المعظَّم، فعلينا وداع شهر الله تعالى بخير وداع، وذلك باستغلال آخر لياليه المباركة بالتقرُّب إلى الله تعالى ما أمكننا منها، وكذا العمل لكي لا يمضي الشهر المبارك علينا بدون أن تُعتَق رقابنا من النَّار، ويغفر الله تعالى لنا ما ارتكب من الذنوب فيما سلف، وهذا ما يستشفُّ من خلال الإطلاع على مضامين الأدعية الواردة في وداع شهر الله تعالى، وعن إمامنا ومولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف أنَّه كتب إلى محمَّد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله، حيث سأله عن وداع شهر رمضان، متى يكون ؟ قد اختلف فيه أصحابنا، فبعضهم يقول: يقرأ في آخر ليلة منه، وبعضهم يقول: هو في آخر يوم منه، إذا رؤي هلال شوال: التوقيع: “العمل في شهر رمضان في لياليه والوداع يقع في
آخر ليلة منه، فإن خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين”13.
وعمل ليلة الوداع موجود في كتب الأدعية والزيارات، ومن أهمَّ الأدعية في هذه الليلة الدعاء الوارد في الصحيفة السجاديَّة للإمام زين العابدين عليه السلام ، وهو الدعاء الخامس والأربعون منها، وأوله: “أللَّهُمَّ يَا مَنْ لا يَرْغَبُ فِي الْجَزَاءِ، وَلاَ يَنْدَمُ عَلَى الْعَطَآءِ، وَيَا مَنْ لاَ يُكَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوآءِ، مِنَّتُكَ ابْتِدَاءٌ، وَعَفْوُكَ تَفَضُّلٌ، وَعُقُوبَتُكَ عَـدْلٌ، وَقَضَاؤُكَ خِيَرَةٌ، إنْ أَعْطَيْتَ لَمْ تَشُبْ عَطَآءَكَ بِمَنٍّ، وَإنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ تَعَدِّيا تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وَأَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ، وَتُكَافِئُ مَنْ حَمِدَكَ وَأَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ…”
13- م.س- ج 10- ص 364