بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله الطاهرين.
هو باب الأولياء الذي فتحه الله لمن اصطفاهم من خلقه: “الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه” .
وأفضل من يتوسّل به المتوسّلون إلى ساحة لقائه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .
والمدرسة التي فيها يتعلّم فنون الحبّ والعشق الإلهي والفناء في ذات الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ .
هو الجهاد الذي فضّل الله المنخرطين في ميادينه المختلفة على القاعدين، واللاهثين وراء دنيا فانية، وأوهام بالية: ﴿وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ .
هو الجهاد الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخير كلّ الخير محصوراً في ظلّه: “الخير كله في السيف، وتحت ظلّ السيف” .
هو سياحة أمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورهبانيّتها: “سياحة أمّتي ورهبانيّتها الجهاد” ، من هنا فإنّ الحديث عن الجهاد هو اختصار لحقيقة الإسلام، وعرض لمنهجه في تربية الإنسان، وبناء المجتمع الفاضل، مجتمع العدل والإنصاف، حيث لا ظلم ولا غصب ولا دماء، مجتمع يسوده الصفاء والتعاون والإخاء.
لذا كان من الضروري فهم حقيقة الجهاد وأبعاده وأهدافه الأساس، وإعادة تشكيل تلك الصورة الحقيقية والواقعية لهذا التكليف الإلهي.
وهذا الكتاب (باب الأولياء) ربّما لا يمثّل كامل رؤية الإسلام العميقة بشأن الجهاد وموقعيّته، بل هو أشبه بالمتن التدريسي الذي يُعرّف الإنسان المسلم على الرؤية الأوّلية المطلوبة للنفوذ إلى أعماق حقيقة الجهاد في الإسلام، وتكوين تصوّر أوّلي حول الجهاد وأبعاده المختلفة، وأنواعه. على أمل أن تتسارع الأسئلة إلى أذهاننا لتشكّل لنا دافعاً نحو المعرفة الأشمل وركوب سفينة النجاة الوحيدة في زمن أضحى الظلم فيه سمة الحياة اليومية، وفي عالم يحكمه الطغاة والمستكبرون.
وهو القائل في كتابه العزيز: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ ، صدق الله العلي العظيم.