الرئيسية / القرآن الكريم / القرآن الكريم والصراع على الإسلام

القرآن الكريم والصراع على الإسلام

نظرة القرآن الكريم للأديان الأخرى – الشيخ مصطفى ملص1

بسم الله الرحمن الرحيم. والحمد لله. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

مقدمة: “الحرب على الارهاب”

إن ما يشهده العالم من صراعات تأخذ عناوين شتى، منها السياسي والفكري والديني والثقافي والاقتصادي، إنما تنطلق من منطلق واحد في الحقيقة وهو إرادة السيطرة، ومهما حاول الإنسان أن يخفي الهدف الحقيقي، إلا أن ذلك لا يلبث أن يظهر من خلال ما تتكشف عنه الأيام والأحداث.

فصراع الحضارات، والحرب على الإرهاب، والعمل من أجل نشر الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتنمية، عناوين حضارية براقة، تخاض باسمها الحروب، وتقتل الشعوب، وتستباح البلدان، وتسقط الأنظمة، وتحتل الأراضي، وذلك كله تحت سمع العالم وبصره بل وبدعمه وتأييده، والمبرر الأبرز حفظ المصالح أو الرأس.

________________________________________
1- عضو مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين

الاسلام هو الهدف

والإسلام اليوم هو الهدف الذي تضعه القوى الكبرى نصب أعينها، وذلك بعد الفراغ من القوة الأخرى التي كانت تشكل ثنائية القوة في العالم. وهناك عوامل كثيرة ساعدت أو تعاونت فيما بينها على جعل الإسلام هدفاً، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو خارجي:

أما الخارجي فهو رغبة القوى الكبرى في مزيد من السيطرة والإمساك بمقدرات الأمور أولاً، ووجود قوى تكونت على أساس أفكار دينية صهيوـ مسيحية ترى أنّ دورها المرحلي هو ضرب وإخضاع العالم الإسلامي لإرادتها ومصالحها ثانياً.

أما العوامل الذاتية فمنها رفض الإسلام أن يخضع المسلمون لأي قوة طاغوتية، ومنها هذه الحيوية الكامنة في النص الشرعي الإسلامي التي تعيد تحريك القوة وتدفع الأمة للخروج من حالة الركود، ومنها أعمال بعض المسلمين غير المدروسة والتي تسيء إلى الإسلام والمسلمين أكثر مما تسيء لغيرهم “نموذج طالبان”، ومنها بعض التفسيرات الخاصة للنص الديني والتي تقدم خدمة مجانية لأعداء الإسلام ليستغلوها غطاءً لحروبهم ضده.

أصوات معادية للإسلام

تخرج في الغرب أصوات معادية للإسلام في الغرب وأماكن أخرى تصف الإسلام بشتى الأوصاف والنعوت، وكأنه الدين الذي سيؤدي إلى خراب البشرية والحضارة لما فيه من طبيعة عدوانية ورفض للآخر، وتضطر قيادات غربية بين فترة وأخرى، وفي بعض
المناسبات للتخفيف من حدة الحملة على الإسلام التي بلغت حد الإضرار بالغرب ذاته لما تحمل من شحن للنفوس بالحقد والكراهية العنصرية، فيقف شخص مثل الرئيس الأمريكي جورج.و.بوش مع مطلع شهر رمضان ليهنئ المسلمين، وليعلن أن الإسلام دين حضاري قدّم للإنسانية وللأمة الأمريكية الكثير في مختلف الصعد.

مشروعية السؤال حول نظرة القرآن للأديان

وإزاء هذا الوضع نجد أن السؤال مشروع حول نظرة القرآن الكريم ـ باعتباره النص الأساسي الإسلامي ـ إلى الأديان الأخرى ليس فقط بهدف توضيح الصورة لغير المسلمين، وإنما أيضاً بهدف توضيح الصورة لقسم كبير من المسلمين، وخصوصاً أولئك الذين يتصدون لأمر الدعوة والتبليغ والخطابة دون المستوى العلمي والثقافي المطلوب، أولئك الذين يشحنون نفوس العوام بالعدائية تجاه غير المسلمين، ويعملون على تشويه دور المسلم تجاه غير المسلم، وهو دور الدعوة إلى الله، وتصوير أن الدعوة لا تتم إلا بالقتال، متناسين قول الله تعالى: “ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ…” النحل/125.

أو معتبرين أن هذه الآية مختصة بالدعوة والتناصح بين المسلمين، بينما لغير المسلم “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ…” الأنفال 39.

وفي هذا الفهم خلط بين حالتين حالة الحرب والقتال، وحالة السلم والتعايش، أو حالة السلم والتحاور.

شاهد أيضاً

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

11- « يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن ...