عادت أمية وأبناء عمومتهم “بنو قريضة” يرفعون رايات يا لثارات بدر وخيبر والخندق وصفين والنهروان وأطلقت عنان فتاوى وعاظ سلاطينها الذين لا صلة لهم بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد ليفتوا باستباحة دماء المسلمين واستهداف بلدانهم وتدمير مدنهم وانتهاك حرماتهم وحرق الأخضر واليابس وذبح الصغار والكبار رجالاً ونساءاً وتقطيع أوصالهم وأكل أكبادهم معيدين للذاكرة فعلة أمهم “هند” بجسد حمزة سيد الشهداء .
أخذ من حمل لواء “الداعية” و”مسند الفتاوى” ممن أضحوا مطية لأبليس والشيطان الأكبر وربيبته الكيان اللقيط وزعماء الجاهلية والقبلية والصنمية ممن يترأس “نظام الاعتدال العربي” على عاتقهم بان لن يتركوا للأمة الاسلامية ولا لشعوبها فرصة للراحة أو مجالاً للانسجام والتلاقي أو خيطاً من خيوط الأخوة الاسلامية رسالة خاتم المرسلين وحبيب رب العالمين (ص) خلاصاً للبشرية من الظلام والشرك والجهالة والاستحمار، مصرين على إشغالها بالخلافات والنزاعات المهلكة التي تعمّها وتتخلّل صفوفها عن قضية المطالبة بالحقوق والاصلاح والتغيير المطلوب اسلامياً .
فألبسوا فتاواهم حلة طائفية لتزحف الى كل شبر من الوطن الاسلامي لتأكل أخضر هذه الأمة ويابسها، حيث أضحى شعار الطائفة والمذهب والقومية التي نأى عنها الاسلام، هو الشعار المختار والمفضل عند هذه الفئة الباغية التي تقود الأمة سياسياً ودينياً حيث أخذت على عاتقها بأن لا ترحم الأمة ولا تراعي حرماتها حرمات الله (جل وعلا)، فئة لا يهمها أمر الدين ولا قدسيته وكل ما يهمها كرسي الحكم وسلطانه، وهو الأكثر امتطاءاً من هؤلاء الذين أبتليت بهم الأمة لنشر الفتنة، وتفجير الأوضاع، وتفتيت وحدة الأمة وكيان الشعب الواحد، وتمزيق أشلائه، في كل مكان من العراق الجريح الذبيح وحتى الجزائر ومن سوريا حتى اليمن الدامي بعدوان جاهلي، مروراً بلبنان ومصر والبحرين الذي لم يبق من جسده إلا واستهدفته يد الغدر والنفاق والخيانة الأموية – الصهيونية – العربية – الجاهلية – الخليجية العميلة. يستهدفون بفتنتهم الطائفية ومذهبيتهم المشتعلة كل شبر من أرض عراق علي والحسين عليهما السلام حقداً وبغضاً وكراهية للدين الاسلامي المحمدي الأصيل ولأهل بيت النبوة والرسالة (ع) ولأتباعهم وشيعتهم ومحبيهم ليزيدوا البلاد ويلاتاً ودماراً ظناً منهم أن شيعة محمد (ص) وعلي (ع) وأبناءهم المعصومين الميامين (ع) سيتراجعون عن حقوقهم الحقة ومعتقداتهم الراسخة خوفاً من سيارات حقدهم المفخخة أو أحزمتهم الناسفة بفعل جهلتهم ومغفليهم مستهدفين الأبرياء العزل ويسفكوا دماءهم البريئة، خاصة كلما أقتربنا من مراسم دينية عهد الشعب العراقي القيام بها على أفضل الأشكال والصور لتبقى شوكةً في عيون أعداء أهل بيت النبوة والامامة من القاسطين والمارقين والمنافقين .
فتنة “سقيفة بني ساعدة” عقدت نطفة الانحراف في قلوب الذين يأسوا وحملوا في نفوسهم عداء محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشيعتهم ومحبيهم وانصارهم ومواليهم وعقدوا العزم على تفريق حشود المسلمين وتمزيق صفوفهم الموحدة بمختلف الاساليب والحيل والخدع، فاستهدفوا أئمة المسلمين أبناء الرسول (ص) وشيعتهم وأنصارهم هنا وهناك بعناوين مختلفة منها .
التاريخ يروي ما صنع بنو أمية ومن بعدهم بنو العباس ببني هاشم وشيعتهم، وكيف استباحوا دماءهم وهتكوا أعراضهم وصادروا أموالهم وبنوا الكثير منهم بين الجدران وجعلوا الآخرين في مقابر جماعية أمتدت على طول التاريخ وما المقابر الجماعية التي صنعها المقبور “صدام” في العراق ومن خلفه الارهاب الوهابي السلفي التكفيري إلا نموذج من تلك الأفعال الشنيعة التي مرت على أهل البيت (ع) ومحبيهم طوال التاريخ خوفاً من اعتلاء كلمة الاسلام المحمدي الأصيل الذي جاء به خاتم الرسل (ص) وتبناه أبناؤه من أئمة المسلمين واحداً بعد آخر وقدموا الغالي والنفيس من أجله.
الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) الذي نعيش ذكرى استشهاده المؤلم على يد الطاغية العباسي “هارون”، رمز من رموز أئمة الهداية والنور الألهي الذين عانوا ما عانوا من الفكر الأموي – العباسي – التكفيري – السلفي – النفاقي، حيث عاش مرحلته في حركة العلم بجميع حاجات الناس في عهد “هارون” الذي عرف بسلطته الظالمة تجاوز بها حدود الله (عزوجل)، وعندما ندرس حركته من خلال الذين تعلّموا منه ورووا عنه، فإنَّنا نجد مدرسته تتميّز بالتنوّع في الذين أخذوا منها ما أخذوه من علم، بحيث لم تكن مدرسته مدرسةً مذهبيّةً تقتصر على الذين يلتزمون بامامته وحسب، بل كان مرجعاً لكلِّ الناس الذين يتنوّعون في اهتماماتهم. كان “هارون الرشيد” يعرف القيمة التي اختزنتها قلوب المسلمين في محبة الامام الكاظم (ع)، ويعرف مدى امتداداته وامتثال المسلمين لأوامره ونواهيه وطاعته، وتنجذب اليه (ع) بقلوبها وعقولها وإيمانها، لما كان يمثّله من الخطِّ المستقيم الذي يريد الله سبحانه وتعالى للناس أن يهتدوا إليه وينطلقوا فيه في كلِّ حياتهم.
لم يطق الخليفة العباسي هذا الأمر فأمر باعتقال الامام موسى بن جعفر (ع) في مطامير السجون المظلمة ليمكث فيها (ع) أكثر من أربعة عشر عاماً على أغلب الروايات وهو مقيد من سجن لآخر حتى حمل (ع) مقيداً بالحديد من البصرة حتى بغداد من سجن الفضل بن الربيع حتى سجن “السندي بن شاهق” الذي كان اشدها وأضيقها واظلمها على الامام (ع). ولم يكتف “هارون” بذلك بل بعث رطباً مسموماً وامر “السندي” ان يقدمه الى الامام (ع)، فقام “السندي” لعنه الله باجبار الامام الكاظم (ع) على الاكل من هذا الرطب، فأكل منه وبعد لحظات أخذ السم يجري في جسم الامام وهو يعاني اشد المعاناة من الم السم فبقي متألماً ثلاثة أيام بعدها انتقل الى رحمة ربه فالسلام والصلاة على سيدنا الامام الكاظم (ع) شهيد السجون.
ما يجري اليوم في العراق وسوريا ولبنان والبحرين من أحداث دموية تستهدف الشعب الأعزل أمر غير معقول بالمرة ولا يمكن للعقل البشري أن يتصوره أو يفهمه أو يحلله، فهو صراع رهيب بين العقل والجنون، والواقع والخيال، وفوق طاقات فهم العقل البشري حيث يمثل هزيمة للعقل والنور والخير وانتصاراً للجنون والظلمات والشر لشرخ الصف الاسلامي الموحد والعودة بنا الى الجاهلية ولكن نقول لهم “أقتلونا.. القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة” كما خاطب بها الامام السجاد (ع) مخاطباً “ابن زياد” في مجلسه بالكوفة بعد فاجعة كربلاء، واستباحتكم لدمائنا لن تثنينا عن التمسك والالتفاف بنهج أهل بيت النبوة والامامة عليهم السلام .
Site