الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 56 في جواب سؤالكم : لماذا هاجرنا

ليالي بيشاور – 56 في جواب سؤالكم : لماذا هاجرنا

الحديث في فضل أبي بكر:

وأما الكلام حول الحديث الذي نقله الشيخ عبد السلام عن أبي هريرة : أن جبرائيل نزل على النبي (ص) فقال : إن الله تعالى يقول : إني راض عن أبي بكر فاسأله هل هو راض عني ؟!

فأقول :

أولا : نجد في سند هذا الحديث أبا هريرة ، وهو عندنا وعند كثير من علمائكم مردود وساقط ، ورواياته غير مقبولة ، كما مر .

ثانيا : حينما نعرض الحديث على كتاب الله تعالى كما أمرنا النبي (ص) نجده مخالفا للقرآن المجيد ، فإنه سبحانه يقول : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )(16).

وقال : ( …. فإنه يعلم السرّ وأخفى )(17) .

وقوله تعالى : ( إنه يعلم الجهر وما يخفى )(18) .

وقوله سبحانه : ( ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن )(19) .

فبحكم هذه الآيات الكريمة ، وبحكم العقل السليم ، فإن الله عز وجل يعلم كل ما هو في قرارة نفس الإنسان ومكنون سره ، وكل ما يختلج في صدره .

فالحديث الذي يقول : ” سل أبا بكر هل هو راضٍ ؟! ” .مفهومه : إن الأمر لا يخفى على الله سبحانه ، فيسأل ليعلم !! وهذا ينافي القرآن الحكيم والعقل السليم .

ثم مما لا شك فيه أن رضا الباري عز وجل يحصل بالنسبة للعبد الذي هو راض عن ربه ، فالعبد إذا لم يصل إلى درجة الرضا ، أي : لا يرضى بقضاء الله وقدره ، فإن الله لا يرضى عنه ، ولا يكون مقربا إليه تعالى .

فعلى هذا، كيف يبدي الله عز وجل رضاه عن أبي بكر وهو لا يدري هل إن أبا بكر وصل إلى درجة الرضا أم لا ؟!

الشيخ عبد السلام : لا بأس ، نترك هذا الحديث الذي تشككون فيه ولكن عندنا أحاديث لا شك فيها أنها صدرت عن النبي (ص) في شأن الخليفة أبي بكر ، منها أنه :

وقال (ص) : إن الله يتجلّى للناس عامة ، ويتجلّى لأبي بكر خاصة .

وقال (ص) : ما صب الله في صدري شيئا إلا صبه في صدر أبي بكر .

وقال (ص) : إن في السماء الدنيا ثمانون ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر ، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر .

وقال (ص) : أبو بكر وعمر خير الأولين .

وقال (ص) : خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري وخلق عمر من نور أبي بكر وخلق أمتي من نور ، وعمر سراج أهل الجنة .

هذه الأحاديث وأمثالها كثيرة ، وهي مروية في كتبنا المعتبرة وقد ذكرت بعضها لتعرف ويعرف الحاضرون فضل الشيخين ومقامهما الرفيع عند الله وعند رسوله (ص) .

أحاديث مدسوسة:

قلت : هذه الأحاديث تدل ظواهرها على بطلانها وفسادها . وحاشا رسول الله (ص) أن تصدر منه هكذا كلمات !!

فإن الحديث الأول : يدل بظاهره على تجسم الباري عز وجل وسبحانه عن ذلك وعلا علوا كبيرا .

والحديث الثاني : يصرّح بأن أبا بكر شريك رسول الله (ص) في ما نزل عليه من الوحي .

والحديث الثالث : يدل على أن النبي (ص) ما كان أرفع درجة وأعلى رتبة من أبي بكر ، بل يساويه في المقام والمنزلة .

والخبران الأخيران ، مخالفان لأحاديث كثيرة متواترة ومقبولة عند الفريقين ، فالأحاديث الصحيحة تصرّح بأن خير أهل العالم محمد المصطفى وآله النجباء ، سلام الله عيهم أجمعين .

وأما الجملة الأخيرة : ” وعمر سراج أهل الجنة ” .

فأقول : إن أهل الجنة مستغنون عن السراج فيها ، لأن وجوههم منيرة يومئذ ، كما قال تعالى : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم …)(20).

وقوله تعالى : ( .. يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم …)(21).

وقد ورد في الأخبار المروية في كتب الفريقين : أن الجنة تكون مضيئة في حد ذاتها كالدرة البيضاء والياقوتة الحمراء ، فلا قيمة فيها للسراج ، لأن السراج إنما يفيد في الظلام ، ولا ظلام في الجنة .

وإضافة على ما ذكرنا ، فإن كبار علمائكم في علم الدراية والرجال ، وكبار محدثيكم الذين يميزون الأحاديث الصحيحة عن السقيمة مثل : العالم الجليل المقدسي في : ” تذكرة الموضوعات” .

والفيروز آبادي الشافعي ـ صاحب ” القاموس” ـ في : ” سفر السعادة ” .

والذهبي في ” ميزان الاعتدال ” .

والخطيب البغدادي في : ” تاريخ بغداد ” .

وأبي الفرج ابن الجوزي في : ” الموضوعات ” .

وجلال الدين السيوطي في : ” اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ” هؤلاء صرحوا : أن هذه الأخبار موضوعة ولا اعتبار بها ، لسببين :

1ـ أسانيدها ضعيفة ، لأن في طريقها رجال متهمون بالكذب وجعل الأحاديث .

2ـ عدم موافقتها للقواعد العقلية والآيات القرآنية .

الشيخ عبد السلام : لو فرضنا صحة كلامكم في الأحاديث المذكورة ، فما تقول في هذا الحديث الشريف المشهور بين علماء المسلمين ، والمذكور في الكتب المعتبرة الموثوقة ، أن النبي (ص) قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة ؟!

قلت : أما قولك : ” الحديث …..المشهور ” … فربّ مشهور لا أصل له !

وأما قولك : ” والمذكور في الكتب ” فليتك تذكر لنا هذه الكتب المعتبرة ، الموثوقة !!

وأما الحديث ، إضافة على أنه مردود وغير مقبول عند علمائكم ومحدثيكم المتخصصين في علم الدراية والرجال والحديث والرواية ، وقد حسبوه من الموضوعات ، فإن ظاهره يخالف الحق الذي يتجلى في الأخبار الصحيحة المقبولة عند الفرقين .

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني45

32)وهذا كله على تقدير تحقق الإساءة إليك من الغير ، وإلا فعلى تقدير أنك ظالم ...