الصهيونية المسيحية في ميزان الكنائس الأميركية
تقول الكاتبة “هيلينه كوبان” : “قرأنا جميعاً التحليلات الإخبارية التي تشير إلى أن أقوى دعم سياسي حصل عليه أرييل شارون في الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن من الطائفة اليهودية الأمريكية، ولكن من الجمعيات القوية لليمين المسيحي، هل هذا يعني أن جميع المسيحيين تقريباً في الولايات المتحدة أصبحوا ضد المصالح الفلسطينية والإسلامية والعربية ؟ وهل يعني هذا أن المجتمع الأمريكي على وشك أن تسيطر عليه الرغبة القوية ليحوِّل مواجهة دولته مع المجتمع الإسلامي إلى حملات
صليبية عدائية؟
وتجيب الكاتبة على هذا التساؤل الذي هو حقاً في مكانه، قائلة: “لحسن الحظ فإن الحالة داخل المجتمع الأمريكي ليست سيئةً لهذا الحد. فمع أن جمعيات اليمين المسيحي قوية إلى أنها ليست على وشك أن تسيطر على كل المجتمع الأمريكي”. وتضيف: “من المفيد أن نذكر هنا أن نسبةً صغيرةً فقط من المسيحيين الأمريكيين تدعم برنامج الشرق الأوسط للجمعيات التابعة لليمين المسيحي، غير أن المشكلة تكمن في أن اليمين المسيحي هو في أفضل درجات التنظيم، وله تأثير فعال في العمل السياسي، بينما الطوائف والجمعيات المسيحية غير اليمينية ليست بذات التنظيم الكبير، لكن هذا الوضع يجب أن يتغير”.
ما تقوله “هيلينه كوبان” هو عين الصواب. ففي الواقع تمثّل الصهيونية المسيحية عددياً نسبة ضئيلة ما بين الكنائس الأمريكية، لكنها نسبة فاعلة جداً، وتقود جماعات الصهيونية المسيحية جمعيات من المعمدانيين الجنوبيين، هذا ويشكل المعمدانيون بمجملهم مع الكنائس الأخرى ذات التوجه اليميني وليس فقط المعمدانيون الجنوبيون نسبة تبلغ حوالي 16% فقط من السكان، كما أن الكاثوليك يشكلون نسبةً تقارب 24% من إجمالي عدد السكان، أما الطوائف البروتستانتية الأربع الكبيرة غير المعمدانيين أي المثوديست واللوثريون والمشيخيون والإنغليكان أو الأسقفيون فإنها تشكل نسبة 15% من عدد السكان. ومن الأهمية بمكان أن هذه الطوائف الأربع بالإضافة إلى الكاثوليك والطوائف الأرثوذكسية هي متعاطفة عموماً مع القضية الفلسطينية وجميعها حتى كنيسة الميثوديست التي ينتمي إليها شكلاً الرئيس جورج دبليو بوش قد أصدرت بيانات نددت فيها بالحرب على العراق ووصفتها بأنها حرب لا أخلاقية ولا شرعية ومدانة مسيحياً .