الرئيسية / تقاريـــر / انتصار نبل والزهراء الاستراتيجي.. ضربة مدوية للمشروع التركي – بلال عساف

انتصار نبل والزهراء الاستراتيجي.. ضربة مدوية للمشروع التركي – بلال عساف

بعد أكثر من ثلاثة اعوام ونصف العام من الحصار، انكسر قيد الإرهاب وفك حصار التوحش الذي كانت تفرضه “جبهة النصرة ـ فرع القاعدة في بلاد الشام” وأعوانها، على مدينتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، من خلال انجاز عسكري استراتيجي للجيش السوري وحلفائه.

 
انجاز كسر حصار الإرهابيين عن بلدتين عانى أهلهما الأمرين من إرهاب الجماعات المسلحة المنتشرة في ريف حلب الشمالي. هذا الانجاز يعتبر بمثابة انتصار استراتجي حيث فك الحصار عن البلدتين بعد صبر الأهالي وصمودهم ومقاومتهم على مدى1277 يوماً.

 
فك الحصار عن البلدتين له أبعاد انسانية وعسكرية واستراتيجية، لا سيما أن هذا الحصار كان بمثابة سجن على أهالي “نبل” و”الزهراء” وبفك الحصار أصبحوا وكأنهم خرجوا الى الحرية مجدداً. فيما يعتبر هذا الانجاز ضربة استراتيجية للجماعات الإرهابية وتحول ميداني لصالح الجيش السوري وحلفائه في مدينة حلب خاصةً وأن هاتين البلدتين تبعدان 15 كلم فقط عن تركيا الداعم الأساسي للجماعات الارهابية في حلب، وبالتالي ضرب المخطط التركي لفصل حلب وإنشاء منطقة آمنة، ناهيك عن اعتباره ورقة رابحة تضمها الدولة السورية إلى أوراقها في أي عملية تفاوضية للوصول إلى حل سياسي.

 
هذا الانتصار الذي يشكل ضربة قوية لمعنويات الجماعات المسلحة التي قد تتحول إلى الاقتتال فيما بينها، يؤدي إلى فصل الريف الشمالي عن الريف الغربي لحلب ويساعد على قطع خطوط الإمداد التي تصل للجماعات الارهابية عبر تركيا، وفق ما يشير خبراء عسكريون لموقع العهد الإخباري.

 
ويؤكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط لموقع العهد ان “فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء يعني هزيمة القرار التركي خاصة ان تلك المنطقة لا تبعد عن الحدود التركية اكثر من 15 كلم”، ويؤكد أن اوراق القوة التي كانت تملكها المجموعات المسلحة بدأت تتساقط الواحدة تلو الاخرى، مشيراً إلى أن “هذا الحصار كان عبارة عن ورقة ضغط في الميدان وفي التفاوض”.

 
ويوضح العميد حطيط لـ “العهد” أن “قرار حصار البلدتين لم يكن محلياً بل كان قراراً تركياً تتخذه الأخيرة للضغط على سوريا اولاً وعلى حزب الله ثانياً وعلى إيران ثالثاً لما تشكله هاتان البلدتان من تنوع ديمغرافي معين”.

 
حطيط يرى أن الانهيار المعنوي للمسلحين في منطقة تبعد 15 كلم عن الحدود التركية، سيقودهم الى الاقتتال فيما بينهم والتخوين المتبادل، وسيؤدي الى زعزعة البنية العسكرية للمسلحين، وهذا ما سينعكس على المواجهات في الجبهات الاخرى، وسيؤدي حتماً الى انهيار الحالة المعنوية للمسلحين”.
ويشدد حطيط في حديثه لـ “العهد” على ان “القوة التي فكت الحصار عن بلدتي نبل والزهراء هي قوة محترفة جداً استطاعت العمل في محيط يحتمل المخاطر الشديدة، من حيث نوعية استعمال السلاح بحيث انهم استعملوا كافة الاسلحة دون المس بالقوى المدافعة عن البلدتين”، مشيراً إلى أن “هذه العملية هي عملية بالغة الاحترافية والمهنية في استعمال السلاح”.

 
ويشرح ان “القوى القادمة لفك الطوق هي قوى ذات معرفة دقيقة في الميدان وتستطيع ان يقوم بالعمليات بشكل متقن ودون ان تقطع المسافات دون جدوى”، لافتاً إلى ان “من يستطيع ان يفك حصارا عن مدينتين تبعدان عن الحدود التركية 15 كلم فيما تحظى القوة المحاصِرة بدعم من تلك الدولة، يعني أنه يمتلك القدرات على أن يعالج اي حصار ويمكن ان يعتمده على كافة الاراضي السورية”.

 
ويقول حطيط إن “الروح المعنوية العالية التي تمتع بها المدافعون عن البلدتين والتي كان ينظر اليها على انها قوى ضعيفة ومترهلة كونها كانت تحت الحصار لمدة اكثر من 3 سنوات اثبتت العكس وساعدت في فك الحصار وبينت ان الانهيار المعنوي هو لدى الارهابيين”، مشيراً إلى أنه “تم وضع القوى المحاصِرة بين فكي كماشة”.

 
ويضيف “لقد اثبتت القوة المدافعة أنها قوة ذات بأس شديد وصعبة المراس ويمكنهم ان ينتقلوا من عملية دفاعية الى عملية هجومية”.

 

 
ويشدد حطيط على أنه “يجب ان تتم الاضاءة على صمود هاتين البلدتين الذي شكل حالة نادرة وفريدة من نوعها في التاريخ العسكري، حيث كانتا محاصرتين عسكرياً بشكل محكم ولا يمكن الاتصال بهما عبر البر، والصمود لهاتين البلدتين يشكل علامة فارقة في التاريخ العسكري”.
ما تقدم، يوافق عليه الخبير الاستراتيجي السوري تركي حسن، حيث يقول ان هذا العملية تسجل اولاً لاهل نبل والزهراء، معتبراً ان صمود الاهالي 3 سنوات هو صمود اسطوري خاصة وانه كان نتيجة لاطول حصار على مر التاريخ، الحصار الذي استمر 1277 يوم، وكان ذنب الاهالي أنهم امنوا بربهم وبجيشهم ووطنهم وبوحدة اراضيه.

 
ويضيف حسن لـ “العهد” أن اهالي المدينتين عقدوا العزم على المدافعة عن ممتلكاتهم واطفالهم ونسائهم فصمدوا واستمروا في المقاومة والقتال حتى فك الحصار بالرغم من المعاناة التي كانوا يعيشونها نتيجة حجب الغذاء والدواء عنهم من قبل المجموعات المسلحة.
ويشير الخبير الاستراتيجي إلى انه سقط على بلدتي النبل والزهراء اكثر من 15000 قذيفة استشهد بسببها الاطفال والنساء والرجال، معتبراً ان هذا الانجاز لم يأت بالصدفة بل جاء نتيجة عمل وجد كبيرين ودقيقين.

 
كما يلفت الى ان من اهم ما حققه هذا الانجاز هو فك الطوق عن نبل والزهراء، وقطع معظم طرق الارهابيين خاصة من الداخل التركي، مشيراً الى ان ذوي المسلحين في البلدات المجاورة لنبل والزهراء بدأوا يفرون الى تركيا.

 
ويختم حسن لـ “العهد” بالقول ان هذه العملية احبطت ما يسمى المنطقة الامنة التي اعلنت عنها تركيا سابقاً والتي يبلغ مداها 110 كلم من جرابلس الى عفرين ويبلغ عمقها 30 كلم والتي تأتي منطقة نبل والزهراء من ضمنها.

 
اما العميد المتقاعد النائب الوليد سكرية فيؤكد في حديث لـ”العهد” ان فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء هو دليل على تطور الاستراتيجية العسكرية للدولة السورية وحلفائها كما يعد تغييرا في التوازنات العسكرية لصالح الحكومة والجيش السوري.

 
ويقول ان فك الحصار عن البلدتين بعد 3 سنوات هو انجاز انساني بحق اهالي البلدتين وانجاز ميداني ومؤشر لتفوق الجيش السوري، كما يعد تغييرا في سير المعارك حيث اصبحت المبادرة بيد الدولة بعد ان كانت طوال السنوات الثلاث الماضية بيد التنظيمات الارهابية المقربة من تركيا.

 
ويتحدث العميد سكرية عن الدعم الجوي الروسي “الواضح” وهو دليل على تصميم روسيا على اخراج تركيا من المنطقة بعد ان حاولت تركيا بحسب سكرية “تحدي روسيا عبر اسقاط طائرتها الحربية بهدف تحقيق مشروعها لإقامة منطقة عازلة في منطقة غرب سوريا والتي تضم بلدتي نبل والزهراء”.

 
ويضيف سكرية أن “الموقف الروسي منذ بداية الازمة مع تركيا قام على الرد عبر تحدي المشروع التركي وقطع العلاقات السياسية مع تركيا وتنفيذ عمليات جوية اقوى وانجح ضد التنظيمات الارهابية المسلحة لمساعدة سوريا على بسط سلطتها على كامل الاراضي السورية بما فيها الحدود التركية”.
وحول ما بعد فك الحصار عن المدينتين، يقول العميد سكرية إن الهدف المقبل هو التثبيت في المدينتين ومن بعدها تأمين المناطق المحيطة واحكام الطوق على مدينة حلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا وبذلك تكون ورقة قوة للدولة السورية في مباحثات جنيف”.
نقلاً عن موقع العهد