الرئيسية / الاسلام والحياة / السير الى الله مع العارف السيد عبد الكريم الكشميري

السير الى الله مع العارف السيد عبد الكريم الكشميري

والخصلة الأخرى في الجانب العبادي من شخصية السيد الكشميري هي كتمانه لما يأتي به من عبادات، يقول أحد تلامذته: لقد كانت أحواله العبادية خافية علينا، إذ نحن لا نراه خلال الأربع والعشرين ساعة إلا وقتاً يسيراً، وكان خلالها مستغرقاً في سكوته. وقد سألته مرة: لقد كنت سابقاً مشغولاً بالأذكار والعبادات فلماذا أنت ساكت الآن؟ فأجاب: اشتغالي الآن أكثر من السابق، وأنا مشغول بالأذكار القلبية منذ استيقاظي صباحاً من النوم وحتى الليل.
 
ويحكي أحد تلامذته أيضاَ عمق ارتباط استاذه السيد الكشميري بالله تعالى قائلاً: كان قلبي يرغب جداً في معرفة كيفية ارتباطه مع الله سبحانه، وفي أحد المرات عندما كنت في زيارته أشار إلى قلبه وقال لي: ضع رأسك هنا فوضعت أذني على قلبه فسمعته يكرر كلمة دائماً، فقلت له: يا سيدنا هل ذكركم هي الكلمة الفلانية؟ فقال: نعم. وكان قلبه يردد تلك الكلمة كالساعة التي تعمل ليل نهار وتكرر دقاتها بانتظام. لقد كان ارتباطها بالله هكذا.
 
ويواصل القائمي حديثه قائلاً: لقد كان السيد الكشميري يتمتع بخاصية عجيبة في الذكر، فهو دائم الذكر على كل حال، وكانت له حالة عجيبة، ولم يكن يسمح لأي أحد بزيارته، وإذا ما أذن لشخص بالدخول فقد كان مشغولاً بذكر الله إلى درجة لا يدع له فرصة للحديث، وكان في أواخر حياته في حالة الذكر القلبي، وكثيراً ما يشعر الإنسان أنه يردد ذكر هو (هو الحي) ويقول عند جر أنفاسه (حي).
 
ويقول نجله السيد علي الكشميري: لم يكن والدي في هذا العالم، وحتى عندما كان يجلس معنا كنت أشعر أن نصف وجوده غائب عنا، وكانت عباداته قلبية، وكان يقول لي دائماً: القلب حرم الله فلا تسكن في حرم الله غير الله.
 
ولقد نافس السيد الكشميري استاذه السيد علي القاضي في هذه الخصلة، يقول أحد تلامذته: سمعت السيد الكشميري يقول: إن امتياز السيد القاضي هي أن قلبه كان في أعلى ولا ينزل إلى الأسفل. وهذه الحالة كانت محسوسة عند السيد الكشميري أيضاً، وكان سكوته سكوتاً ذكرياً وسكوتاً توجيهاً. ولقد اتفق كثيراً أن نجتمع عنده ست أو سبعة من الأصدقاء وينقل بعضهم كلاماً جميلاً لكي يؤثر فيه، ولكنه كان في حالة جذبة بحيث كان من الصعوبة أن ينزل إلى أسفل، وإذا ما نزل فأنه يريد أن يبين لنا أنه كان ملتفت إلى كلامنا لا أكثر، ولكنه كان مع ذلك مشغول، لقد كان باطناً مشغول بشكل كامل بذكر الله تعالى، وكان أحياناً ينظر إلينا ولكن كأنه لك يسمع أبداً الجزء المهم أو الحساس من الحديث الذي كنا نتحدث به، وكانت هذه إحدى الخصائص الملموسة فيه، وكثيراً ما اطلع الآخرون الذين كانوا معنا أيضاً على عمق توجهه، ولقد رأوه سابحاً دائما في أعلى وكانت آثار ذلك أيضاً واضحة بنحو جيد. لقد كان منصرفاً عن هذه الدنيا، وكأنه كان ينبغي أن يسحب إلى أسفل لكي يلتفت إلينا، وإذا كان فمه مفتوحاً علمنا أنه كان مشغولاً بذكر (لا إله إلا الله).

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني50

22 وقد قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (ع): ( والِ ...