علق الصحافي البارز عبدالباري عطوان على الخطة الأمريكية الاحتياطية التي تهدف تزويد الإرهابيين السوريين بالأسلحة المضادة للطائرات في حال فشل الجولة الثالثة من المفاوضات الجارية بين وفد الحكومة السورية ووفود المعارضة في جنيف، معتبرا أن المفاوضات ستكون حاسمة فأما الانهيار الكامل والعودة الى التصعيد العسكري مجددا، واما تقديم الطرفين تنازلات سياسية تؤدي الى استمرارها لجولات اخرى، وصولا الى المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد، وانتخابات رئاسية وبرلمانية، والاحتمال الاول هو الاكثر ترجيحا.
وکتب عطوان،” المؤشرات الصادرة من واشنطن تؤکد ان الادارة الامریکیة بدأت فعلا الاستعداد لمرحلة ما بعد الانهیار، وباتت تتحدث عن الخطة “B”، وعمودها الفقری ارسال صفقات ضخمة من الاسلحة النوعیة الى فصائل «المعارضة المسلحة المعتدلة»”.
وان صحف ومجلات بریطانیة وامریکیة عدیدة مثل فورین بولیسی و وول ستریت جورنال، ومجلة جینز المتخصصة فی الشؤون الدفاعیة، نشرت تسریبات تفید بان الادارة الامریکیة ارسلت ثلاثة آلاف طن من الاسلحة المصنعة فی رومانیا وبلغاریا واوکرانیا الى میناء العقبة ومنها الى «المعارضة السوریة المعتدلة».
واضاف، ان وکالة المخابرات الامریکیة (سی ای ایه) التی تشرف على الملف السوری بنت حساباتها على ان اتفاق وقف الاعمال العدائیة الذی صمد ستة اسابیع حتى الآن، سینهار، ان لم یکن قد انهار فعلا، بالاشارة الى تقدم قوات الجیش العربی السوری النظامیة شمال حلب، واقترابها من الحدود مع ترکیا، بغطاء جوی روسی، وسط توقعات الکثیر من المراقبین العسکریین بأن استیلائها على المدینة بات مسألة ایام معدودة، وهذا یعتبر احد الخطوط الحمر «للمعارضة» وامریکا معا.
واکد عطوان ، الشکوک تحیط بفرص نجاح الجولة الثالثة من مفاوضات جنیف، فوفد المعارضة السوریة القادم من الریاض بات یشدد على انه یرحب بالاشتراک مناصفة مع وزراء الحکومة السوریة الحالیة فی قیادة المرحلة الانتقالیة شریطة عدم وجود ای دور للرئیس السوری بشار الاسد، واللافت ان هذا الموقف ورد على لسان السید سالم المسلط المتحدث باسمها، ولیس على لسان رئیس الوفد محمد علوش، الذی لم یدل بأی تصرحات منذ “زلة لسانه” التی تحدث فیها عن رحیل الاسد «میتا»، او بالحل السیاسی.
واشار ، الى ان مثل هذه الشروط المسبقة حول ضرورة رحیل الرئیس السوری التی وجدت مساندة من الرئیس الامریکی باراک اوباما وحکومته، تبدو غیر مقبولة بالنسبة الى الوفد السوری المفاوض، الذی یعتبر “مقام” الرئیس «خط احمر»، والدلیل على تمسکه بهذا الموقف، انه حط الرحال فی جنیف بعد انتهاء الانتخابات البرلمانیة التی جاءت تحدیا للموقف الامریکی الذی طالب بالغائها، والفرنسی الذی شکک بشرعیتها، مثلما جاءت تأکیدا على “شرعیة” النظام ومؤسساته الوطنیة، وعلى رأسها مؤسستی الجیش وحزب البعث.
وتابع عطوان فی تعلیقه، ان استمرار وجود السید بشار الجعفری، الذی یوصف بانه من جناح “الصقور” فی الحکومة السوریة، على رأس الوفد السوری الرسمی المفاوض، یؤکد ان فرص حدوث تغییر فی موقف الحکومة السوریة، او حتى نظیرتها الروسیة، تبدو محدودة، ان لم تکن معدومة، فالسیدة ماریا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجیة الروسی، وصفت الانتخابات البرلمانیة السوریة بانها عامل مهم لتحقیق الاستقرار فی البلاد.
واضاف، نعود الى شحنات الاسلحة الامریکیة الى المعارضة السوریة، ونتساءل عن نوعیتها، والدور الذی یمکن ان تلعبه فی حال انهیار اتفاق الاعمال العسکریة، او الجولة الثالثة من مفاوضات جنیف، او الاثنین معا؟، فالتسریبات الصحافیة تؤکد انها تتضمن “بنادق آلیة AK47 (کلاشینکوف)، وقاذفات صواریخ مضادة للدبابات RBG7” الحدیثة وذخائر، ولا انباء عن وجود صواریخ “تاو” المضادة للدروع، او صواریخ “مان باد” المضادة للطائرات من ضمنها، وربما یکون هذا بهدف التضلیل.
واکد، ان السعودیة وترکیا تضغطان على الادارة الامریکیة منذ سنوات لتسلیم صواریخ مضادة للطائرات تشل فاعلیة سلاح الجو السوری، وتبذل جهودا کبیرة لرفع “الفیتو” المفروض فی هذا الصدد، من خلال طمأنة هذه الادارة بأن الصواریخ لن تقع فی ایدی “جبهة النصرة” او “داعش”، وبما یؤدی الى استخدام الاخیرة لها ضد طائرات مدنیة صهیونیة.
ولا توجد حتى کتابة هذه السطور ای دلائل تشیر الى نجاح هذه الضغوط السعودیة الترکیة، ولکن هناک مخاوف سوریة روسیة من رضوخ الادارة الامریکیة لها، بالنظر الى التصریحات الامریکیة الرسمیة التی تؤکد ان روسیا “خرقت” التفاهمات بین القوتین العظمیین، ودعمت “اختراق” النظام السوری لوقف اطلاق النار.
ولم یستبعد عبد الباری عطوان ان ترفع الادارة الامریکیة “الفیتو” المفروض على شحنات الصواریخ الحراریة المضادة للطائرات التی تحتاجها المعارضة المسلحة ویطالب بها داعموها، لتغییر مسار الحرب لمصلحتها على غرار ما فعلته صواریخ “ستینغر” فی الحرب الافغانیة الاولى فی الثمانینات من القرن الماضی، ولکن ربما یجادل البعض محقا، بأن الحرب فی سوریة لیست باتجاه واحد، ای الاتجاه الامریکی فقط، وان سوریة لیست افغانستان، وموسکو غورباتشوف لیست فلادیمیر بوتین.
واشار الى ان روسیا تملک صواریخ اس 400 فی قواعدها الجویة فی سوریة، ومن المستبعد ان تظل هذه الصواریخ فی مرابضها والطائرات الحربیة السوریة تتساقط مثل الذباب بصواریخ المعارضة، بما فیها “جبهة النصرة” وداعش، فالابحاث العسکریة الامریکیة تؤکد ان نصف شحنات الاسلحة التی ارسلتها الى المعارضة وقعت فی ید التنظیمین المذکورین.
وختم تعلیقه، بالقول ،هل نحن على ابواب الحرب العالمیة الثالثة التی اکد الملک الاردنی فی حدیثه مع نواب الکونغرس اثناء زیارته الاخیرة لواشنطن قبل شهرین وقال انها زاحفة الى المنطقة بسرعة؟ وهل ستنطلق شرارتها الاولى باسقاط طائرات سوریة بالصواریخ الحراریة؟
الملک الاردنی لا یطلق الکلام على عواهنه.. ولذلک نضع ایدینا على قلوبنا، تحسبا لتطورات اکثر دمویة من کل نظیراتها على مدى السنوات الخمس السابقة من عمر الازمة.