الوقت ـ بالرغم من أن قوات الحشد الشعبي العراقي قدمت الكثير من التضحيات خلال الفترة السابقة في مجال محاربة الإرهاب داخل العراق، خاصة عبر مواجهة تنظيم داعش الإرهابي بعد استيلائه علی مناطق متفرقة في شمال وغرب العراق. إلا أننا أصبحنا نشهد في الآونة الاخيرة بعض الجهات الداخلية والاقليمية وحتی الدولية وعلی رأسها أمريكا، بدأت تعمل علی تنحية قوات الحشد الشعبي وابعادها عن ساحة القتال ضد الإرهاب، والعمل علی تشويه سمعة هذه القوات عبر إتهامها بانتهاك القانون وإنتهاج سلوك طائفي ضد بعض المكونات العراقية!. وتاتي هذه الإتهامات دون أن توجد أدلة علی أرض الواقع تدل علی أن قوات الحشد الشعبي تعمل في مجال سوی محاربة الإرهاب في العراق. وخلال الفترة الأخيرة بدأنا نسمع ضجيجا كثيرا خاصة من قبل بعض الدول الاقليمية، حول ضرورة عدم السماح لقوات الحشد الشعبي بالمشاركة في عمليات تحرير الموصل التي من المقرر أن تنطلق في الآونة القادمة. إذن لماذا هذا التخوف من مشاركة قوات الحشد الشعبي في عملية الموصل، بالرغم من أن هذه القوات هي في الأساس تتشكل من أبناء جميع الطوائف العراقية تقريبا، وكذلك فان هدفها الوحيد هو تحرير الأراضي العراقية من دنس داعش، لعودة النازحين الی ديارهم. ومن أجل معرفة الإجابة علی هذه الأسئلة وغيرها، أجرينا حوارا مع الكاتب والمحلل السياسي العراقي “جاسم الموسوي”، جاء فيه:
الوقت: رئيس الوزراء العراقي “السيد حيدر العبادي” صرح قبل فترة أن العالم سيشهد دحر تنظيم داعش خلال العام الحالي (2016) في العراق، وإنتصار القوات العراقية علی تنظيم داعش نهائيا، لكن في مقابل ذلك فان المسؤولين الأمريكيين يشككون في إمكانية القضاء علی داعش خلال هذه الفترة، باعتقادك لماذا لا تريد واشنطن تحرير العراق سريعا من تنظیم داعش؟
الموسوي: أعتقد أن المشروع الصهيوامريكي يحاول أن يمنع العراق من تحقيق النصر ويحاول أن يبقي داعش صخرة في رئة العراق، وبالتالي فان محاولات الأمريكان للتشكيك في قدرات العراق علی تحرير الموصل من داعش تاتي لخلق إحباط نفسي لدی القوات العراقية، للحيلولة دون تحرير الموصل، وكذلك تاتي بهدف دفع العراق الی أن يخضع الی الإرادة الأمريكية. وأيضا لكي تتمكن أمريكا من تحقيق بعض المكاسب التي لم تتمكن من تحقيقها في السابق وجزء منها أن تكون هناك قواعد أمريكية في كل المناطق العراقية وأهمها في المناطق السنية.
الوقت: ما هي الأسباب التي تدفع بعض الجهات الداخلية والإقليمية والدولية للحيلولة دون السماح لقوات الحشد الشعبي من أجل المشاركة في عملية تحرير الموصل؟
الموسوي: هذا جزء من محاولات صبغ المناطق التي يحتلها داعش بصبغة طائفية من قبل الاجندات الخارجية التي لا تريد لهذا الحشد الذي حقق إنتصارات كبيرة في مناطق راهن علیها خصوم العراق أنه غير قادر علی تحريرها. وبالتالي فان هذه الجهات تريد أن تحرم الحشد الشعبي من فرصة المشاركة لحسم الملف الأخير مع داعش في الموصل.
الوقت: من سيكون المسؤول في حال عدم تمكن القوات العراقية من تحقيق النتائج المرجوة خلال عملية الموصل، في حال عدم السماح لقوات الحشد الشعبي بالمشاركة في هذه العمليات؟
الموسوي: المادة الدستورية التي تنص علی أن القائد العام للقوات المسلحة هو الذي يحدد ويسمي هذه القوات (الحشد الشعبي) وبالتالي فان المسؤولية أولا وأخيرا ستقع علی عاتق قائد القوات المسلحة إذا ما إستجاب لهذه المطالب. الحشد الشعبي يعتبر أولوية هامة في حسم المعركة وأعتقد في حال عدم تواجد الحشد وعدم تحقق النصر فان الاطراف الاخری ستلقي اللائمة علی قائد القوات المسلحة و ربما سيكون هو الكبش، او التضحية التي تحاول بعض الجهات أن تمليها علی الساحة الاعلامية، علی أن القائد العام لم يكن لديه التقديرات الصحيحة ولذلك منع الحشد من المشاركة في هذه العمليات. هذه الجهات التي تدعو اليوم الی عدم مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل، ستتنصل غدا عن هذا الاصرار وستقول أنها لم تكن شريكة في قرار رئيس الوزراء، في حال لم يوافق علی مشاركة الحشد فی عملیة تحرير الموصل.
الوقت: هل هنالك محاولات اقليمية لتشكيل اقليم سني في الموصل ليكون ذلك مقدمة لتقسيم العراق لاحقا؟
الموسوي: ليس من مصلحة أي دولة من دول الجوار أن يقسّم العراق، وحتی ليس من مصلحة السعودية، بغض النظر عن المساعي الأمريكية في هذا السياق، لكن معظم الدول القريبة من العراق، فان لديها طموح بان يبقی العراق ضعيفا دون أن يتم تقسيمه الی عدة دويلات. وإذا ما أردنا أن نتحدث عن طموحات تركيا، فانها تسعی منذ زمن بعيد للامساك علی جزء من العراق لكي تزعم بان هذا الجزء عائد لها في البعد الثقافي والطائفي. تركيا في هذه الايام خسرت جميع الجبهات خاصة الجبهة السورية وراحت تراهن علی وجودها في الموصل من أجل أن تخضع الموصل الی فدرلة وليس التقسيم.