الرئيسية / الاسلام والحياة / بنية العقل السياسي الأمريكي

بنية العقل السياسي الأمريكي

كيف نواجه الصهيونية المسيحية؟

إذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية يطغى عليها الصهاينة واليهود، من أعلى مستويات السلطة إلى العديدين من المستشارين، وإذا كان الرئيس الأمريكي الحالي هو أكثر الرؤساء افتتاناً بالنظريات الرؤيوية
للصهيونيين المسيحيين، وأكثر بكثير مما كان عليه الرئيس جيمي كارتر والرئيس رونالد ريغن، فهل بات تصويب الأمور أمراً مستعصياً؟ وهل الصهيونية والصهيونية المسيحية قدرٌ حتِّم علينا أن نتلقى ضرباته ونستسلم “لحق القوة” الذي ينتصر به على “قوة الحق”؟ .

كلا! وعلينا أن نقاوم. علينا أن نقاوم لأننا أصحاب حقٍ ولأننا أبناء الحق والعدل والسلام. وكما أنّ المقاومة اللبنانية الباسلة قد دحرت الآلة العسكرية الإسرائيلية الجبارة علينا كلٌ من موقعه أن يلتزم مقاومته. أجل، كلٌ منّا الدولة والأحزاب وهيئات المجتمع المدني والكنائس و….

وهنا اسمحوا لي أيها الأعزاء أن أحدّثكم باختصار شديد بما قام ويقوم به مجلس كنائس الشرق الأوسط للتصدي لمشكلة الصهيونية عامةً والصهيونية المسيحية خاصةً.

أولاً: لقد وضع مجلس كنائس الشرق الأوسط في أولى اهتماماته الالتزام بالقضية الفلسطينية، والصراع العربي – الإسرائيلي، والحوار الإسلامي – المسيحي في سبيل إنماء العيش المشترك، لا، بل العيش الواحد. وجميع هذه المواضيع تصب في خانة مواجهة الصهيونية، أكانت إسرائيلية أم مسيحية أم غير ذلك، وهكذا كثّف مجلسنا لا سيما في السنوات الأخيرة عمله بشكل استثنائي مع الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي بإقامة الندوات المحلية والإقليمية والدولية لمعالجة أثار صهينة السياسة العالمية، وأذكر من هذه الندوات أهمها فقط: “مسلمون ومسيحيون معاً من أجل القدس” (حزيران 1996) “التراث الإبراهيمي والحوار الإسلامي المسيحي” (تموز 1998) “العيش المشترك والتوترات الدينية” (آذار 2000) “رفع الحصار المفروض على العراق” ( تشرين الأول 2001) “مسلمون ومسيحيون معاً في مواجهة التحديات الراهنة” (كانون الأول 2002) . هذا بالإضافة إلى لقاءات وتحركات كتلك التي قمنا بها إبّان إصدار القانون الأمريكي المتعلق بموضوع الاضطهاد الديني وغير ذلك، وحينها ذهبت إلى الكونغرس لأشهد على عدم صحة ما تقوله الإدارة الأميركية من اضطهاد ديني في الشرق الأوسط.

ثانياً: أما فيما يتعلق بمواجهة الإعلام الصهيوني الذي يطغى على الإعلام الغربي، لا سيما في قضية الصراع العربي – الإسرائيلي، فيحرِّف
الحقائق، ويكوِّن رأياً عاماً غربياً منحازاً لإسرائيل، فإن مجلس كنائس الشرق الأوسط يعمل عبر قنوات محددة يستطيع من خلالها مخاطبة الرأي العام الغربي ولو جزئياً لتصحيح ما أمكن من ملامح الصورة المشوهة عن أبناء الشرق الأوسط والمسلمين والإسلام والعرب. هذه القنوات تتمثّل بشكل رئيسي بشركاء مجلس كنائس الشرق الأوسط أي المجالس الكنسية العالمية والإقليمية والمحلية.

وهكذا، فقد تمّ تشكيل ما يسمى بمجموعات عمل حول الشرق الأوسط ( MIDDLE EAST TASK FORCE) قمنا بها لكي تكون موازية في عملها للسفارة المسيحية في القدس وذلك في عدد من الولايات في أميركا الشمالية، وتقوم هذه المجموعات باستقبال وفود عربية، وبشكل خاص فلسطينية، لتسمع منها ما يجري حقيقةً على الساحة الشرق أوسطية، كما قام أيضاً مجلسنا بدعوة وفودٍ من معظم تلك المجالس الكنسية لزيارة بلدان الشرق الأوسط للتعرف عن كثبٍ على حقيقة واقعنا، وهكذا أصدرت تلك الوفود الغربية بعد عودتها بيانات وجّهتها ليس فقط إلى أبناء كنائسها، بل أيضاً إلى جميع مواطنيها، وتضمنت صورة مختلفة أقله جزئياً عن تلك التي يحملها الرأي العام الغربي عما نحن عليه فعلاً وعما نريده من حقٍ وعدلٍ وسلام. وكمثال من هذه الوفود هناك خمسون أميركي جاؤا تقريباً منذ سبعة أشهر إلى هنا، عدد كبير منهم كانوا من الجماعة الإنجيلية لا يعرفون أين هم، مع اليمين المسيحي المتطرف أم المعتدل، هؤلاء بعد أن سمعوا ما سمعوا، قاموا بزيارة إلى جنوب لبنان، وبعد زيارتهم يوم كامل برعاية حزب الله في ذلك الوقت وبعدما رأوا وسمعوا قالوا هل نستطيع أن نبقى في الجنوب لثلاثة أيام؟ وعادوا بفكر مختلف تماماً عما صوّر لهم قبل مجيئهم إلى لبنان وقبل ذهابـهم إلى الجنوب.

أريد أن أقول البعض حذّرهم ليس فقط من الذهاب إلى الجنوب، بل من المجيء إلى لبنان، وأنهم قد يقومون بقتلكم لأنهم إرهابيون ومجرمون، هذه الصورة تغيّرت، نحن نريد أشخاصاً هكذا ليعلّموا الغير ما يحدث فعلاً ويصححوا الصورة المشوهة.

أخيراً لا آخراً، وفيما يتعلق بالصهيونية المسيحية بالذات فلقد أدرك مجلس كنائس الشرق الأوسط تمام الإدراك خطورة هذا التيار ليس فقط
على القضية الفلسطينية بل أيضاً على العلاقات الإسلامية – المسيحية، وعلى المسيحيين الشرقيين. وهكذا، كان مجلسنا أول من أدان المؤتمر الصهيوني الذي عقدته السفارة المسيحية في نيسان 1985، والذي ذكرناه سابقا،ً ومما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط : “إننا ندين سوء استعمال الكتاب المقدس والتلاعب بمشاعر المسيحيين في محاولةٍ لتقديس إنشاء دولةٍ من الدول وتسويغ سياسات حكوماته”. وقد ألّف المجلس فريق عمل خاص بالصهيونية المسيحية، وأصدر في العام 1988 كتيباً باللغة الإنكليزية يعرِّف به هذا التيار ويفنّد مزاعمه ويفضح أطروحاته ويدين أهدافه المشبوهة.

 

شاهد أيضاً

بنية العقل السياسي الأمريكي

الصهيونية المسيحية في ميزان الكنائس الأميركية تقول الكاتبة “هيلينه كوبان” : “قرأنا جميعاً التحليلات الإخبارية ...