الرئيسية / شخصيات أسلامية / من حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام (01)

من حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام (01)

ألا بورك هذا الغرس الذي امتد على هامة الزمن وعيا وأشراقا
وهو يضئ للناس حياتهم الفكرية والاجتماعية ، ويهديهم إلى سواء السبيل .
الام :
إنه الغرس الطيب من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( ع ) التي
طهرها الله بفضله ، وجعلها تهدي من ضلال ، وتجمع من فرقة . . . انها
فاطمة الزهراء التي تحمل قبسا من روح أبيها وفيضا من نوره ، وأشعة
من هديه ، فكانت موضع عنايته واهتمامه ، وقد أحاطها بهالة من الاكبار
والتقدير ، ففرض ولاءها على المسلمين ليكون ذلك جزءا من عقيدتهم
ودينهم ، وقد أذاع فضلها وعظيم مكانتها في الاسلام لتكون قدوة لنساء
أمته ، لقد أشاد ( ص ) بقيمها ومثلها في منتدياته العامة والخاصة ، وعلى
منبره ليحفظه المسلمون فقد قال فيما أجمع عليه رواة الاسلام :
1 – ” إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك . . . ” ( 1 )
2 – ” إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ، وينصبني
ما أنصبها . . . ” ( 2 )
3 – ” فاطمة سيدة نساء العالمين . . . ” ( 1 ) .
إلى غير ذلك من الاخبار التي تحدثت عن معالم شخصية الزهراء ( ع )
وأنها قدوة الاسلام ، والمثل الاعلى لنساء هذه الأمة التي تضئ لهن الطريق
في حسن السلوك والعفة وانجاب أجيال مهذبة . . . فما أعظم بركتها وأكثر
عائدتها على الاسلام ، ويكفي في عظيم شأنها أنه سميت على اسمها الدولة
الفاطمية العظيمة ، كما أن الجامع الأزهر اشتق من اسمها ( 2 ) . بل يكفي
في عظمة الدولة الفاطمية أن تبركت باسم الزهراء .
وعلى أي حال فان الرسول الأعظم ( ص ) استشف من وراء الغيب
أن بضعته الطاهرة هي التي تتفرع منها الثمرة الطيبة من أئمة أهل البيت
عليهم السلام خلفاء الرسول ، ودعاة الحق في الأرض الذين يتحملون
أعباء رسالة الاسلام ، ويعانون في سبيل الاصلاح الاجتماعي كل جهد وضيق
فلذا أولاها النبي اهتمامه ، وجعل ذريتها موضع رعايته وعنايته .
الأب :
إنه ثمرة علي رائد الحق والعدالة في الأرض ، أخو النبي ( ص )
وباب مدينة علمه ، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى ، وأول
من آمن بالله وصدق رسوله ، والقائد الاعلى في مركز القيادة الاسلامية
بعد الرسول محمد ( ص ) تحمل أعباء الجهاد المقدس منذ فجر الدعوة
الاسلامية ، فخاض الأهوال ، والتحم التحاما رهيبا مع قوى الشرك
والالحاد حتى قام هذا الدين وهو عبل الذراع بجهاده وجهوده ، قد حباه
الله بكل مكرمة وخصه بكل فضيلة ، وأنه أبو الأئمة الطاهرين الذين فجروا
ينابيع الحكمة والنور في الأرض .
الوليد الأول :
وأفرعت دوحة النبوة وشجرة الإمامة الذرية الطاهرة التي تشكل
الامتداد الرسالي بعد النبي ( ص ) فكان الوليد الأول أبا محمد الزكي ، وقد
امتلأت نفس النبي ( ص ) سرورا به ، فأخذ يتعاهده ، ويغذيه بمثله ومكرمات
نفسه التي طبق شذاها العالم بأسره ( 1 ) .
ولم تمض إلا أيام يسيرة حددها بعض المؤرخين باثنين وخمسين يوما ( 2 )
حتى علقت سيدة النساء بحمل جديد ظل يتطلع إليه الرسول ( ص ) وسائر
المسلمين بفارغ الصبر ، وكلهم رجاء وأمل في أن يشفع الله ذلك الكوكب
بكوكب آخر ليضيئا في سماء الأمة الاسلامية ، ويكونا امتدادا لحياة المنقذ
العظيم .
رؤيا أم الفضل :
ورأت السيدة أم الفضل بنت الحارث ( 3 ) في منامها رؤيا غريبة
لم تهتد إلى تأويلها ، فهرعت إلى رسول الله ( ص ) قائلة له :
” إني رأيت حلما منكرا كأن قطعة من جسدك قطعت ، ووضعت
في حجري ؟ . . . ” .
فأزاح النبي ( ص ) مخاوفها ، وبشرها بخير قائلا :
” خيرا رأيت ، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيكون في حجرك . . “
ومضت الأيام سريعة فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في
حجر أم الفضل ، كما أخبر النبي ( ص ) ( 1 ) .
وظل الرسول ( ص ) يترقب بزوغ نجم الوليد الجديد الذي تزدهر
به حياة بضعته التي هي أعز الباقين والباقيات عنده من أبنائه وبناته .
الوليد المبارك :
ووضعت سيدة نساء العالمين وليدها العظيم الذي لم تضع مثله سيدة
من بنات حواء لا في عصر النبوة ، ولا فيما بعده ، أعظم بركة ولا أكثر
عائدة على الانسانية منه ، فلم يكن أطيب ، ولا أزكى ولا أنور منه .
لقد أشرقت الدنيا به ، وسعدت به الانسانية في جميع أجيالها ، واعتز
به المسلمون ، وعمدوا إلى احياء هذه الذكرى ، افتخارا بها في كل عام ،
فتقيم وزارة الأوقاف في مصر احتفالا رسميا داخل المسجد الحسيني اعتزازا
بهذه الذكرى العظيمة كما تقام في أكثر مناطق العالم الاسلامي .
وتردد في آفاق يثرب صدى هذا النبأ المفرح فهرعت أمهات المؤمنين
وسائر السيدات من نساء المسلمين إلى دار سيدة النساء ، وهن يهنئنها
بمولودها الجديد ، ويشاركنها في أفراحها ومسراتها .
وجوم النبي ( ص ) وبكاؤه :
ولما بشر الرسول الأعظم بسبطه المبارك خف مسرعا إلى بيت بضعته
فاطمة ( ع ) وهو مثقل الخطأ قد ساد عليه الوجوم والحزن ، فنادى بصوت
خافت حزين النبرات .
” يا أسماء هلمي ابني ” .
فناولته أسماء ، فاحتضنه النبي ، وجعل يوسعه تقبيلا ، وقد انفجر
بالبكاء فذهلت أسماء ، وانبرت تقول :
” فداك أبي وأمي مم بكاؤك ؟ ! ! ” .
فأجابها النبي ( ص ) وقد غامت عيناه بالدموع .
” من ابني هذا ” .
وملكت الحيرة إهابها فلم تدرك معنى هذه الظاهرة ومغزاها فانطلقت تقول :
” إنه ولد الساعة ” .
فأجابها الرسول بصوت متقطع النبرات حزنا وأسى قائلا :
” تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي . . . ” .
ثم نهض وهو مثقل بالهم وأسر إلى أسماء قائلا :
” لا تخبري فاطمة فإنها حديثة عهد بولادة . . . ” ( 1 ) .
وانصرف النبي ( ص ) وهو غارق بالأسى والشجون ، فقد استشف
من وراء الغيب ما سيجري على ولده من النكبات والخطوب التي تذهل
كل كائن حي .
سنة ولادته :
واستقبل سبط النبي ( ص ) دنيا الوجود في السنة الرابعة من الهجرة ( 2 )
وقيل في السنة الثالثة ( 1 ) واختلف الرواة في الشهر الذي ولد فيه فذهب الأكثر إلى أنه ولد في شعبان ، وأنه في اليوم الخامس منه ( 2 ) ولم يحدد
بعضهم اليوم ، وإنما قال : ولد لليالي خلون من شعبان ( 3 ) وأهمل بعض
المؤرخين ذلك مكتفيا بالقول أنه ولد في شعبان ( 4 ) وذهب بعض الاعلام
إلى أنه ولد في آخر ربيع الأول إلا أنه خلاف المشهور فلا يعني به ( 5 ) .
مراسيم ولادته :
وأجرى النبي ( ص ) بنفسه أكثر المراسيم الشرعية لوليده المبارك ،

فقام ( ص ) بما يلي :
أولا – الأذان والإقامة :
واحتضن النبي وليده العظيم فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ( 1 )
وجاء في الخبر ” أن ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم ” ( 2 ) .
إن أول صوت اخترق سمع الحسين هو صوت جده الرسول ( ص )
الذي هو أول من أناب إلى الله ، ودعا إليه ، وأنشودة ذلك الصوت :
” الله أكبر لا إله إلا الله . . . ” .
لقد غرس النبي ( ص ) هذه الكلمات التي تحمل جوهر الايمان وواقع
الاسلام في نفس وليده ، وغذاه بها فكانت من عناصره ومقوماته ، وقد
هام بها في جميع مراحل حياته ، فانطلق إلى ميادين الجهاد مضحيا بكل شئ
في سبيل أن تعلو هذه الكلمات في الأرض ، وتسود قوى الخير والسلام
وتتحطم معالم الردة الجاهلية التي جهدت على اطفاء نور الله .
ثانيا – التسمية :
وسماه النبي ( ص ) حسينا كما سمى أخاه حسنا ( 3 ) ويقول المؤرخون
لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الاسمين حتى تسمي أبناءهما بهما ،
وإنما سماها النبي ( ص ) بهما بوحي من السماء ( 1 ) .
وقد صار هذا الاسم الشريف علما لتلك الذات العظيمة التي فجرت
الوعي والايمان في الأرض ، واستوعب ذكرها جميع لغات العالم ، وهام
الناس بحبها حتى صارت عندهم شعارا مقدسا لجميع المثل العليا ، وشعارا
لكل تضحية تقوم على الحق والعدل .
أقوال شاذة :
وحفلت بعض مصادر التاريخ والاخبار بصور مختلفة لتسمية الإمام الحسين
( ع ) لا تخلو من التكلف والانتحال وهي :
1 – ما رواه هانئ بن هانئ عن علي ( ع ) قال : لما ولد الحسن
جاء رسول الله ( ص ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته
حربا ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟
قلت : سميته حربا ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث جاء النبي
صلى الله عليه وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حربا ، فقال
بل هو محسن ( 2 ) .
وهذه الرواية – فيما نحسب – لا نصيب لها من الصحة وذلك :
أ – أن سيرة أهل البيت ( ع ) قامت على الالتزام بحرفية الاسلام
وعدم الشذوذ عن أي بند من أحكامه ، وقد كره الاسلام تسمية الانباء
بأسماء الجاهلية التي هي رمز للتأخر والانحطاط الفكري ، مضافا إلى أن هذا
الاسم على لجد الأسرة الأموية التي تمثل القوى الحاقدة على الاسلام والباغية
عليه ، فكيف يسمي الامام أبناءه به ؟ ! ! .
ب – إن اعراض النبي ( ص ) عن تسمية سبطه الأول به مما يوجب
ردع الامام عن تسمية بقية أبنائه به .
ج – إن المحسن باتفاق المؤرخين لم يولد في حياة الرسول ( ص )
وإنما ولد بعد حياته بقليل ، وهذا مما يؤكد انتحال الرواية وعدم صحتها .
2 – روى أحمد بن حنبل بسنده عن الإمام علي ( ع ) قال : لما
ولد لي الحسن سميته باسم عمي حمزة ، ولما ولد الحسين سميته باسم أخي
جعفر فدعاني رسول الله ( ص ) فقال : إن الله قد أمرني أن أغير اسم
هذين فسماهما حسنا ، وحسينا ” ( 1 ) . وهذه الرواية كسابقتها في الضعف
فان تسمية السبطين بهذين الاسمين وقعت عقيب ولادتهما حسب ما ذهب
إليه المشهور ولم يذهب أحد إلى ما ذكره أحمد
3 – روى الطبراني بسنده عن الإمام علي ( ع ) أنه قال : لما ولد
الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله ( ص ) وأمرني أن أسميه
حسينا ( 2 ) ، وهذه الرواية تضارع الروايتين في ضعفها فان الامام أمير المؤمنين
عليه السلام لم يسبق رسول الله ( ص ) في تسمية سبطه وريحانته وهو الذي
أسماه بذلك حسب ما ذهب إليه المشهور وأجمعت عليه روايات أهل البيت ( ع ) .
ثالثا : العقيقة :
وبعدما انطوت سبعة أيام من ولادة السبط أمر النبي ( ص ) أن
يعق عنه بكبش ، ويوزع لحمه على الفقراء كما أمر أن تعطى القابلة فخذا
منها ( 1 ) ، وكان ذلك من جملة ما شرعه الاسلام في ميادين البر والاحسان
إلى الفقراء .
رابعا : حلق رأسه :
وأمر النبي ( ص ) أن يحلق رأس وليده ، ويتصدق بزنته فضة على الفقراء ( 2 ) فكان وزنه – كما في الحديث – درهما ونصفا ( 3 ) وطلى
رأسه بالخلوق ( 4 ) ونهى عما كان يفعله أهل الجاهلية من اطلاء رأس
الوليد بالدم ( 5 ) .
خامسا : الختان :
وأوعز النبي ( ص ) إلى أهل بيته باجراء الختان على وليده في اليوم
السابع من ولادته ، وقد حث النبي ( ص ) على ختان الطفل في هذا الوقت
المبكر لأنه أطيب له وأطهر ( 1 ) .
رعاية النبي للحسين :
وتولى النبي ( ص ) بنفسه رعاية الحسين ، واهتم به اهتماما بالغا
فمزج روحه بروحه ، ومزج عواطفه بعواطفه ، وكان – فيما يقول المؤرخون – :
يضع إبهامه في فيه ، وأنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه
بريق النبوة وهو يقول له :
” إيها حسين ، إيها حسين ، أبى الله إلا ما يريد هو – يعني الإمامة –
فيك وفي ولدك . . . ” ( 2 ) .
وفي ذلك يقول السيد الطباطبائي :
ذادوا عن الماء ضمانا مراضعه * من جده المصطفى الساقي أصابعه
يعطيه إبهامه آنا وآونة * لسانه فاستوت منه طبائعه
غرس سقاه رسول الله من يده * وطاب من بعد طيب الأصل فارعه
لقد سكب الرسول ( ص ) في نفس وليده مثله ومكرماته ليكون صورة عنه ، وامتدادا لحياته ، ومثلا له في نشر أهدافه وحماية مبادئه .
تعويذ النبي للحسنين :
وبلغ من رعاية النبي ( ص ) لسبطيه ، وحرصه على وقايتهما من كل
سوء وشر أنه كان كثيرا ما كان يعوذهما فقد روى ابن عباس قال :
” كان النبي ( ص ) يعوذ الحسن والحسين قائلا : ” أعوذ بكلمات الله
التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ” ويقول : ” هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق ” ( 1 ) ويقول عبد الرحمان بن عوف :
قال لي رسول الله ( ص ) :
” يا عبد الرحمان : ألا أعلمك عوذة عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل
وإسحاق ، وأنا أعوذ بها ابني : الحسن والحسين . . . كفى بالله واعيا لمن
دعا ، ولا مرمى وراء أمر الله لمن رمى . . . ” ( 2 ) .
ودل ذلك على مدى الحنان ، والعطف الذي يكنه ( ص ) لهما ،
وأنه كان يخشى عليهما من أن تصيبهما عيون الحساد فيقيهما منها بهذا الدعاء .
ملامحه :
وبدت في ملاح الإمام الحسين ( ع ) ملامح جده الرسول الأعظم
صلى الله عليه وآله فكان يحاكيه في أوصافه ، كما كان يحاكيه في أخلاقه
التي امتاز بها على سائر النبيين ، ووصفه محمد بن الضحاك فقال : ” كان
جسد الحسين يشبه جسد رسول الله ( ص ) ” ( 1 ) ، وقيل : إنه كان يشبه
النبي ( ص ) ما بين سرته إلى قدميه ( 2 ) وقال الإمام علي ( ع ) :
” من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله ( ص ) ما بين عنقه
وثغره فلينظر إلى الحسن ، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله
صلى الله عليه وآله ما بين عنقه إلى كعبه خلقا ولونا فلينظر إلى الحسين
ابن علي . . . ” ( 3 ) .
لقد بدت على وجهه الشريف أسارير الإمامة فكان من أشرق الناس وجها ، فكان كما يقول أبو كبير الهذلي :
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل
ووصفه بعض المترجمين له بقوله : ” كان أبيض اللون ، فإذا جلس في
موضع فيه ظلمة يهتدى إليه لبياض حسنه ونحره ” ( 4 ) ويقول آخر : ” كان له
جمال عظيم ، ونور يتلألأ في جبينه وخده ، يضئ حواليه في الليلة الظلماء
وكان أشبه الناس برسول الله ( ص ) ” ( 5 ) ، ووصفه بعض الشهداء من
أصحابه في رجز كان نشيدا له في يوم الطف يقول :
له طلعة مثل شمس الضحى * له غرة مثل بدر منير
هيبته :
وكانت عليه سيماء الأنبياء ، فكان في هيبته يحكي هيبة جده التي
تعنو لها الجباه ، ووصف عظيم هيبته بعض الجلادين من شرطة ابن زياد
بقوله :
” لقد شغلنا نور وجهه ، وجمال هيبته عن الفكرة في قتله ” .
ولم تحجب نور وجهه يوم الطف ضربات السيوف ، ولا طعنات
الرماح ، فكان كالبدر في بهائه ونضارته وفي ذلك يقول الكعبي :
ومجرح ما غيرت منه القنا حسنا * ولا أخلقن منه جديدا
قد كان بدرا فاغتدى شمس الضحى * مذ ألبسته يد الدماء برودا
ولما جئ برأسه الشريف إلى الطاغية ابن زياد بهر بنور وجهه
فانطلق يقول :
” ما رأيت مثل هذا حسنا ! ! ” .
فانبرى إلى أنس بن مالك منكرا عليه قائلا :
” أما أنه كان أشبههم برسول الله ؟ ” ( 1 ) .
وحينما عرض الرأس الشريف على يزيد بن معاوية ذهل من جمال هيبته
وطفق يقول :
” ما رأيت وجها قط أحسن منه ! ! ” .
فقال له بعض من حضر :
” إنه كان يشبه رسول الله ( ص ) ” ( 1 ) .
لقد أجمع الرواة أنه كان يحاكي جده الرسول ( ص ) في أوصافه
وملامحه وأنه كان يضارعه في مثله وصفاته ، ولما تشرف عبد الله بن الحر
الجعفي بمقابلته امتلأت نفسه اكبارا وإجلالا له وراح يقول :
” ما رأيت أحدا قط أحسن ، ولا أملا للعين من الحسين . . “
لقد بدت على ملامحه سيماء الأنبياء وبهاء المتقين ، فكان يملا عيون
الناظرين إليه ، وتنحني الجباه خضوعا وإكبارا له .
ألقابه :
أما ألقابه فتدل على سمو ذاته ، وما يتمتع به من الصفات الرفيعة
وهي :
1 – الشهيد .
2 – الطيب .
3 – سيد شباب أهل الجنة .
4 – السبط ( 2 ) لقوله ( ص ) : ” حسين سبط من الأسباط ” ( 3 ) .
5 – الرشيد .
6 – الوفي .
7 – المبارك .
8 – التابع لمرضاة الله ( 1 ) .
9 – الدليل على ذات الله .
10 – المطهر .
11 – البر .
12 – أحد الكاظمين ( 2 ) .
كنيته :
كان يكنى بأبي عبد الله ( 3 ) وذكر غير واحد من المؤرخين أنه لا
كنية له غيرها ( 4 ) ، وقيل : إنه يكنى بأبي علي ( 5 ) وكناه الناس من بعد
شهادته بأبي الشهداء وأبي الأحرار .
نقش خاتمه :
كان له خاتمان أحدهما من عقيق ، وقد نقش عليه ” ان الله بالغ أمره ” ( 6 ) الثاني وهو الذي سلب منه يوم قتل ، وقد كتب عليه ” لا إله
إلا الله عدد لقاء الله ” ، وقد ورد ” أن من يتختم بمثله كان له حرز من
الشيطان ” ( 1 ) .
استعماله الطيب :
وكان الطيب محببا إليه فكان المسك لا يفارقه في حله وترحاله ، كما كان بخور العود في مجلسه ( 2 ) .
دار سكناه :
وأول دار سكنها مع أبويه كانت الدار المجاورة لبيت عائشة ولها باب من المسجد ، وتعرف بدار فاطمة ( 3 ) .

شاهد أيضاً

من حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام (03)

في ظلال القرآن والسنة وعنى الاسلام كتابا وسنة بشأن الإمام الحسين ( ع ) وأولاه ...