منذ تولي محمد بن الملك سلمان منصب ولي ولي العهد في السعودية في ٢٩ أبريل ٢٠١٥ بدأت الأزمات الداخلية والخارجية تتفاقم في هذا البلد، ووصل الأمر إلى أن الكثير من المراقبين باتوا يعتقدون بأن نهاية المملكة والأسرة الحاكمة أضحت قريبة على يد هذا الشاب (٣٠ عاماً) الذي لا يمتلك من الخبرة ما يؤهله لشغل مناصب حسّاسة كالتي أشرنا اليها بالإضافة إلى مناصب أخرى بينها النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير للدفاع والقائد الفعلي للجيش والبحرية والقوات الجوية ومدير شركة أرامكو للنفط والغاز الطبيعي والبتروكيمياويات.
وبإلقاء نظرة سريعة على ما قام به محمد بن سلمان طيلة الأشهر الثمانية الماضية ندرك بوضوح لماذا إعتقد الكثير من المراقبين والمحللين بأن نهاية نظام آل سعود باتت قريبة على يد هذا الشخص دون غيره.
والذي دعا إلى تبني هذا الإعتقاد كثرة وفداحة الأخطاء التي حفل بها سجل هذا الأمير المدلل والتي تكشف عن جهله وسوء تدبيره وتسرعه وطيشه في إتخاذ القرارات الإستراتيجية والمصيرية على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويمكن إجمال هذه الأخطاء الكارثية بما يلي:
١ – بعد أقل من ثلاثة أشهر على إستلامه منصب وزارة الدفاع (في ٢٣ يناير ٢٠١٥) سارع لإعلان العدوان العسكري الشامل والمتواصل على اليمن والذي تسبب حتى الآن في تكبد السعودية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وكلّف إقتصادها عشرات المليارات من الدولارات حتى الآن دون أن يحقق أياً من أهدافها المعلنة وغير المعلنة سوى قتل الأبرياء وتدمير البنى التحتية للشعب اليمني الصابر.
٢ – التهور في السياسة الخارجية والتي يصفها المراقبون بـسياسة الإندفاع والتسرع لإتخاذه قرارات خطيرة تتعلق بأمن البلاد والتي من شأنها أيضاً أن تهدد الأمن والإستقرار الإقليمي والدولي وذلك من خلال إستمراره بدعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية في العديد من دول المنطقة والعالم لاسيّما العراق وسوريا ولبنان وبلدان شمال أفريقيا وبعض الدول الأوروبية.
٣ – البذخ والإسراف بالملذات الشخصية وهو ما أكده كثيرون بينهم الأمير سعود بن سيف النصر الذي يصفه بـالمتهور وأنه يجب الأخذ على يديه متهماً إيّاه بالإستنزاف الهائل للأموال بلا رقيب ولا حسيب. فيما وصفه المغرد السعودي الشهير (مجتهد) بأنه رمز اللامبالاة، مشيراً إلى أن الإبن المدلل للملك صرّح مرات عديدة بأن مال الدولة ملك له ويتصرف به كيفما يشاء ومن يعترض عليه ليس له إلاّ القمع، لافتاً إلى أنه نشأ في جو الدلع ولم يكن يُسأل عمّا يفعل.
٤ – سرقة عشرات المليارات من الدولارات عن طريق صفقات الأسلحة وتوظيفها لشراء الذمم والتمهيد للإستحواذ على السلطة. وتشير مصادر مقربة من العائلة المالكة إلى أنه إستولى أيضاً على أموال وأراضٍ كثيرة تابعة لعدد من الجمعيات في السعودية بينها جمعية الإسكان لتحقيق هذا الغرض.
٥ – إدارة مافيات غسيل الأموال التي نخرت الإقتصاد السعودي من خلال تنفيذ مشاريع إقتصادية وخدمية غير مجدية بهدف تحقيق أرباح عاجلة بالإتفاق مع سماسرة الشركات العالمية المعروفة.
٦ – لم ينفك محمد بن سلمان عن تنفيذ مخططه في تهميش وإقصاء خصومه في السلطة، ضارباً عرض الحائط كافّة المقررات التي تحول دون تحقيق أهدافه وطموحاته، وتفوّق بشكل لافت على الرجل الذي كان يعد الأقوى سابقاً، ولي العهد الأمير محمد بن نايف، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية.
وتجدر الإشارة ايضاً إلى أن صعود بن سلمان بهذه السرعة جعل العديد من الأمراء داخل العائلة المالكة يتهمونه بالسعي لتهيئة الظروف من أجل الوصول إلى رأس الهرم في السلطة على حساب أبناء عمومته الأكبر منه سناً.
٧ – تسبب موكبه في وقوع فاجعة منى المأساوية بمكة المكرمة في موسم حج هذا العام والتي راح ضحيتها الآلاف من الحجاج بين شهيد وجريح ومفقود والتي أثبتث بما لايقبل الشك عدم جدارة آل سعود لإدارة شؤون الحج.
هذه الأسباب وغيرها جعلت الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين يعتقدون بأن محمد بن سلمان، هو القشّة التي ستقصم ظهر بعير آل سعود، والتي بدأت فعلاً بإحداث شرخ عمودي في الأسرة المالكة، ما يؤكد أنها في طريقها الحتمي إلى السقوط والزوال ولم يعد الأمر سوى مسألة وقت.