ومركز لتوزيع الحركات التكفيرية، مستغلة جغرافيتها، وهو ما جعلها تهدد الجزائر وتونس وتشاد والنيجر والساحل الاوروبي.

 وأمام هذا الواقع، يرى حطيط أن تداعيات الارهاب بدأت تتجلى في الجغرافيا المغاربية كما يحصل في ليبيا، والتي بدأت آثارها تظهر في تونس، وبعض الفتيل في الجزائر سواء عبر فتنة غرداية وغيرها، إلى جانب إرهاصات الحركات التكفيرية التي بدأت تظهر في  مدينة فاس المغربية، ليتم الانتقال فيما بعد من الدول المغاربية الى إفريقيا ككل، لافتاً الى أن متقمّصي الظاهرة التكفيرية يحاولون تحقيق أحلامهم الدينية من صيانة الدين الى حماية الطائفة التي ينتمون اليها في الظاهر، الى جانب الطموحات الشخصية حيث تنعدم المركزية مع تشعب الجماعات وتعدد أسمائها.

 وبرأي حطيط فمشروع الدول الداعمة للارهاب في سوريا والعراق فشل في تحقيق أهدافه، وهو سيرغم الدول الداعمة للجماعات التكفيرية من تركيا الى السعودية والخليج، على التراجع عن مواقفمهم على الاقل مرحلياً. تراجع مرده الى قدرة سوريا وحلف المقاومة على اعطاء تجربتهم ومعلوماتهم الامنية الى الدول التي تعاني جمر الارهاب كدول المغرب العربي لانقاذها من نير الإرهاب والإرهابيين.

نقلاً عن موقع العهد